- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
دور الإشراف القضائي في تحقيق استقلال القضاء
القاضي ليث جبر حمزة
استقلال القضاء هدف خالد، يسعى لتحقيق العدالة في المجتمع ، نادت به المجتمعات والشعوب الحرة، التي وقفت بوجه الاستبداد والطغيان، لتشيد بدلا من الأنظمة الشمولية مؤسسات القانون، فأصبحت العدالة صِنوَّ القضاء المستقل الذي اقترن بها.
وعند التأمل في النظام الدستوري والقانوني لأي دولة في العالم المتحضر، نجدها تجتمع وتلتئم على مبدأ استقلال القضاء وتتباهى به وأضحى مبدأً دستورياً وحقاً أصيلاً يرتبط بحماية حقوق الإنسان ، حتى الدول ذات الأنظمة الشمولية، أصبحت تنادي به دفعاً للاستنكار الدولي، في العراق نص دستور جمهورية العراق لعام 2005 الدائم , عليه مثلما ذكر في الدساتير السابقة.
ونجد في الدستور مؤشرات على سعي المشرع العراقي إلى ضمان استقلال القضاء من خلال النصوص الدستورية والتي كفلته , إذ نصت المادة 19 / أولا بقولها ( القضاء ﻣﺴﺘﻘﻞ لا سلطان ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻐﻴﺮ القانون) وكذلك ما ورد بالمادة ( 87 ) منه بقولها (اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ وتتولاها اﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰاختلاف أنواعها ودرﺟﺎﺗﻬﺎ وتصدر إحكامها وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ) وكذلك المادة ( 88 ) منه بقولها بان ( القضاة مستلقون لا سلطان عليهم في قضائهم لغيــــر القانون , ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة).
وبالتالي فأن قيام القاضي بأداء رسالته حرا مطمئنا آمنا على مصيره اكبر ضمان للإفراد والشعب حكاما ومحكومين.
ولعل من أهم الهيأت القضائية ضمن مكونات مجلس القضاء الأعلى في العراق المهتمة بالحفاظ على استقلال القضاء ودعمه , هيأة الإشراف القضائي وتتألف من رئيس ونائب للرئيس وعدد من المشرفين القضائيين، وفقا لما نصت عليه المادة ( 1 ) من قانون هيئة الإشراف القضائي رقم (29) لسنة 2016، تقوم بمهمة الرقابة والإشراف على حسن الأداء في المحاكم الاتحادية وجهاز الادعاء العام باستثناء المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز الاتحادية والدور الذي تضطلع به حاليا هو دور تقويمي وإرشادي للعملية القضائية في البلد , وليس دورا بوليسا غايته فقـــط معاقبة القضاة وأعضاء الادعاء العام بسبب مايصدر منهم من تصرفات إثناء عملهم القضائي , ولهذا نجـــــــد أن هيأة الأشراف القضائي باعتبارها احد تشكيلات مجلس القضاء الأعلى التي يوكل إليها الإشراف على المحاكم والنظر في شكاوى المواطنين ومراقبة العملية القضائية وبيان مدى التزام القضاة بالسلوك القضائي المهني والشخصي تعمل على دعـــــم استقلال القضاء من خلال الأمور التالية :-
1 - مراقبة الإجراءات المتخذة من قبل القضاة والتحقق من سلامتها, فيما لو كانت تتعلق بالسلوك المهني وتوجه القضاة بما يحقق العدل والاستقلال عن بقية السلطات الموجودة في الدولة, منها السلطة التشريعية والتنفيذية .
2 - المتابعة مع محاكم الاستئناف بمدى التزام المحاكم والموظفين بتطبيق القانون والأنظمة والوائح الصادرة من مجلس القضاء الأعلى بما في ذلك الدوام الرسمي ابتداءً وانتهاء والتعرف على ما يعترض المسيرة القضائية من معوقات وتشخيص الأخطاء واقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها.
3 - تقديم المقترحات المتعلقة بموضوع تخصص القاضي بالنظر في منازعات فرع واحد من فروع القضاء المختلفة, والتي لها تشريعاتها الخاصة كالقضاء المدني والقضاء الجنائي وقضاء الأحوال الشخصية والقضاء التجاري والقضايا العمالية ..الخ من خلال قسم الدراسات والبحوث في الهيأة مما يسهل على القاضي المتخصصفهم مايثور من مشاكل داخل فرع بعينه فهماً دقيقاً ومتعمقاً ويؤهله تمرسه وخبرته إلىأيجاد حلول لهذه المشاكل , نابعة من خلال تطبيقه لحكم القانون , مستهدفا تحقيق عدالة ناجزة وافية وسريعة, وهذا الأمر مطبق في العديد من الدول العربية ودول العام المتحضر .
4 - تدعيم الثقافة العامة القائمة على أساس معرفة شيء عن كل شيء في كافة الجوانب، المتزامنة مع الجوانب الأدبية البحتة، لدى القاضي والحث الدائم على الخلق الرفيع الفاضل، وصلابة الإرادة، والشجاعة العلمية والأدبية لقول الحق، والحياد في التعامل والمعاملة، بعيدا عن الأهواء والميول والتعسف وسوء استخدام السلطة والفهم غير الصحيح للمهمة المكلف بها، التي تتبلور في أساسها على العدالة وإحقاق الحق وإنصاف المظلوم وإعطاء كل ذي حق حقه، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يبعث الريبة وسوء الظن في السلوك والتصرف والعمل، بما يضمن كرامة القضاء وهيبته واستقلاله.
5- السعي الجاد من اجل تحقيق الجودة في العمل القضـــــائي من خلال مراعاتهلاختيار المشرفين القضائيين ممن يتمتعون بالكفاءة القانونية والإدارية ولهم إلمام واسع بالأمور القضائية من خلال مسيرة عملهم القضائي وممن أمضوا سنوات طويلة في العمل القضائي بترشيح من هيأة الأشراف القضائي وبقرار من مجلس القضاء الأعلى مادة 2/ ثانيا من قانون الإشراف القضائي انف الذكر ونهجه بعدم التحقيق مع القاضي أيا كان صنفه القضائي إلا بعد اخذ موافقة رئيس مجلس القضاء الأعلى في أي قضية تحقيقيه وبعد بيان الأسباب التي تدعو إلى ذلك, انطلاقا من مبدأ العدالة المنشودة التي يبغيها مع الجميع قضاة ونواب ادعاء عام أو غيرهم وصولا للهدف الأسمى وهو تحقيق استقلال القضاء.
أقرأ ايضاً
- دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!