حجم النص
بقلم:سالم مشكور ما طبيعة الموقف الاميركي تجاه العراق في ظل الإدارة الجديدة؟،وهل أن ما يصدر عن ترامب من “أوامر تنفيذية”، ومواقف سياسية خصوصا على الصعيد الخارجي، مجرد اجتهادات ورؤى فردية نابعة من مواصفات شخصيته ومواقفه الخاصة؟ بنظرة سريعة لطبيعة الشخصيات التي تتشكل منها إدارته، يتضح أن ما يصدر هو ترجمة لبرنامج معدّ من جهة فاعلة ومؤثرة مباشرة في تسيير الامور، ليس داخل الولايات المتحدة وحسب، بل في العالم ككل، وما ترامب، بسلوكه الشخصي، الى وسيلة مناسبة لترجمة ما مرسوم. ما يهمنا في المنطقة هي نظرة الإدارة الجديدة اليها، بكل ما فيها من تعقيدات وأزمات ساهمت الإدارة الاميركية السابقة في ايجادها أو استثمارها. ما يهمنا في العراق تحديداً هو الموقف من العراق وما يجري فيه. هذا الامر يستدعي معرفة توجهات فريق ترامب ومواقفهم في الموضوع العراقي. اللافت في خطوات ترامب حتى الان انه بدأ، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه أيضا، بالحديث عن (داعش) كمصدر رئيس للإرهاب لكنه تناساها بعد توليه مقاليد السلطة في كانون الثاني الماضي. غابت مفردة (داعش) من قاموس حديثه، ومعها غاب الحديث عن الموصل وحرب تحريرها من (داعش). حلت مفردة “الإرهاب” محل (داعش)، وبدلاً من التواصل مع الحكومة العراقية، التي تقاتل (داعش)، ذهب الى اتصالات مع زعماء دول متهمة من جانب مؤسسات أميركية بدعم هذه المنظمة الإرهابية، ليبحث معهم التعاون في مواجهة الإرهاب دون أي ذكر لـ “داعش”. بموازاة ذلك، فان محطة “فوكس نيوز”، التي تعبر عن مواقف الخط المتطرف من الجمهوريين، وهو من يعرفون بالمحافظين الجدد، بات لا هم لها!سوى الحديث عن إيران بوصفها “مصدر الخطر على المنطقة وعلى مصالح الولايات الاميركية”. ففي ذروة الاستنفار الإعلامي في باقي المحطات الاميركية بسبب تداعيات قرار ترامب منع دخول رعايا سبع دول إسلامية الى الولايات المتحدة كانت محطة المحافظين الجدد تقوم بعملية شحن نفسي وتحريض على إيران والحوثيين مقرنين ذلك بمفردة ارهاب بل راح محللوها يقولون بان الصاروخ(الحوثي)، الذي أصاب البارجة في الخليج كان بتوجيه من إيران، وهكذا انطلقوا في عملية شحن، مستمرة حتى الان، بما يشبه تهيئة الأجواء للحرب ضد إيران، والتي يبدو ربما تبقى مجرد تصعيد لجرّ إيران الى الردّ إقليميا، بما يوفر فرصة لترامب ليقوم بمزيد من الابتزاز لدول الخليج. ضمن فريق ترامب، عدد من المسيحيين لبنانيي الاصل القريبين من إسرائيل، سواء كانوا من أحزاب سياسية، أو من مقربين من جيش “انطوان لحد” الذي جندته إسرائيل بعد احتلالها الجنوب اللبناني ليكون حائط الصدّ عنها بوجه القوى المقاومة للاحتلال. هؤلاء يجمعهم الحقد الشديد لإيران (على خلفية دعمها للمقاومة اللبنانية)، وحزب الله اللبناني نفسه، بما يمتد الى الشيعة عموما بفعل التعميم الدارج بان كل شيعي هو مرتبط بإيران. يسري هذا التعميم على الأحزاب الشيعية العراقية، التي تشكل الجزء الأكبر من تركيبة الحكم في عراق ما بعد صدام حسين، الذي يقول ترامب وفريقه إن اسقاطه كان غلطة أدت الى “تسليم العراق لإيران” على حد تعبيرهم. وجود هؤلاء ذوي الاصول المسيحية اللبنانية الى جانب اميركيين جمهوريين يعبّرون دائما عن “خيبة أمل” من الطاقم السياسي العراقي واعتباره امتداداً لإيران، الى جانب التصعيد مع طهران، يعطي مؤشرات واضحة على شكل التعاطي الاميركي القادم مع العراق.