- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ربما يكون المجرم الحقيقي بيننا
د. غالب الدعمي
تعاطت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض محطات التلفاز مع قضية المخطوفين بشكل غير مهني بالمرة، والأنكى منه أن ما نشر على بعض هذه الصفحات تم تبنيه من بعض المسؤولين ومن ثم عكسه من قبلهم كمصدر حكومي للمعلومة، مسؤولون وصحفيون وناشطون لم نعرف لهم سابقة في نقل أخبار غير دقيقة، إلا انهم نشروا هذه معلومات المفبركة على صفحاتهم بأن المختطفين في طريقهم إلى ذويهم، لكن عندما لم تتعاط شبكة الإعلام العراقية المصدر الرسمي مع هذه المعلومات أدركت حينها بأن المختطفين ليسوا في طريقهم إلى عوائلهم، بل ربما أنهم رحلو إلى حيث رحمة الله الواسعة، وبَدأت أتصل بأصحاب الصفحات التي نشرت هذه المعلومة، فأكدوا لي بأن المختطفين قد أُطلق سراحهم، وأنهم وصلوا إلى قضاء المسيب، وماهي إلا دقائق معدودات حتى يصلوا أهلهم، وأن قائد شرطة كربلاء وجمع غفير من المواطنين ينتظرونهم في استقبال شعبي كبير، في حين مصدر ثاني قال: إن عملية تحرير المختطفين نفذتها سرايا السلام، وقال مصدر ثالث: إن جهاز مكافحة الإرهاب هو من حررهم، والناطق باسم الجهاز ينفي ذلك، والحكومة صامتة، لم نسمع منها سوى كلمة (المرجفون) التي اطلقها رئيس الوزراء على السياسين و حاول الفرقاء استغلالها ضده، لكنها مضت كما مضى شهداؤنا ونفطنا ومضت أوجاعنا وحسراتنا.
جهة سياسية أخرى كما ذكر أهل الشهداء قد ابلغتهم بأن "المختطفين في طريقهم إلى كربلاء ونحن نتكلم من موقع الحدث وأن ابطالنا هم من حررهم"، والحكومة خرساء لا تتكلم، ومن يعرف داعش العراق يدرك أن إطلاق سراحهم ليس ممكنا وأنه ضرب من الخيال، وقائد عمليات ديالى يقول: "إن المخطوفين تم نقلهم من مكان خطفهم إلى جبال حمرين وهي منطقة واسعة وتقع من ضمن عمليات البيشمركَة"، والدلائل تؤكد أن داعش لم تبتعد كثيراً عن موقع الحدث إذا كانت هي من اختطفتهم كما يشكك مراقبون، وتم تصفيتهم لاحقا في إحدى قرى ناحية سليمان بك.
التعاطف الكبير الذي حظي به المخطوفون لم يحظى به غيرهم وتمنى الجميع تحريرهم، وهذه طبيعة الشعب العراقي وطيبتهم المفرطة، لكن الملفت للنظر أن بعضهم حاول استغلاها سياسيا وانتخابيا ونسوا انهم كلهم سبب بلاء الشعب العراقي، فأين كنت يازعيم الجهات الأربعة حين سقطت الموصل واحترقت الكرادة؟! وأين كنت حين سقط شهداء سبايكر؟، واين كان غيرك عن وطن قتله الحكام الجهلاء؟، باعوه وراحوا يحتفلون بأمواله على موائد القمار والخمر في بيروت وعمان وتركيا، وراحوا هناك يتفاوضون على بيع ما تبقى من وطن مزقوه بجهلهم ولصوصيتهم.
جيثنا لم يقصر في واجباته، كما أن جهاز مكافحة الإرهاب البطل الذي أثبت أنه مؤسسة مهنية، قاتل بضراوة لا مثيل لها وبشجاعة يشهد لها الأعداء قبل الأصدقاء، لكنه وعلى الرغم من هذا يتعرض يوميا إلى هجمات من بعض هولاء الذين باعوا ضميرهم إلى الآخرين ولا يتمنوا أن تبقى مؤسسة وطنية في العراق من دون تبعية لهم ولأفكارهم المريضة.
يبقى شيئا مهما هو ما أشار اليه أحد الخبراء الامنيين، بأن مسيرة داعش في العراق لم يسبق لها أن تفاوضت أو طلبت التفاوض، لكن في هذه القضية تم التفاوض على مبلغ نصف مليار دينار عراقي من أجل اطلاق سراح ثلاثة من المختطفين فقط وهو مبلغ لا تتعامل معه داعش لذا وعلى ذمة هذا الخبير عليكم بالبحث عن المجرم الحقيقي بيننا.