حجم النص
سُربت "وثائق بنما" من مكتب "موساك فونسيكا" للمحاماة، زبائنه من قادة الدول والمشاهير من كل أنحاء العالم، ويعمل في كنف السرية التامة، أحد مؤسسيه من أصول ألمانية عرض العمل مع "سي آي أيه" بينما فكر الآخر أن يصبح كاهناً. "موساك فونسيكا" الذي بات في صلب فضيحة "وثائق بنما"، هو مكتب محاماة بنمي أسس سنة 1977، يعمل بعيدا عن الأضواء وتضم لائحة زبائنه شخصيات بارزة ومتخصص في قضايا التهرب الضريبي. وكشف عن الغموض الذي كان يحيط به حين اظهر تحقيق أجرته أكثر من مائة وسيلة إعلامية على أساس وثائق سربت من هذا المكتب أن أكثر من 140 مسؤولا سياسيا أو شخصية عالمية بارزة هربوا أموالا إلى ملاذات ضريبية. وفي هذه الوثائق التي ضمتها 11 مليون صفحة تظهر اسماء رجال سياسة ورياضيين ومشاهير، وكذلك الإجراءات التي يبدو أن المكتب استخدمها لتمويه التهرب الضريبي بينها اللجوء إلى ملاذات ضريبية مثل الجزر العذراء البريطانية أو دول في المحيط الهادي. ولم تعرف الطريقة التي سُربت فيها الوثائق. فقد حصلت عليها أولا صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية قبل أن يتولى الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين توزيعها على 370 صحافيا من أكثر من سبعين بلدا من أجل التحقيق فيها في عمل مضن استمر حوالي عام كامل. من يدير هذا المكتب؟ يورغن موساك هو المؤسس الأول للمكتب الذي أنشئ قبل ثلاثين عاما. ولد في ألمانيا عام 1948 قبل أن يهاجر إلى بنما مع عائلته حيث نال إجازة في القانون. والده كان نازيا خدم في وحدات النخبة في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، بحسب "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" ومقره واشنطن، مستندا إلى وثائق من الجيش الأميركي. وبحسب "ملفات سابقة للاستخبارات" فإنه عرض التجسس لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه". أما المؤسس الثاني لمكتب المحاماة موساك فونيسكا، فهو رامون فونيسكا مورا، ولد في 1952 ونال أيضا إجازة في القانون في بنما لكنه تابع دراساته في معهد لندن للاقتصاد. وقال في مقابلة أنه كان يفكر في أن يصبح كاهنا. وكان فونسيكا يدير شركة صغيرة قبل الاندماج مع موساك سنة 1986. وفتح المحاميان في بادئ الأمر مكتبا في الجزر العذراء البريطانية. وبحسب الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين فإن نصف الشركات التي نشأها هذا المكتب (أكثر من 113 ألف شركة) كان مقرها في هذا الملاذ الضريبي. ما علاقة المكتب بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال؟ لكن "موساك فونسيكا" فتح أيضا فرعا في جزيرة صغيرة في المحيط الهادي هي نييوي. وفي العام 2001 كانت عائدات الشركة في هذه الجزيرة مرتفعة إلى حد أنها ساهمت في 80% من الموازنة السنوية لنييوي. ومنذ ذلك الحين، وبضغط دولي أرغمت الجزر العذراء البريطانية على التخلي عن نظام الأسهم بدون تسمية المالكين، وعاد موساك فونسيكا إلى بنما وركز أعماله في أرخبيل انغيلا في الكاريبي. وأنفقت الشركة الكثير من الأموال في محاولة لمحو الإشارات على الانترنت التي تربطها بممارسات التهرب الضريبي وتبييض الأموال. لكن عدة دول بدأت تتابع انشطتها عن كثب. وفي البرازيل تم ذكر اسمها في إطار فضيحة الفساد التي هزت البلاد وطالت شركة النفط العملاقة "بتروبراس" المملوكة للدولة. وفي الولايات المتحدة اعتبر قاض من نيفادا أن المكتب حاول عمدا إخفاء دوره في إدارة فرعه المحلي في هذه الولاية الأميركية. والشهر الماضي أعلن فونسيكا الذي كان مستشارا للرئيس البنمي خوان كارلوس فاريلا منذ 2014 أنه سيذهب في إجازة. "تسريب الوثائق هو هجوم على بنما": وقال رئيس مكتب المحاماة رامون فونسيكا مورا أن الكشف عن كل هذه الوثائق "جريمة" و"هجوم" يستهدف بنما. وأضاف "هذه جريمة، هذه جناية"، مؤكدا أن "الخصوصية هي حق أساسي من حقوق الإنسان وتشهد تراجعا متواصلا في عالمنا اليوم. كل شخص لديه الحق في الخصوصية سواء أكان ملكا أم متسولا". وأضاف فونسيكا أن عملية التسريب "هجوم على بنما لأن بعض الدول لا تروق لها مقدرتنا التنافسية العالية على جذب الشركات". وقال إن "هناك طريقتين للنظر إلى العالم عبر القدرة التنافسية والثانية عبر فرض ضرائب". وتابع "هناك حرب بين الدول المنفتحة مثل بنما والبلدان التي تفرض ضرائب أكثر فأكثر على شركاتها ومواطنيها".
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟