- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل حان الوقت لوقف التهاون مع الأردن وفلسطين؟

بقلم: راجي سلطان الزهيري
في ليلة كروية كان من المفترض أن تسودها الروح الرياضية والأخلاق التي تميز كرة القدم باعتبارها موحدة الشعوب. شهدت مباراة المنتخب العراقي أمام نظيره الفلسطيني في تصفيات كأس العالم حادثة مخزية على مدرجات التشجيع خارج إطار المستطيل الأخضر حيث صدحت بوقاحة جماهير فلسطينية وأردنية بهتافات مسيئة ضد العراق وشعبه تجاوزت حدود النقد الرياضي إلى إهانة كرامة بلد وشعب باكمله.
كرة القدم: لعبة أم حرب سياسية؟
كرة القدم ليست مجرد لعبة بل هي مساحة للتنافس الشريف والمباريات لا تنتهي عند صافرة الحكم بل تمتد إلى مشاعر الجماهير وفرحتهم أو خيبتهم. خسارة العراق أمام فلسطين بهدفين مقابل هدف هي جزء طبيعي من اللعبة وكان المنتخب الفلسطيني بالفعل الطرف الأفضل واستحق الفوز بكل جدارة وهو ما بدا واضحاً بكل التحليلات العراقية التي هنأته على الفوز والاداء الجيد لكن ما جرى بعد المباراة لم يكن له علاقة بالرياضة بل كان موقفاً سياسياً أُفرغ في صيغة هتافات بذيئة ضد العراق.
قطعاً، لا يمكن لعراقي حرّ أن يقبل هذه الإهانات ليس لأنها صادرة عن فئة مندسة من الجماهير بل لأنها تعكس حالة كراهية متأصلة لا يمكن السكوت عنها. كيف يمكن أن يقابل العراق الذي دعم الأردن بالنفط بأسعار تفضيلية وساهم في تمويل السلطة الفلسطينية لعقود بمثل هذا الجحود. هل هذا هو رد الجميل لدولة وقفت دائماً في صف القضايا العربية.
الأمر لا يقتصر على مباراة كرة قدم بل هو جزء من نهج مستمر لاستهداف العراق ومحاولة عزله عن المحيط العربي وما يزيد من خطورة الأمر هو الصمت الرسمي حيث لم نسمع أي اعتذار أو استنكار من الاتحادات الرياضية أو الجهات الرسمية في الأردن وفلسطين. وهذا الصمت ليس غريباً بل هو انعكاس لحالة الاستهتار بمكانة العراق.
الحكومة العراقية: محك اختبار الكرامة
اليوم لم يعد الصمت مقبولاً فالحكومة العراقية مطالبة بموقف فوري وحازم تجاه هذه الإساءات فالعلاقات السياسية والاقتصادية لا يمكن أن تكون من طرف واحد إذا كانت هذه الجماهير ترى في العراق عدواً فلماذا يستمر العراق في دعمهما، لماذا يمد العراق يده بالدعم لمن لا يراه سوى بقرة حلوب.
يجب إعادة النظر في كل الاتفاقيات الاقتصادية مع الأردن وفلسطين فالعراق ليس دولة تستعطي التقدير بل هو دولة قوية بتاريخها وشعبها ولم يعد مقبولًا أن يكون العراقي عرضة للشتائم والإهانات وهو الذي قدّم الكثير للأشقاء.
الخلاصة: كرامتنا فوق الاعتبارات
ليس المطلوب اليوم بيانات دبلوماسية أو ردود فعل باردة وخافتة تراعي مصالحها المضمّرة بل المطلوب موقف وطني يعيد للعراق هيبته. الرياضة ليست ميداناً للعنصرية ولا مكاناً لتفريغ الأحقاد السياسية ومن يسيء للعراق يجب أن يواجه العواقب ويقف عند حده. لا يمكن أن نمد يدنا لمن يعضها ولا يمكن أن نصمت على من يسيء إلينا. العراق جمجمة العرب كان وسيبقى كبيراً ومن يقلل من شأنه فلينظر في تاريخه الممزق وهويته المتشظيّة قبل أن يتطاول.