حجم النص
بقلم:سالم مشكور كثير هو الكلام المتداول عن الموصل ما بعد داعش، وكثيرة أيضا السيناريوهات والاحتمالات المطروحة لتلك المرحلة، وهي متنوعة بتنوع الاطراف الخارجية وأجنداتها المتناغمة مع مشاريع وطموحات أطراف وشخصيات محلية. وكثيرا ما نسمع هذه الايام من يقول بأن من الخطأ تحرير الموصل من داعش قبل الاتفاق على مستقبلها. اتفاق بين من ومن؟ اتفاق على ماذا بالضبط ولماذا؟ يجيبونك بالقول: «اتفاق بين الاطراف السياسية وبضمانات دولية على شكل ادارة الموصل بعد داعش والا لا فائدة من التحرير لأن الوضع سيعود أسوأ وستظهر أشكال جديدة لداعش. أصحاب هذه المقولة لا يملكون التاريخ والسمعة التي تمكننا من أن نحسن الظن بمقولتهم هذه ونأخذها على محمل حسن. هؤلاء هم متهمون بالمساعدة في تسليم الموصل بيد داعش، ليس في التاسع من حزيران 2014، بل قبل ذلك بسنوات. كانت القاعدة أو «الدولة الاسلامية في العراق» هي «السلف» لداعش، وكانت تسيطر على الموصل تحت نظر وسمع و»تعاون» الحكومة المحلية. كانوا يجبون الاموال بشكل قسري من المواطنين والشركات، بل وحتى الدوائر الحكومية، دون أي اعتراض من قبل المحافظ السابق. اليوم يجنّد النجيفي قوات لم يتجاوز عددها 1200عنصر. تدربهم له قوات تركية في بعشيقة، لكن قيل ان التسجيل الرسمي تم لخمسة آلاف عنصر، فاين هم الباقون؟ يبدو انهم ما زالوا ضمن داعش ومن المقرر أن «يخلعوا» لحاهم ويصبحوا جزءا من حرس الموصل المستقبلي. تقارير تحدثت عن أن أغلب هؤلاء من جماعة الطريقة النقشبندية، أي حزب البعث - جناح عزت الدوري. لكن السيناريو الذي يروج له أثيل النجيفي لمستقبل الموصل هو تحويلها الى اقليم وتقسيمها الى ست أو ثماني محافظات على أن تخضع لاشراف دولي (اي تدويل)، ويستطرد في تفصيل اقتراحه بالقول: المحافظات الجديدة التي فيها أكراد تكون ادارتها مشتركة بين اقليم الموصل واقليم كردستان، على أن يترك لها الخيار مستقبلا للانضمام الى كردستان اذا أرادت، وفق ما ينص عليه الدستور العراقي (هذه المواد في الدستور وضعها الجانب الكردي عند كتابته، بإيحاء من مستشارين أميركيين). هذا السيناريو له من يدعمه في واشنطن، وهم في الغالب مؤيدون لانفصال اقليم كردستان ممن يشكلون اليوم لوبيا كرديا في العاصمة الاميركية. هؤلاء يريدون السيناريو هذا لكي يتم ضم المناطق النفطية الى اقليم كردستان دون حرب وخسائر. تؤيد هذا السيناريو أيضا تركيا التي تدرك ان ضم الموصل اليها أمر مستحيل، لذلك فان «الخطة ب» هي أن تصبح تركيا صاحبة النفوذ الاول في الموصل من خلال «جحوش» سياسيين وعسكريين يمتثلون لتعليماتها ومصلحتها، بعد أن ضمنت تبعية أربيل الاقتصادية والسياسية لها. حجتها المعلنة هي ابعاد أي خطر يتهدد أمنها القومي، بسبب وجود مقاتلي حزب العمال في سنجار وقنديل وغيرها. سبب آخر لا تعلنه هو أن تكون صاحبة نفوذ يوازن ما تسميه «النفوذ الايراني في الوسط والجنوب». هدف آخر غير معلن هو تأمين الطاقة الرخيصة لها، بعدما تتوقف امدادات النفط من مناطق نفوذ داعش مستقبلا. هل يجد هذا المشروع فرصته للتنفيذ على الارض؟.