ابحث في الموقع

«حبّوبة» كم دفعتم للتدهور البيئي في العراق؟

«حبّوبة» كم دفعتم للتدهور البيئي في العراق؟
«حبّوبة» كم دفعتم للتدهور البيئي في العراق؟
بقلم: سيف الكرعاوي

في أحد أماكن الانتظار الخاصة بالمشافي الاهلية لمرضى السرطان في العراق، ينادي ذلك الطفل الذي لم يكمل السادسة من عمره، ينادي جدته “حبوبة” او “حبوبا” كما سمعتها “وهي لفظة جنوبية، تطلق على الجدات”، يسألها “شكد دفعتوا فلوس”، لأكتشف ان سعر الاشعة التي كررتها تلك الجدة (3) مرات، يبلغ سعر الواحدة منها (750) الف دينار، لمعرفة مستوى انتشار الاورام في الجسد.

ولا يمكن فهم كلفة التدهور البيئي من دون النظر إلى أرقام السرطان نفسها؛ فبحسب تقديرات الوكالة الدولية لبحوث السرطان (GLOBOCAN 2020) يسجّل العراق أكثر من 25 ألف حالة سرطان جديدة سنويًّا ونحو 14 ألف وفاة، بمعدل إصابة معياري يقارب 136.6 حالة لكل 100 ألف نسمة، ومعدل وفيات يقارب 84.4 حالة لكل 100 ألف نسمة

وهنا تبادر لفكري هذا السؤال “إذا كان راتب موظف يحمل شهادة البكالوريوس لا يتجاوز أحيانًا 500 ألف دينار، فكيف يمكنه أن يواجه وحده، كلفة ثلاث فحوصات يبلغ سعر الواحد منها 750 ألف دينار؟”، ثم الاهم هل ادركت حكوماتنا عندما اعطت الموافقات على استخراج النفط، وتشغيل المصانع، او غيرها من الاساليب “كيف يمكن ان تؤثر هذه على ارتفاع نسب السرطان؟”

حسب الإحصاءات المتوفرة، بلغ المعدل العمري المعياري للإصابة بالسرطان في العراق عام 2022 نحو 158.9 حالة لكل 100 ألف نسمة، مع تسجيل محافظات النجف (123.7)، والسليمانية (121.4)، وأربيل (119.9)، وكربلاء (111.8) إصابة لكل 100 ألف نسمة كأعلى المعدلات على مستوى البلاد.

ان الموت البطيء والسرطان الذي يلوح في الافق، عوامل ساهم فيها ما يجري في العراق من تدهوراً بيئي، صرنا نلاحظه مع ارتفاع مؤشرات قياس جودة الهواء، ووصوله لمستويات “الخطر” في بعض الاحيان، فهل أدرك سياسيّو هذا البلد أو ساسة هذا البلد، ان بعض فئات المجتمع، غير قادرة على تشخيص ما اذا كانت مصابة بالسرطان من سوء ادارتهم، وسوء استخدام السلطة، والعقود التي تشوبها المخالفات “على حد وصف بعض المختصين”؛ واعلم ان من يقول “لا يمكن القول إن كل حالة سرطان سببها التلوث”، لكن الدراسات تربط بين تلوث الهواء والماء وبين زيادة احتمالات الإصابة بالأورام، خاصة في المدن القريبة من حقول النفط والمصانع.

قبل أن نسأل “حبوبة شكد دفعتوا فلوس؟”، ربما علينا أن نسأل حكوماتنا: كم دفع هذا البلد من صحته مقابل كل برميل نفط، وكل مصنع بلا رقابة، وكل قانون بيئي لا يُطبَّق؟

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!