بقلم: ماهر ضياء محيي الدين
ظهور البغدادي الأخير حمل الكثير من علامات الاستفهام والتساؤلات بعد إن كانت هناك تصريحات رسمية من عدة جهات تؤكد مقتله، وما تحدث به خلال مقطع الفيديو يعطي دلائل كثيرة، و يبعث برسائل لأنصاره وأعوانه، وتهديديه أو تحذيرية للغير، لكن ثمة أمور أهم من خروج البغدادي يجب الالتفات إليه ومعالجتها بشكل جذري.
معركتنا مع الجماعات الإرهابية ومنها داعش ما زالت قائمة وعلى أشدها في وقتنا الحاضر، وأكثر من كل الفترات السابقة لأسباب تتعلق باستمرار دوامة الصراعات بين الكبار على الزعامة العالمية، وتحقيق المكاسب والمنافع ومهما كان حجم الدمار والضحايا، وورقتهم الرابحة في الوصول إلى أهدافهم المرسومة لدول المنطقة بأقل تكاليف ووقت وجهد، وخصوصا بلدي الجريح الذي مازال المستهدف الأول من مخططاتهم أو مشاريعهم التوسعية.
قد يقول قائل عودة نشاط تنظيم داعش مسألة صعبة، بسبب فقدانه الكثير من عناصره وأسلحته ومعداته، وفقدانه لمعظم الأراضي التي كان يسيطر عليها، وأصبحت عملياته محدود أو ما أشبة بحرب عصابات يختفي في مناطق صحراوية ويظهر لينفذ عملياته الإجرامية، وهي فعلا حقيقة يعلمها الجميع، لكن عودتها ليست مستحلية، بسبب وجود الداعم الأول والأخير لها قوى كبرى تقف وراء قوة هذه المجموعات، ولا يفوتنا إن ننسى وجود ألآلاف من مقاتلي داعش مع عائلتهم من مختلف الجنسيات قرب الحدود العراقية تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أمريكا وحلفائها، وخلاياه التي مازالت تنشط داخل البلد، ووجود مؤيدين أو أنصار لهذا التنظيم في معظم دول العالم، وقبول العراق بمحاكمة عناصر داعش من اللذين يحلمون الجنسية الفرنسية صفقة مريبة للغاية، وخطراً كبيراً على أمننا القومي، لأننا أصحاب تجربة مريرة مع مسألة المحاكمات الطويلة و حقوق الإنسان والتشكيك من البعض، وقد نشهد مسألة تهريبهم كما شهدناها سابقا، وقصة طويلة لا تنتهي.
لنعود إلى عنوان مقالتنا الأهم من ظهور البغدادي القيام بعدة خطوات لمعالجة الأسباب التي وجود دعم أو تأييد و حواضن للإرهاب، بسبب متغيرات ما بعد 2003، والصراعات السياسية المحتدمة بين القوى السياسية، وانعكاساتها السلبية على أوضاع البلد العامة، لهذا يجب توفير الخدمات لمعظم محافظات البلد، ومنها المحافظات أو المناطق التي شهدت نشاط للجماعات الإرهابية، وتوفير فرص العمل للعاطلين، ومنع استخدام الشعارات الطائفية أو المذهبية، ووضع خطة شاملة وبرامج لمعالجة الأفكار الضالة، لان معركتنا فكرية وعقائدية أكثر من إي أمر أخر بالدرجة الأساس.
هذه الخطوات وغيرها من الخطوات ستحد من خطر الإرهاب، ويكون ظهور البغدادي وغيره لا يقدم ولا يؤخر شي.
أقرأ ايضاً
- الأهمية العسكرية للبحر الاحمر.. قراءة في البعد الجيوستراتيجي
- هل يدير العراقيون ظهورهم لمجالس المحافظات؟
- المعرفة العراقية بين الأهمال والأغتراب