رغم كون العراق من أبرز الدول النفطية في الشرق الأوسط، إلا أنه يواجه مشكلة مزدوجة منذ ما يزيد على عقدين من الزمن في الغاز، حيث يستورد منه بمليارات الدولارات سنويا لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، فيما يقوم بالمقابل بحرق ما يمكنه من تأمين احتياجاته وتجنب إنفاق هذه المليارات وحماية البيئة من التلوث.
واليوم وفي خطوة لخلق طفرة جديدة في قطاع النفط، أطلقت الحكومة العراقية، فعاليات توقيع مشاريع ملحق جولة التراخيص الخامسة والجولة السادسة، والتي ستتضمن 29 رقعة استكشافية نفطية وغازية موزعة على 12 محافظة، والتي يترقب العراق منها إضافة مليوني برميل نفط يومياً الى الإنتاج، فضلا عن حوالي 3460 مقمق يومياً من الغاز، حيث حصلت محافظتي الأنبار والمثنى على حصة الأسد من تلك الجولتين.
وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال انطلاق الحفل، وتابعته وكالة نون الخبرية، إن "اليوم يمثل بداية لجهود وفرص أكبر ستنعكس على كل مفصل من مفاصل اقتصادنا الوطني"، معرباً عن "تقديره للجهود التي بذلتها الأجهزة والوزارات المعنية، التي انتهت إلى تهيئة البيئة الملائمة لإطلاق هذه المشاريع".
وأشار رئيس مجلس الوزراء، إلى "البرنامج الحكومي الذي أفرد باباً واسعاً لرؤية الحكومة بتحقيق شعار (نحو الاستثمار الأمثل للنفط والغاز)، عبر اعتماد سياسة جديدة في استثمار الثروة النفطية، كما أكد التزام الحكومة وجميع مؤسسات الدولة، في العمل بعيداً عن البيروقراطية والروتين المعقد، من أجل تسهيل بيئة الأعمال والاستثمار".
وشدد، على "ضرورة توظيف العائدات المتوقعة للنهوض بباقي المجالات الاقتصادية، التي ينتظرها شعبنا"، مؤكداً أن "العراق رقم صعب في معادلة الطاقة والثروات النفطية في العالم".
وأضاف رئيس مجلس الوزراء، أن "هدفنا استثمار هذه الثروة بدءاً من إنهاء حرق الغاز المصاحب الذي سيتوقف خلال 3-5 سنوات، وإيقاف الآثار البيئية المدمرة لهذه العملية"، مؤكداً "التوجه إلى استثمار ما لدينا من إنتاجية للنفط وتحويلها إلى الصناعات التحويلية من البتروكيمياويات".
وذكر رئيس مجلس الوزراء، أن "هدفنا تحويل 40% من إنتاج النفط خلال السنوات الـ 10 القادمة إلى منتجات نفطية"، منوهاً بأن "استثمار الغاز الحرّ، الذي ينفذ عبر الجولة السادسة، أهم استثمار لهذه الثروة المعطلة".
وأوضح، رئيس مجلس الوزراء: "نمضي بالمشاريع المتكاملة للنفط، التي أُعلنت، ويجري البحث مع الشركات بشأنها"، مبيناً أن "إنشاء منصة الغاز الثابتة في ميناء الفاو الكبير، مع مشروع طريق التنمية، الذي يتضمن خطاً لنقل النفط والغاز، سيؤسس إلى وضع جديد للعراق على مستوى سوق الطاقة العاملة".
ولفت إلى، أن "وزارة النفط عملت على الإعداد لهذه الجولات، عبر الورش والاجتماع مع الاستشاريين"، ولفت الى، انه "لدينا عشرات الشركات العالمية تتنافس لاستثمار الثروة، وهذا دليل على زيادة ترابط العراق بالاقتصاد العالمي".
وأكد رئيس مجلس الوزراء: "باشرنا في إصلاحات حقيقية في الضريبة والجمارك، والإصلاح المصرفي، لاستكمال البيئة الاستثمارية المثالية لعمل الشركات النفطية"، موجهاً "وزارة النفط برسم هذه السياسة والاندفاع بقوة دون تردد لوضع الخطط المثلى لاستثمار الثروة، وستجد كامل الدعم من الحكومة، ومجلس النواب".
وشدد رئيس مجلس الوزراء، بالقول: "لن نلتفت للأصوات المعطلة"، مؤكداً على "وزارة النفط بأن تبادر بإجراءات واثقة ومعبرة"، داعياً "الشركات المستثمرة للمباشرة بمهامّها بأسرع وقت".
واختتم بالقول: "حرصنا على توزيع المشاريع في أكثر من محافظة؛ لتحقيق أوسع تنمية في عموم محافظات العراق".
ويستورد العراق بموجب اتفاق مع إيران نحو 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً عبر مجموعة من الأنابيب في شرق وجنوب البلاد، تم تشييدها لتجهيز محطات الكهرباء العراقية التي تعمل بالغاز.
إلى ذلك، قال وزير النفط حيان عبد الغني، في كلمته خلال فعاليات حفل إطلاق جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، إن "الوزارة تطرح اليوم 29 مشروعاً واعداً ضمن جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة، لنبدأ مرحلة جديدة نحو النهوض بالصناعة والثروة النفطية والغازية بعد تجربة خمس جولات تراخيص انطلقت العام 2008".
وأضاف أن "وزارة النفط حققت من خلال جولات التراخيص إحالة 27 عقداً لرقع وحقول نفطية وغازية إلى شركات عالمية كان لها تأثير كبير على مستويات الإنتاج والإيرادات المالية الحكومية من خلال إضافة أكثر من 2 مليون برميل يومياً من النفط الخام إلى الإنتاج الوطني".
ولفت إلى أن "جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة ستشمل 12 محافظة تتضمن فرصاً استثمارية، بالإضافة إلى المناطق البحرية في الخليج العربي، وستسهم هذه المشاريع في التوسع الاقتصادي ونمو المحافظات من حيث توفير فرص العمل وتنشيط النشاط الاقتصادي في المناطق المحيطة تدريجياً مما سيؤدي بدوره إلى زيادة الاستقرار وتشغيل الأيدي العاملة وتحقيق الاستفادة القصوى من احتياطات الغاز لتلبية الاحتياجات المتزايدة من الغاز في توليد الطاقة الكهربائية والصناعات الأخرى".
وأكد على "تقديم الدعم والإسناد والتسهيلات الممكنة للشركات الفائزة في تطوير الحقول النفطية والغازية"، مشيراً إلى "النجاح في قطاع التصفية بإضافة أكثر من 360 ألف برميل يومياً إلى الإنتاج الوطني".
وأعرب، عن أمله في "الإعلان عن ارتفاع احتياطي النفط العراقي مستقبلاً إلى أكثر من 160 مليار برميل".
يشار إلى أنه من بين 29 رقعة غازية ونفطية، سيكون هناك 10 رقع غازية ونفطية في الانبار لوحدها أي اكثر من ثلث الرقع ستكون في الانبار، فيما تتقاسم 11 محافظة في الثلثين الاخرين أي بـ19 رقعة متبقية، وستضم صلاح الدين رقعة واحدة، ونينوى 3 رقع، فيما تشترك النجف في 4 رقع وحقول مع الانبار والمثنى وكربلاء وبابل، ميسان رقعتين، و6 في المثنى تشترك في اثنين منها مع النجف وواسط، و2 في البصرة، وواسط 3، بعضها مشتركة مع محافظات أخرى.
فيما تشارك 22 شركة من 13 دولة، من بينها 8 شركات صينية، في منافسات تطوير الحقول، فضلا عن شركتين روسيتين، وواحدة من بريطانيا، وهولندا، وانغولا، وقطر، وشركتين من الامارات، وايطاليا وفرنسا واندنوسيا، وماليزيا وتركيا.
من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة، عن أسماء الحقول التي تم الإعلان عنها وهي: (شرقي بغداد – الامتدادات الشمالية – ديمة – ميسان – حقل الفرات الأوسط – عكاشات – الفاو – العنز – تل حجر – بولخانة – عانة)، وفقاً لصحيفة العالم الجديد.
وفازت شركة "زد بي إي سي" الصينية (ZPEC) بأول ترخيص ضمن جولتي التراخيص الجديدتين، وذلك لاستثمار حقل (شرقي بغداد – الامتدادات الشمالية) فيما فازت شركة KAR العراقية، باستثمار حقل ديمة – ميسان، ضمن ملحق جولتي التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة”. وفقاً لوكالة الأنباء العراقية.
ويتم حرق الغاز عندما تقوم شركات الوقود الأحفوري بإشعال غاز الميثان الفائض من عمليات النفط بدلا من حفظه في الأنابيب. عند حرقه، ينبعث في الغلاف الجوي هذا الغاز القوي من غازات الدفيئة، والذي يعتبر أكثر تأثيرا بـ80 مرة على الاحترار العالمي من ثاني أكسيد الكربون على مدى فترة 20 عاما، بعد روسيا، يأتي العراق في المرتبة الثانية بين الدول التي تُسجل فيها أعلى مستويات لحرق الغاز في العالم.
ويُطلِق الحرق أيضا ملوثات سامة معروفة بأنها تضر بصحة الإنسان، بما فيها البنزين، وهو مادة مسرطنة للإنسان يمكن أن تسبب اللوكيميا.
وكان مجلس الوزراء، أقر في شباط 2023، توصية المجلس الوزاري للطاقة (23015 ط لسنة 2023) التي تنصّ على المضيّ بتوقيع عقود جولة التراخيص الخاصة بالرقع والحقول الحدودية (الجولة الخامسة) توقيعاً نهائياً وتفعيلها، لمضي فترة طويلة جداً على إحالتها.
أقرأ ايضاً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا
- ارتفاع أسعار الدولار في العراق