بقلم: د. أثير ناظم الجاسور
اعتاد العراق بعد العام 2003 على تشكيل جبهات من قبل الاحزاب والشخصيات التي تحاول بطريقة او باخرى ان تمسك بزمام السلطة فيه كنوع من السيطرة وبسط النفوذ، تارة تعمل ضمن احياء الهوية الدينية وتارة تعمل على فكرة التحالفات المتنوعة لاضهار شكلها الوطني وتارة اخرى تعمل ضمن سياقات مختلفة خارج نطاق التوقعات، كل هذا من اجل ان تتشكل جبهات صديقة ومضادة جُل عملها ان تكون نداً لخصم سياسي موجود او خشية من ظهور خصم محتمل، بعد العام 2003 عملت الولايات المتحدة من خلال مشروعها في العراق ومن خلال الاحزاب القادمة معها على تشكيل جبهات متضادة منها الدينية والطائفية والقومية في سبيل اضعاف العراق كدولة لا تستطيع ان تجابه التوجهات الامريكية في العراق والمنطقة ويبقى العراق السائر خلف هذا المشروع، وهذا ما جاء وفق المشروع التقسيمي الذي اطلق عليه مشروع بايدن الذي حاولوا من خلاله تقسيم العراق إلى دول ثلاث (سنية – شيعية – كُردية)، هذا المشروع لم ولن ينجح لاسباب اهمها ان كل دولة من هذه الدولة ستتخلص بطريقة او باخرى من السيطرة الامريكية بشكل تام لتذهب على الدول التي تتوافق معها مذهبياً وقومياً.
لن تنجح عملية التقسيم هذه ايضاً بسبب الخلافات والتحديات والصراعات التي ستتشكل سواء على ترسيم حدودها او الموارد وديموغرافية كل منها لما تحتويه من تنوع على اقل تقدير، فكانت الخطة (ب) هي الاكثر رجحاناً في ابقاء العراق ضعيفاً تحتويه المشاكل على طول الخط من خلال الحديث عن تحالفات وجبهات تتشكل فيما بعد الانتخابات تحت تسمية الكتلة الاكبر التي ظل الخلاف حولها إلى هذه اللحظة، فباتت تتشكل الجبهات وفق ما ترتأيه مصالح القوى والشخصيات المتحلفة التي بالضرورة خلقت جملة من المشاكل كان اهمها واخطرها دخول تنظيم داعش الارهابي وضياع ثلث الاراضي العراقية بعد ان انفرط عقد التحالفات السابقة واصبح الاصدقاء اعداء وخصوم وجبهات متناحرة، يتابدلون الاتهامات لتتعالى لغة التخوين والوعيد بالقضاء الواحد على الاخر.
اليوم وبعد ان اعطت نتائج الانتخابات مؤشرات الوهن الكبير في جسد هذه التحالفات التي لا تستطيع ان تصل لمستوى العمل السياسي المحترف التي اوصلت الصراع على تنفيذ الخطط التي تحاول كل جبهة تحقيقها على منطلقات يراها الكثيرون لا تسير وفق الرؤية المنطقية او العقلانية، فحتى تحاول ان تضرب خصم اليوم لابد من ان تتحالف او تفتح باب الحوار مع خصم الامس وبهذا يكون امامك خيار لا ثاني له اما ان تقنع جمهورك ان السياسة لا تبقي الوضع على حاله بالتالي تجعل مثل هذه القضايا من بديهيات عمل هذه الاجواء في سبيل الحصول على السلطة، وبهذه الطريقة ستكون امام خيارين الاول اما ان يقتنع الجمهور بالخطوات وفق مبدأ الضرورات تبيح المحضورات او تخسر الجمهور الذي بات يعرف ان الفاعلين في النظام السياسي العراقي لا يفقهون سوى لغة المصلحة الحزبية والكتلية بعيداً عن طموح الجماهير، بالمحصلة وحتى تستوعب عملية بناء جبهة وطنية حقيقية ستكون وصلت إلى نقطة اخر السطر التي لا رجوع بعدها.
أقرأ ايضاً
- شكرا للمقاتلين في جبهات كورونا
- الانشطار الأميبي والانشطار الحزبي.. والجبهات الجديده
- الجبهات الاربعة للهجوم على الصهاينة