ابحث في الموقع

الطبقةُ السياسيّةُ في العراق وأنغِلاقُ الحَلَقاتِ المُميتة

الطبقةُ السياسيّةُ في العراق وأنغِلاقُ الحَلَقاتِ المُميتة
الطبقةُ السياسيّةُ في العراق وأنغِلاقُ الحَلَقاتِ المُميتة

بقلم: د. عماد عبد اللطيف سالم

 

عندما تكونُ "الكائناتُ" (أيّاً ماكان توصيفها)، عاجزةً عن الإستجابة للتحديّاتِ التي تُهدّد وجودها .. تبدأُ بالإنقراض.


هذا ما يحصلُ الآنَ لـ "طبقتنا" ، و "كائناتنا" السياسيّة ، وتشكيلنا الإجتماعي (كُلّها معاً) .. و هو ماقد يحدثُ لاحِقاً (وسريعاً) لتجسيدنا "الجغرافي" ، كـ "وطنٍ" مُحدّد ، على خارطة العالم.


لقد تركنا زمام أمورنا لمن يملِكُ جِلْدَ شاةٍ مذبوحة ، ماعاد يؤلمُها السَلْخُ ، ولا طَعْنُ السكاكينِ القادمة من كُلّ حَدْبٍ وصَوْب.


فازَ بوريس جونسون في بريطانيا ، وأخَذَ معهُ مستقبلَ أوروبا ، ودور يمينها المعتدِل في إعادة تشكيل العالَم المُتعدّد الأقطاب .. إلى المجهول ، بينما "كائناتنا" السياسية لاتدري شيئاً ، ولا تُصِرُّ على شيءٍ ، ولا تفعلُ شيئاً ، أكثر من تكالبها المحموم على تقاسمِ الغنائمِ في "وطنٍ" منهوب.


وهاهو بنيامين نتنياهو يُعزّز قبضتهُ على السلطة في اسرائيل .. الآن .. وكُلّكم تعرفونه (أو يُفترَضُ أنّكم تعرفونه) ، وماعليكم سوى التَحَسُّبِ لما سوف يفعلهُ ، أو ما سوفَ يكونُ قادِراً على فعله، في قادمِ الأيّام.


والأهمّ من كُلّ ذلك ، أنّ دونالد ترامب سيفوزُ في انتخاباتِ ولايتهِ الثانية ، فيكتَمِلُ علينا إغلاقُ الحلقاتِ المُميتة.


يقولُ دونالد ترامب بكُلّ وضوح ، ويُتَرجِمُ مايقولهُ إلى وقائعَ على الأرضِ المُمتدّةِ من اليابانِ إلى الضفافِ الشرقيّةِ للأطلسيّ : دعهم يكرهونَ بعضهم حيثُ يتعايشونً منذُ بدايةِ الخَلْقِ ، و اتركهم يقتلونَ بعضهم حيثُ يعيشونَ إلى يومِ القيامة .. وكُلّ ثمارِ البيدرِ ستسقُطُ في سلّتنا في نهاية المطاف.


و قبلَ "كورونا" ، وبعد "كورونا" ، وبدونِ "كورونا" كان الإقتصادُ العالميّ يُعاني من تباطؤٍ في النمو.
وهذا يعني أنّ أسعار نفطنا ، ومصدر دخلنا الوحيد ، تتآكلُ يوماً بعد آخر.


و قبلَ "كورونا" ، وبعد "كورونا" ، وبدونِ "كورونا" يتزايدُ عجز الموازنة العامة ، وتأكلُ الرواتبُ 60% من إجمالي نفقاتها العامة ، في حين تنصَبُّ "إصلاحاتُ" دولتنا الرشيدة على قانون تقاعدٍ بائس ، وعلى تعيين 250 ألف عاطل عن العمل ، وضخّهم في عروق مؤسّسات فاشلة وغير مُنتِجة وعَبثيّة ومُبدّدة للموارد ، وفاسدة حتّى النخاعِ الشوكيّ .. لنكتشَفَ بعد أيّامٍ قليلةٍ من تعيينهم ، أنّ لا رواتبَ لدينا لندفعها لهم !!.


ويزدادُ المجتمعُ إنقساماً وأحتِراباً وكراهية ، وينتشرُ الفقرُ والجهلُ والمرض ، وتطردُ العملةُ الرديئةُ العملةَ الجيّدة من السوق ، ويتسيّدُ الناسَ أراذلُ الناس ، ويصبحُ أعِزّةُ أهلهم أذِلّة.


وكُلُّ هذا لا يُجبِرُنا على فعلِ شيء .. أيُّ شيء .. نحنُ الذين ننامُ "طَوْعِيّاً" ، ونغيبُ "طَوْعِيّاً" عن الوعيّ ، ونعودُ "طَوْعِيّا" إلى حيثُ بدأنا ، باحثينَ عن رئيسِ وزراءٍ"إجباريٍّ" جديدٍ ، لنِظامٍ ليس نظاماً ، ودولةً ليستْ بدولة ، و "طبَقَةً" سياسيّةً لا ترتقي إلى أن تكونَ "طَبَقَةَ بيضٍ" في مطبخِ عائلةٍ عراقيّةٍ جائعة.


إنّ محنتنا بـ "نُخبتنا" الحاكمة يُلَخّصها فايروس كورونا "المُسْتَجَدّ" ، لأنّهُ "مَسْتَجَدٌّ" مثلها بالضبط .. وهو حينَ يبدأُ بالفتكِ بوجودنا الهَشّ ، لنْ يجِدَ من يقفُ في وجههِ ويُنقِذُنا منه .. لا لُقاحَ ، ولا عِلاجَ ، ولا مُمَرّضونَ ولا أطبّاءَ ، ولا مُستشفى لـ "العَزْلِ" ، ولا حيّزَ للموتِ في بيتٍ مُتهالِكٍ من بيوتِ "حيّ الفرات" ، حيثُ يتمُّ "حَجْرُنا" هُناكَ ، تماماً كما تمَ "حَجْرُنا" في هذا العراقِ ، نحنُ وكوابيسُنا المُزمنة.


هل تعتقدونَ أنّ "فئة" فاسدةً وفاشلةً ، وعاجزةً عن الإستجابة ، يمكن ان تتحوّل إلى "طبقةٌ" سياسيّةٌ قادرةٌ على فعلِ شيءٍ لنفسها ، لكي يكونَ بوسعها بعد ذلك ، أنْ تفعلَ لكم شيئاً ما ؟؟؟


وعدا "الطبقة" السياسية الكرديّة ، أينَ هي المصالحَ الراسخةُ والأصيلةُ و"الدائمة" للطبقات السياسيّة الأخرى ؟؟
ماهي "مصالح" هذهِ "الطبقات" بالضبط ؟؟
الجواب هو : لا شيء.
لا شيءَ سوى الخراب.
حتّى المصالح "الشخصيّة" الضيّقة ، ماعاد بإمكانِ هذه "الطبقة" الدفاعَ عنها.


والسبب ، هو فقدان هذه "الفئات" السياسيّة الحاكِمة ، لحِسِّ الإستجابةِ ، ليس للتحدِيّاتِ التي تَطالُ وجودها فقط ، بل وأيضاً انعدامُ استجابتها للتهديدات المُباشرةِ والفجّةِ التي تنهالُ عليها ، من نفسها ، ومن "داخِلِها" ، ومن غيرها من "المُكوّنات" و "الكياناتِ" و "الطَبَقات".


وعندما تعجَزُ "أُمّةٌ" عن الإستجابة .. ستتوقفُ سيرةُ "العُمران" فيها ، وتبدأُ سيرةُ الخرابِ العظيم.
كونوا "طبقةً" حاكمةً لأنفُسِكُم .
ودافعوا عن "المصالحِ الحقيقيّة والأساسيّة لها ..
او أصمتوا إلى الأبد ..
وأنَقَرِضوا بهدوء.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!