- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل تستطيع سيمنس ان تتحدى جنرال الكتريك ؟
بقلم: د. بلال الخليفة
المواجهات السياسية هي غلاف واطار لصراع مبطن وهو صراع الاقتصاد، وصراع من اجل المال ، فمن الأمثلة البسيطة في حياتنا ان صاحب مهنه نادرة يصارع من اجل ان لا يتعلم غيرة تلك الصنعه ومن هنا نسمع ان للمطعم الفلاني خلطة سرية ، وان شركة صناعة التوربينات تبقي سبيكة ريش توربيناتها سرية وهذا شيء طبيعي المفاد منه هو احتكار السوق، وكذلك الشركات العالمية ومن ثم الدول، حتى ان الكاتب الكبير نعومي تشومسكي قال في احد كتبة ان القوى الغربية اتفقت على تقسيم العالم قسمين هما الدول المتقدمة ودول متخلفة كي تبقى:
1. سوق لمنتجاتها الصناعية
2. سلة غذائية لها
3. مصدر للمواد الأولية لصناعاتها
الجزء الأول: الالمان في مواجهة بريطانيا
ففي فترة 1870 احتد الصراع الألماني البريطاني في مجال الاقتصاد ، فكانت بريطانيا العظمى مسيطرة على جميع العالم خصوصا بعد هزيمة نابليون في معركة واتر لو في 18 يونيو/حزيران عام 1815م في قرية ووترلو قرب بروكسل عاصمة بلجيكا، التي انفردت بريطانيا كقوة عظمى وكذلك سبقتها هزيمة الأسطول الإسباني على يد البحرية البريطانية والذي جعلها مهيمنة على جميع البحار.
بريطانيا كانت لا تسمع لإيرلندا ان تصنع شيء، بل جعلتها كالحديقة الخلفية لها والتي تزودها بالخضار واحتكرت الصناعة في اكلترا، وما كان من الأزمة التي نتجت عن التزام وتطبيق نظرية ادم سميث بالاقتصاد وإصدار قانون الحبوب نتيجة تبني قانون التجارة المفتوح سبب في إفلاس الفلاح الايرلندي والبريطاني وبالتالي دخلت بريطانيا في دوامة الاختلال الاقتصادي.
استغلت المانيا هذه الفترة بانشغال بريطانيا في اصلاح اقتصادها المتدهور وارخاء الحبل لبقية دول العالم في انشاء صناعتها، فاستطاعت في الفترة 1872 الى 1890 في احداث قفزة في صناعتها بحيث استطاعت من تصدير ماكنات الصوف واما البنك الألماني دويتش بانك فقد قفز في تعاملاته خارج المانيا وفي داخل الدولة العثمانية، هذه العوامل كانت سبب في حدوث العداء بين بريطانيا وألمانيا، اما القشة التي قصمت ظهر البعير هو ان المانيا ارادت توسيع سكتها الحديدية لتصل بغداد في مشروع اسمة (برلين بغداد) طول الخط 1،600 كيلومتر (1،000 ميل)، إذا تم الانتهاء من إنشاء السكك الحديدية ، لكان الألمان قد تمكنوا من الوصول إلى حقول النفط المشتبه بها في بلاد ما بين النهرين، فضلا عن اتصال بميناء البصرة على الخليج.
في وقت مبكر من 1871 لجنة من الخبراء درست الجيولوجيا من دجلة و الفرات الأنهار وذكرت النفط وفيرة من نوعية جيدة، ولكن علق بأن سوء المواصلات جعلت من المشكوك فيه هذه المجالات يمكن أن تتنافس مع الروسية والأمريكية منها. أعلن تقرير ألماني خلال عام 1901 أن المنطقة بها "بحيرة نفطية" حقيقية ذات إمداد لا ينضب تقريبًا.
واستمر الألمان يبذلون الجهود المتواصلة حتى تحقق مسعاهم في العام 1903، بعد توقيع امتياز سكة الحديد، قونية – بغداد – البصرة والحصول على حق استغلال المعادن على جانبي السكة لمسافة عشرين كيلو مترا. وفي ضوء هذا الامتياز، استطاعت ألمانيا من توقيع عقد مع إدارة الأملاك الخاصة في العام 1904 لمدة سنة واحدة، تقوم فيه بأعمال التنقيب في حقول ولايتي الموصل وبغداد.
ولم يرق هذا الامتياز، للجهات البريطانية، الذي اعتبرته تهديدا مباشرا لمصالحها في المنطقة. فنشطت هي الأخرى للحصول على امتياز من السلطان يخولها التنقيب في العراق. إلا أن هذا النشاط، برز جانبا آخر، تمثل في إبطال مفعول الامتياز الألماني بسبب عدم البدء بالتنفيذ. وعليه طالب الألمان بمبلغ عشرين ألف باون كتعويض عن المبالغ التي صرفوها على أعمال التنقيب. وبما أن الخزينة العثمانية قد عجزت عن دفع المبلغ لخوائها، فإن الألمان اعتبروا الامتياز قائما.
كان السبب المباشر لنشوب الحرب العالمية الأولى حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند مع زوجته من قبل طالب صربي يدعى غافريلو برينسيب في 28 يونيو/حزيران عام 1914 أثناء زيارتهما لسراييفو.
لكن الدارسين يرصدون جملة من الأسباب غير المباشرة، من أبرزها توتر العلاقات الدولية في مطلع القرن العشرين بسبب توالي الأزمات والصراع الأوربي للسيطرة على مصادر الطاقة بالعالم خصوصا بعد معرفة ان العراق والخليج هو عبارة عن بحيرات من النفط.
النتيجة ان الصراع الألماني الذي يقابلة البريطاني ثم الأمريكي ، بقي ولم ينتهي بنهاية الحرب العالمية الأولى بل امتد عسكريا أيضا ليصل الى الحرب العالمية الثانية.
الجزء الثاني:
أولا: الالمان في مواجهة امريكا
بعدج ذلك اصبح التنافس اقتصادي بعد ان كان عسكري، ومن الأمثلة التي ساسيقها الان هو أنبوب (النورد ستريم) الذي هو عبارة عن أنبوب غاز يمتد بين روسيا والمالنا عبر بحر البلطيق بدل عن أنبوب الغاز المار عبر أوكرانيا وهولندا وهو يتكون من انبوبين الأول تم اكماله عام 2011 والثاني سيتم في عام 2019 لكنه لم يتم للان بسبب معارضة الولايات المتحدة الامريكية للمشروع. حيث ان فائدة المشروع هو ان سعر الغاز يكون ارخص لألمانيا واوربا لكن أمريكا لم يرقها ذلك ففرضت الولايات المتحدة الامريكية عقوبات على الشركات العاملة المشروع (الانبوب الثاني – Nord Strean 2 ) بغية عدم اكمالة، للعلم ان المشروع هو أنبوب يبلغ طولة الكلي 2460 كم وتم انجاز 2300 كم وان الشركات المنفذه هي Allseas السويسرية و Saipem الإيطالية و تم تمويل المشروع من قبل الألماني Royal Dutch Bank وشركة Engie . كانت حجة الولايات المتحدة الامريكية هو حماية امن الطاقة في اوربا. لهذا السبب فان الخط الأول تم انجازة لكن الثاني ولمجيء ترام بالى رئاسة أمريكا لم يكمل الى الان.
ثانيا: كهرباء العراق
وقع رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي في برلين يوم الثلاثاء (30 أبريل/ نيسان 2019) مع شركة سيمنس الألمانية في وضع يؤهلها للفوز بمعظم الطلبيات البالغة قيمتها 14 مليار دولار، ضمن خطة لإعادة تشييد البنية التحتية للكهرباء بالعراق بعد سنوات الحرب.
في مقابلة خاصة أجرتها معه DW، قال الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس جو كيزر إن ترامب لعب دوراً في محاولة عرقلة اتفاق الشركة الألمانية مع الحكومة العراقية والدفع في اتجاه منح الصفقة بالكامل لشركة جنرال إلكتريك الأمريكية صفقة تطوير قطاع الكهرباء في العراق.( المصدر: https://www.dw.com/ar)
الخلاصة
1 – ان القرارات المهمة والاستراتيجية الاقتصادية لا يمكن اتخاذها بشكل وطني فقط، بل هي خاضعة للإملاءات الخارجية.
2 – معظم الأحداث الكبيرة في العالم والمنطقة هي نتيجة حرب خفية على السيطرة على مصادر الطاقة ومن أهمها البترول.
3 – في مثل هكذا حالات من التنافس الاقتصادي للدول العظمى في البلد، يجب التموضع مع احداهما والتي نتوقع ان يتم الحصول على افضل نتائج واقل خسارة مع التأكد بغلبتها مستقبلا.
الحلول
1 – رغم ان الامريكان يضغطون على ان يتم التعاقد مع شركاتها ، لاحظنا ان بعض الدول استطاعت ان تفلت من قبضة الامريكان وتعاقدت مع دول أخرى مثل دولة مصر التي تعاقدت مع شركة سيمنس التي بنت لهم محطة تتكون من ثلاث مراحل بطاقة توليدية مقدارها 14.4 الف ميكاواط، وكذلك الكويت التي تعاقدت مع الصين ،ومن ضمنها تأجير جزيرتى فيلكا وبوبيان للصين لمدة ٩٩ سنة، تستثمر فيهما ٤٥٠ مليار دولار، فنادق ومنتجعات ومحلات ومكاتب تجارية وبنوكاً ومستشفيات وجامعات ومدارس، والأهم أنها تتولى حمايتهما أمنياً واستراتيجياً!! الكويت اشترطت وضع بكين وديعة متجددة ٥٠ مليار دولار لحساب الكويت، وضخ استثمارات ٤٠ ملياراً لمدينة الحرير الكويتية لتصبح مركزاً مالياً هاماً بالمنطقة العربية. وكذلك تعاقد الحليف الأول لامريكا وهي إسرائيل مع الصين ، في عام 2015، أبرمت وزارة النقل في إسرائيل ومجموعة شانغهاي الدولية للموانئ، التي تمتلك الحكومة الصينية حصة الأسد فيها، اتفاقا لإدارة ميناء حيفا. وتبلغ مدة الاتفاق 25 عاما، وخصصت الشركة الصينية مبلغ ملياري دولار من أجل المشروع، التي تسعى من خلالها لتطوير الميناء.
والنتيجة ان العراق يستطيع ان يتعاقد مع سيمنس او الصين وهو الأفضل لانها اكثر قوة اقتصادية واعدة في العالم ، وذلك بحنكة المفاوض العراقي ان وجد، اما شماعة اعتراض الامريكان فهي غير مقبولة نهائيا وابدا.
2 – عقد اتفاقيات طويلة الأمد وملزمة مع الدول الواعدة كالصين وخصوصا طريق الحرير .
يجب ان يأخذ البرلمان دورة الجاد وخصوصا ان الانتخابات على الابواب.
أقرأ ايضاً
- وقفه مع التعداد السكاني
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر