بقلم:علي فاهم
"الجهل في حقيقته وثنية لأنه لا يغرس أفكاراً، بل ينصب أصناماً.." مالك ابن نبي، الجهل هو السرطان الذي تتأكل المجتمعات من الداخل عندما تصاب به وسلبياته لا تعد ولا تحصى ولكن من أخطرها هو صناعة الاصنام والطواف حولها والنفخ فيها فالمعادلة طردية كلما زاد الجهل زادت الاصنام عدداً وكبرت حجماً وزاد عدد الراكعين والساجدين والمسبحين لها وعندها يسقط العلم والعقل والمنطق والدين وكل الحقائق لأن الصنم سيكون كل ذلك وسيجمعها جميعاً في جعبته أما الاتباع (الجهلة) فسيسلموا عقولهم للصنم ليفكر بدلاً عنهم ويتخذ القرارات ويصرح ويتصرف بما يملكون بدلاً عنهم أما عندما يخطأ فستجد الجهلة يسارعون الى التبرير ويختلقون له الاعذار ولن يملوا ويكلوا عن أيجاد العذر له واذا لم يجدوا عذراً فمن السهل اللجوء الى إغفاءة قيلولة وإعطاء العقل إجازة مؤقتة فهو أصلاً غائب منذ البداية فلا يمكن للصنم أن يخطأ مطلقاً عند الجهلة والا فلن يكون صنماً فالأمر منتفي منذ البداية، وسنبقى ندور في هذه الدوامة بين جهلة ينفخون ويدافعون عن صنم وصنم يبقى يحافظ على الاتباع في دائرة طاعته والمصيبة اذا كان الصنم له مصالح سياسية ومنافع اقتصادية ودكاكين يرتزق منها فستكون الطامة أكبر والحواشي ستعمل ليل نهار على عصمة صاحبهم وإضفاء القدسية التي تنزهه عن كل شبهة وبهذا تبقى البقرة الحلوب تدر عليهم تحت ظله، وعلاج هذا المرض ليس بالامر السهل فأغلب من يدخلون في قفص الصنمية لايمكن خروجه منها بسهولة لأنهم سيكونوا مصابين بالجهل المركب وهذا النوع لايدري انه جاهل فمن الصعب أن يتعلم ليتخلص من جهله فيكون معانداً ولن يزيده التعليم الا جهلاً وعناداً ولكن مواجهة الجهل ونشر الوعي في المجتمع هو الحل لتحصين الناس من هذه الاصنام وتنية عقولهم وهذه مسؤولية تضامنية تبدأ من العلماء والمراجع والخطباء الواعين ولا تنتهي عند المعلم والمدرسة والاسرة الواعية اما خط الصد الاول فهو المثقف الواعي الرسالي الذي يعلوا صوته وسط المجتمع ليصحح إنحراف مسيره.