حجم النص
د. عبدالعزير بدر القطان، مفكر وكاتب كويتي، لماذا في هذه الظروف الحرجة بعد مضي خمس سنوات على الأزمة السورية، بعد أن أصبحت المعركة على وشك اﻹنتهاء؟ تخرج علينا المملكة العربية السعودية بإعلانها استعدادها لإرسال قوات بعد خمس سنوات من الأزمة على سوريا، بعدخمس سنوات من تهجير الشعب السوري وقتل المدنيين، بعد خمس سنوات من الحروب اﻷهلية. بعد خمس سنوات من دعم بعض اﻷنظمة لإرهابين ولمليشات إرهابية من داعش الى النصره وانصار الشام وغيرهم، بعد خمس سنوات من حصار بعض المدن و الحروب الطائفية، بعد خمس سنوات من تصدير للعنصرية والأحقاد، أبت سوريا إلا أن تصمد بشعبها الذي حسم أمره باختيار الدولة على الميليشيا، والأمة على الطائفة. سوريا البلد الوحيد الذي تبني كل فصائل المقاومة الفلسطينية وتبنى القضية الفلسطينية بالعلن ووقف بالمرصاد للمشروع اﻹستيطاني والمشروع الصهيوني بالمنطقة، ولذلك التآمر على سوريا كان واضحاً جلياً منذ بداية اﻷزمة السورية.. بعد أربع سنوات ونيف تدخلت روسيا وقطعت خط اﻹمداد العسكري من تركيا إلى سوريا وضربت المشروع النفطي الداعشي. وأيضاً قطعت خط اﻹمداد على العصابات المسلحة داخل سوريا. تدخلت روسيا تدخلاً ذكياً جداً بعد معلومات استخبارية كاملة لمواقع داعش وخطوط اﻹمداد وما يحكى عن امتداد تركي. وكما كان التدخل الروسي بطلب من الحكومة السورية بموجب اتفاقية الدفاع المشترك المبرمة قديماً وحديثاً، كان الطلب سابقاً من إيران. إيران بدورها تعاملت مع الملف السوري بواقعية منذ البداية، فرضت تدرجاً في التدخل، بداية مع حزب الله اللبناني ولاحقاً المستشارين العسكريين اﻹيرانيين داخل اﻷراضي السورية. ورغم الجانب العسكري عبرت إيران مراراً عن دعمها إنهاء الأزمة عن طريق الدبلوماسية وهو ما لا يبدو أمراً محبذاً بالنسبة للدول الداعمة للمعارضة المسلحة السورية والمتعددة الجنسيات، كالسعودية وقطر وتركيا التي تنحى منحى التصعيد مع ظهور أية بارقة أمل في نهاية النفق. اليوم وقد نجح الجيش السوري في حسم معارك شمالي حلب بدعم جوي روسي وحضور نوعي إيراني ومن حزب الله بدأ الهمس عن اقتراب نهاية أشرس معركة في سوريا ضد اﻹرهاب. فجأة يخرج علينا تصريح من المملكة العربية السعودية تعرب فيه عن استعدادها لإرسال قوات برية إلى سوريا! السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا في هذا التوقيت بالذات في هذه الظروف الحرجة بعد مضي خمس سنوات، بعد أن أصبحت المعركة على وشك اﻹنتهاء؟ سؤال يطرح نفسه.. هل استطاعت السعودية أن تحسم المعركة خلال عشرة شهور ضد أنصارالله الحوثيين وعلي عبدالله صالح؟ سؤال يطرح نفسه.. هل استطاعت السعودية أن تتقدم خطوة واحدة نحو صنعاء؟ سؤال يطرح نفسه ماهو النصر الحقيقي في اليمن حتى تتطلب السعوديه الدخول إلى الأراضي السورية؟ بعيداً عن التهويل اﻹعلامي وبعيداً عن المزايدات والكلمات، نقول: السعودية لم تحقق نصراً حقيقياً في اليمن، ويعلم الله أني لست مع طرف من اﻷطراف، لا مع عاصفة الحزم ولا مع الحوثيين أنصار الله ولا مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح ولا مع هادي، أنا هنا مجرد محلل للقضية اليمنية والمشهد اﻹقليمي. الملف اليمني ملف شائك ولن يحل أبدا أبدا بالحسم العسكري، لن يحل إلا بالحل الدبلوماسي السياسي، وأنا وكل من يخاف على وطنه مع الحل السياسي. مع اﻷسف الشديد الذي يدفع الثمن في هذه الحرب المفتعلة المجنونة: هو الشعب اليمني والجيش اليمني والجيش السعودي ودول التحالف، فكيف التفكير إذا بخوض حرب اخرى بينما لا زالت اليمن الى اليوم جرحا نازفا تشهد على عجزنا جميعا. من مصلحة من التهويل بالتدخل البري في سوريا؟ الى أين ستأخذنا هذه التدخلات وهذه الحروب المفتوحة ؟ الدول العربية كلها تعاني من عجز اقتصادي، ولاول مرة حتى دول الخليج تشرب من كأس العجز الاقتصادي، باختصار هناك كارثة في حال لم يكن هناك إمكانية لإجتراح حل حقيقي، فكل ما يحدث يشكل مزيداً من الإرهاق للميزانية السعوديه والإرهاق لمقدرات دول مجلس التعاون لدخولها في هذه الحرب التي الى حد ما فيها كثير من المجامله وهذه مشكلة كبيرة. والله إني أتعجب واستغرب من هذا التعنت الذي لن نحصد منه إلا مزيداً من اﻹحتقانات واﻷحقاد في المنطقة ولن تأتي بخير للشعوب العربية عامة وللشعوب الخليجية خاصة. الخطر الداعشي خطر حقيقي، إذا انتهى من سوريا سنكون نحن الخليجيين مستهدفين في حال عجزنا عن رص جبهاتنا من الداخل ونقوي اقتصادنا ونقوي فكرنا ونحاول قدر المستطاع الا ننجرف خلف الإغراءات اﻷمريكية. اليوم البنتاغون يعلن ترحيبه بالتدخل السعودي في سوريا.. والله والله لن يكون هذا إلا فخ نصبته أمريكا للمملكة العربية السعودية لاستنزافها المالي. كما نصبته سابقا لحليفها صدام حسين وحليفها الشاه، فأرجو ان لا تستسلم المملكة العربية السعودية لهذا الفخ. يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين، فلا تتبعوا خطوات الشيطان بهذ الفخ. والله من وراء القصد هو حسبنا ونعم الوكيل.
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- الفراغ التشريعي بشأن قوانين تملك العرب والأجانب للأموال المنقولة في العراق