تثير مسألة الجفاف مخاوف كبيرة من فقدان العراق للاهوار جنوبي البلاد، في ظل التناقص الكبير في مناسيب المياه، والتي أدت في العام الماضي الى نفوق 4500 رأس جاموس، فضلاً عن هجرة غالبية الأسر الساكنة في الاهوار وتركها مناطقها.
الاهوار هي مجموعة من المسطحات المائية التي تغطي الأراضي المنخفضة الواقعة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي، وتكون في محافظات ميسان وذي قار والبصرة، وتتسع مساحة الأراضي المغطاة بالمياه وقت الفيضان في أواخر الشتاء وخلال الربيع وتتقلص أيام الصيف.
يضم العراق ثلاثة أهوار رئيسية، هي هور الحويزة الواقع على الحدود الإيرانية، وهور الحمّار، وأهوار الفرات التي تمتد من مناطق شمال وغرب محافظة البصرة وجنوب منطقة العمارة إلى قرب مصب دجلة والفرات في الخليج.
المخاوف في صيف 2023 نابعة من تكرار سيناريو الصيف الماضي، والذي كان جافاً بشكل كبير، حيث خسرت منطقة الاهوار غالبية معالمها، وهجرها أهلها صوب محافظات اخرى، جراء الانحسار الكبير في كميات المياه، والتي تحتاجها تربية الجاموس، والذي يدر دخلاً جيداً على مربيه، فضلاً عن تواجد أعداد كبيرة من الطيور في منطقة الاهوار في حال توفرت المياه.
بهذا الصدد قال رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب الاسدي انه “وبسبب جفاف الاهوار في الفترة الاخيرة وانخفاض مناسيب المياه، تعرضت جواميس الاهوار الى النفوق، وهذا تسبب بتناقص اعداد الجاموس هناك”، مبيناً أن “التغيرات المناخية اصبحت اللاعب الرئيس في مناطق الاهوار، وتقلص بسبب ذلك مساحات كبيرة من مناطق الاهوار”.
خمسة أسباب وراء نفوق الجاموس
وذكر الاسدي ان “هنالك عدة اسباب أدت الى نفوق الجاموس، منها تناقص مناسيب المياه، وارتفاع نسبة الملوحة، وتلوث المياه، وقلة الخدمات البيطرية التي اصبحت حاجزاً امام مربي الجاموس، وعدم وجود رعاية من الدولة تجاه هذه الثروة التي تعتبر وطنية، مما اضطر بعض مربي الجاموس الى الهجرة او بيع الجاموس”.
وحذّر الاسدي من أن “هذا الامر سيتسبب بمشكلة وخللاً كبيراً في مناطق الاهوار”، منوها الى ان “العام الماضي شهد نفوق 4500 رأس جاموس وهي نسبة كبيرة جداً، واذا استمر الوضع كما هو عليه في السنوات القادمة وتكرار مراحل الجفاف سيكون الوضع خطراً في الاهوار على مربي الجاموس، ممن يعتمدون في معيشتهم على تربية الجاموس وصيد الاسماك والسياحة وغيرها، والتي تعتمد بشكل مباشر على مناسيب المياه الواصلة الى الاهوار”.
بحسب المديرية العامة للسدود في العراق، تشكل الأمطار 30% من موارد البلاد المائية، في حين تقدر كميات مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران بنحو 70%.
رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية، ذكر انه “وفي السنوات الاخيرة شهدت مناطق الاهوار تناقصاً كبيراً بحصصها المائية، بسبب التجاوز عليها، ما ادى الى انخفاض اعداد الجاموس فيها، لكننا نأمل في السنة القادمة ان تكون الأوضاع في الاهوار افضل، ونأمل ان تكون هنالك حصة مائية للاهوار، أما بخلاف ذلك فسيتكرر سيناريو السنوات السابقة”.
هجرة 80% من سكان الأهوار
الاسدي، لفت الى ان “اكثر من 80% من سكان الاهوار هجروا مناطقهم بسبب جفاف الاهوار، حيث كانت هجرة قسم منهم داخلية، بينما القسم الاخر انتقلوا الى محافظات اخرى، في حين عاد جزء قليل منهم فقط الى مناطقهم”، محذراً: “عدا فقدان الثورة الحيوانية جراء نقص المياه، بدأنا نفقد الثروة المجتمعية بسبب التغيرات المناخية وهجرة سكان الاهوار”.
وزارة الموارد المائية العراقية أكدت مؤخراً أن هناك مفاوضات متواصلة مع الجانب التركي بهدف حل مشكلة حصص المياه، وتفعيل بنود الاتفاقية المائية التي أقرت في عام 2021، فيما أطلق الجانب التركي مياه دجلة لمدة شهر بعد زيارة رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني إلى أنقرة.
وتصنّف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخي، في حين يندّد العراق بالسدود التي تبنيها تركيا وإيران المجاورتان والتي تسبّبت بنقص ملحوظ بمنسوب الأنهار الوافدة إلى أراضيه.
مع تراجع الأمطار، استفحل الجفاف بقوّة في السنوات الأربع الأخيرة، ما دفع السلطات إلى الحدّ بشكل كبير من مساحات الأراضي المزروعة بما يتناسب مع كميات المياه المتوفرة.
وسائل إعلام
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)
- القائم بالاعمال السفارة العراقية في سوريا: جوازات مرور وسمات دخول واقامات قدمها العراق الى مواطنيه وضيوفه