- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ما حدث بالتحديد.. حقيقة احداث "خوجالو"
بقلم: اليك غاريبيان - القائم باعمال سفارة جمهورية أرمينيا في العراق
يصادف هذا العام الذكرى الرابعة والثلاثين لمذابح الأرمن في سومغايت الأذربيجانية وقد اصبحت هذه المذابح التي وقعت في تلك المدينة الأذربيجانية بمثابة بداية لموجة جديدة من الترحيل والتطهير العرقي للأرمن من جميع أنحاء أذربيجان والتي تسببت على هجرة اكثر من نصف مليون أرمني، مما أدى إلى القضاء التام على الجالية الأرمنية الكبيرة التي كانت تقيم في عموم أذربيجان. الأ ان هذه الجرائم ومع كل الأسف لم يتم محاسبتها قانونياً من قبل المجتمع الدولي ونتيجة لذلك وبعد ثلاثة عقود من وقوع هذه المذابح شنت القوات الأذربيجانية الحرب في خريف 2020 وخلالها نفذت جرائم لا تحصر، بما في ذلك قتل المدنيين والعسكريين بوحشية والمعاملة اللانسانية والتعذيب لاسرى الحرب وقد تم توثيق هذه الانتهاكات من قبل المنظمات الانسانية الدولية.
في ظل كل هذا، تنفق أذربيجان موارد مالية ضخمة منذ عقود وتحاول ان تقدم احداث مفبركة الى المجتمع الدولي بما يسمى "الإبادة الجماعية في خوجالو". في الحقيقة ان الغرض من هذه الدعاية الأذربيجانية هي لحل مشكلتين رئيسيتين، فمن ناحية تحاول التغطية على الجرائم التي ارتكبتها وتصرف الأنظارعنها وتحاول ايجاد معادلة بين الأرمن والأذريين على اساس ان الأرمن ايضا قاموا بارتكاب جرائم، ومن ناحية أخرى تزرع الحقد والمعاداة ضد الأرمن والتي بدورها ستسبب في وقوع جرائم جديدة.
ولكن ما هي حقيقة الاحداث التي وقعت في شباط 1992؟ ففي عام 1990 تزامناً مع الوضع المتأزم في أرتساخ يوماً بعد اخر، تحولت خوجالو تدريجياً إلى قاعدة عسكرية أذربيجانية، لتصبح معقلاً لهجوم محتمل على مدينة ستيباناكيرت (عاصمة آرتساخ). أصبحت هذه الاطماع أكثر وضوحًا في الفترة ما بين نهاية 1991 وبداية 1992 عندما تعرضت عاصمة آرتساخ والمستوطنات الأرمنية المحيطة بها وبشكل منتظم للقصف بواسطة الصواريخ والمدافع التي تم نشرها في خوجالو. ونفذت القوات الأذربيجانية المتمركزة في خوجالو الواقعة قرب مطار آرتساخ حصارا جويا ً، فيما كان المطار الوسيلة الوحيدة للاتصال الجوي لأرتساخ مع العالم الخارجي في ذلك الوقت. ان السلطات الأذربيجانية وكذلك سكان خوجالو كانت على علم مسبق بالعملية العسكرية لتحرير المطار وإجلاء المدنيين وفتح الممر الإنساني لنقلهم إلى أغدام. بينما تم اطلاق النار على المدنييين وقتلهم من بلدة أغدام الخاضعة للسيطرة الأذربيجانية بعيدًا عن منطقة خوجالو، وبالتالي فإن القوات الأذربيجانية هي المسؤولة عن هذه الأحداث وهذا ما أكده رئيس أذربيجان آنذاك أياز مطاليبوف.وذكر الأخير أن "عمليات قتل سكان مستوطنة خوجالو نظمها أولئك الذين يتطلعون للوصول والسيطرة على السلطة في أذربيجان".
لماذا لم تستطع اذربيجان تنظيم اخلاء سكان خوجالو؟ هنا نقدم مقتطف مما ذكره رئيس لجنة تحقيق خوجالي راميز فاتييفي، "في 22 شباط اي قبل أحداث خوجالو بأربعة أيام عقدت جلسة المجلس الأمن القومي بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس الاستخبارات الأذربيجانية وآخرين وتم خلالها اتخاذ قرار بعدم اخلاء المدنيين من خوجالو".
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 700 شخصاً من سكان خوجالو لم يغادروا القرية وقد تم نقلهم إلى ستيباناكيرت من قبل الجيش الأرمني حيث تم تزويدهم بالمساعدات الغذائية والطبية. وبعد يومين نُقلوا إلى الجانب الأذربيجاني دون أي شروط مسبقة. في الحقيقة ان ما يتم وصفه على انه "إبادة جماعية في خوجالو" نفذه الأذربيجانيين انفسهم من محيط مدينة أغدام التي كانت تسيطر عليها أذربيجان آنذاك. وهذا ما تم التاكد من خلال الصور التي تم التقاطها من قبل الصحفي الأذربيجاني جنكيز مصطفى والوحيد الذي قام بتغطية هذه الأحداث المأساوية كفيلم وثائقي. يشار إلى أن جنكيز مصطفى توفى بعد 6 أشهر من أحداث أغدام وخوجالو في ظروف غامضة.
من أجل نشر خطابها المعادي للأرمن تستخدم أذربيجان المنصات الدولية ومنابر البرلمانات في مختلف البلدان وتستغل وسائل الاعلام الاكثر شهرةً، مع العلم كل هذه الاساليب لا تسهم في التسوية السلمية لنزاع كاراباخ الجبلية. ان استخدام القوة العسكرية ونشرخطاب الكراهية لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يكون حلاً للمشكلة ولا يمكن الوصول الى التسوية السلمية للنزاع إلا من خلال المفاوضات السلمية في إطار الرؤساء المشاركين لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والوحيد الذي يتمتع بتفويض دولي كامل وبناءً على مبادىْ القانون الدولي الثلاث (عدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ووحدة وسلامة الأراضي وحق الشعوب في تقرير مصيرها).