بقلم: سها الشيخلي
مشكلات الموارد المائية والتصرف بها بدت هي الابرز والاكثر اثارة للعلاقات بين الدول لاسيما بين العراق وسوريا وايران وتركيا بسبب بناء تلك الدول سدودا جديدة لم تكن موجودة قبل عقود، كما ليس لدى العراق مفاوضات ستراتيجية بشأن تقاسم المياه والضرر الناجم في ملف الموارد المائية، الا ان اقامة السدود في ايران بصورة انفرادية على كل من نهري الكرخة والكارون، قد أزم الامر، خاصة ان الدولتين قد خاضتا حروبا طويلة قبل عقود، اما مع الجارة تركيا حيث قامت ببناء سدود ضخمة هي سد اليسو وسد الكاب، في ظل غياب التنسيق بين البلدين كما تفترض مبادئ القانون الدولي والمشكلة ليس لدينا اتفاقيات دولية مع تركيا وايران، فايران ترفض حضور الاجتماعات بشأن تقاسم المياه.
وتمثل ازمة المياه في نهري دجلة والفرات انموذجا لازمة المياه قي الشرق الاوسط، فتركيا بكونها دولة المنبع، وبرزت المشكلة المائية بين العراق وتركيا في منتصف سبعينيات القرن الماضي، اثر قيام تركيا بناء السدود الضخمة وتخزينها المياه، التي تضمن تأمين طاقة كهربائية من السدود وتحتاج الى ملئها سنويا، وفي موسم الجفاف تقوم تركيا باستهلاك المياه المخزونة، متجاوزة بذلك على حصص العراق ما يدق جرس الانذار بين البلدين.
امافي ايران، فما عدا سد دز الذي أنشئ على احد روافد نهر كارون العام 1962 فان السدود الكبرى الاخرى أنشئت في وقت متأخر نسبيا، ومنها سد نهر الكرخة في العام 2001 وسلسلة سدود على نهر الكارون اكتملت عام 2006. كما حفرت القنوات وأقيمت سداد، لها تأثير مباشر في انسيابية حركة المياه في العراق، ما ينذر بكارثة تهدد الامن الغذائي في ظل تزايد اعداد السكان في العراق والتغيرات المناخية فيه، والتي تعكس الحاجة الملحة للمياه.
كما شكلت ازمة المياه في سوريا والعراق الى عدم الاستقرار في البلدين الجارين، وان ازمة الجفاف التي عمت سوريا قبل عقود كانت نتيجتها نزوح الكثير من السوريين الى خارج بلدهم، وامتد الجفاف الى العراق نتيجة النقص الكبير في المياه بعد قطع ايران روافد نهر دجلة، ومن المتوقع أن تؤدي ازمة المياه بين سوريا والعراق الى حالة عدم الاستقرار لفترة طويلة وسيكون (الذهب الازرق) مشكلة العقود المقبلة، وتؤكد المؤشرات أن تركيا وايران سوف تستمران في سياستهما تجاه العراق لعلمهما بعدم وجود محاسبة على تجاوزهما على ملف المياه في العراق، مع وجود مؤشرات تؤكد لزيادة نفوذ كل من تركيا وايران في سوريا والعراق مستقبلا.
أقرأ ايضاً
- التبادل التجاري مع دول الجوار
- هل طُويَّ ملفُ الانتفاضة ؟!
- الحكومة والامريكان وإدارة ملف الأموال العراقية