- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المرجعية الدينية قالت .... وكفى ؟!!
حجم النص
بقلم: محمد حسن الساعدي بداية لا بد ان نعي ان منصب المرجعية الدينية هو منصب الهي لا دنيوي، وان هذا المنصب خاضع لآليات غاية في الدقة والتعقيد، فليس من حق أحد مهما كان منصبه او لونه او شكله ان ياتي ليوجه المرجعية الدينية، والتي تمثل وكالة الامام المعصوم (عج) في الفكر الاسلامي عموماً والتشيع خصوصاً، كما لا يحق لأحد ان ينتقدها كون المرجع الديني الاعلى للطائفة لا يمكن ان ينصب وفق اهواء او مزاجيات البعض، بل يحتاج الى توفيق الهي وبركة الامام المعصوم والتي تمثل وكالته في زمن الغيبة. المرجعية الدينية ومنذ حياة الامام الخوئي (قدس) تعرضت الى الكثير من التجريح والتشويه والتشويش، سواء من الجانب الشيعي او من الخارج، وكلا التوجهين يحاول افراغ المرجعية الدينية من محتواها، وإبعاد جمهورها ومحبيها منها، وتمييع دورها وانهاءه، ولكن "يريدون ان يطفئوا نور الله بافوائهم والله متم نوره "،وبعد وفاة الامام الخوئي (قدس) وتصدي سماحة الامام السيد السيستاني للمرجعية الدينية العليا للطائفة، اذ رافق تصديه في وقت يمر به العراق بانعطافة خطيرة في تاريخه، وهي تحكم البعث الصدامي بمقدرات الشعب المستضعف، فما كان من المرجعية الدينية الا ان تكمل ما بدائه المراجع من قبله من ضرورة المحافظة على تماسك الحوزة العلمية، والحفاظ على دماء المسلمين بصورة عامة امام بطش الة القتل الدموية للبعث الصدامي في العراق، كما ان المرجعية واكبت حقبتين سوداويتين في تاريخ العراق الحديث الا وهي الحكم الجائر لصدام وبعثه الفاشي، واحتلال العراق، الا ان المرجعية الدينية استطاعت وكعادتها من الوقوف والتصدي بحزم للمخططات والمؤامرات التي تحاك ضدها من جهة، والبلاد من جهة اخرى، حتى استطاعت من توجيه الوضع السياسي في البلاد عبر توجيهات منبر الجمعة من الصحن الحسيني المطهر، فساندت ووقفت مع الجميع دون ان تتكأ او تعتمد على جهة دون غيرها، لانها لم تكن متأكدة من نوايا الجميع تجاه بلدهم من جهة، ودورها الابوي الذي فرض عليها ان تكون للجميع. المرجعية الدينية ومنذ اللحظة الاولى لتصديها للتوجيهات، كان خطابها واضحاً لايقبل التأويل او التفسير، على عكس القوى السياسية التي حاولت تاويل قولها وتوجيها بما يتلائم وأيدلوجياتها واجندتها، لهذا كانت المرجعية الدينية تقف وتوضح وترفع الشبهات، وتفضح المخططات، وتحارب الفساد والمفسدين، ولكن دون ان يكون هناك آذان تسمع او عقول تعقل، او حرص على مصلحة بلد او شعب ما زال يطمع ان يعيش حياة الشعوب الاخرى، لهذا عندما نريد ان نكتب عن المرجعية الدينية العليا، وعن دورها في مجمل العمل السياسي والديني، فإننا نكتب عن تاريخ عمره الف عام، ولايهمنا لا من قريب او بعيد من يثرثر ويحاول تغيير او تحريف هذا التاريخ، من أراد المرجعية الدينية فعليه ان يكون بتماس معها لأننا بأمس الحاجة اليها اليوم، ونحن نرى اليوم مكتب المراجع كيف اصبح قبلة للعالم كله باجمعه، ومن مختلف القوميات والمذاهب، فلا نقف عند التفاهات، والكلام الذي اقل ما يقال عنه انه كلام معد له ومدفوع الثمن. الخطاب الاخير للمرجعية الدينية العليا، والذي علق فيه الخطاب السياسي، ووفق الظروف التي تطرأ على الساحة السياسية، كان واضحاً اذ ان المرجعية الدينية وخلال الفترة الماضية لم تجد الاذان الصاغية، ولم تجد المعالجات لملفات الفساد المستشري، وإصلاح العملية السياسية، وهو استياء واضح على فشل الأداء الحكومي الذي أوصل الأمور الى ضياع ثلث البلاد وسقوطها بيد الارهاب الداعشي، ولولا رؤيتها وحكمتها وإصدارها للفتوى الشهيرة " فتوى الجهاد الكفائي " لكانت الأمور تتجه نحو تهديد المدن المقدسة في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف، بمعنى اخر ان الحكومة فشلت في ملف الإصلاحات، وفقدانها لمصداقيتها امام الجمهور والمرجعية الدينية العليا. المرجعية الدينية العليا في خطابها الاخير لم ترفع يدها عن الواقع العراقي والشأن السياسي عموماً، بل هي صمام أمان حقيقي للعراق وشعبه، وهي أمل المستضعفين في تغيير الواقع المؤلم، ومثلما كان دورها ريادي في الحفاظ على البلاد من سيطرة الارهاب الداعشي، عبرفتوى "الجهاد الكفائي"، سيبقى دورها ووقفتها الجادة في محاربة الفساد المستشري وايجاد الحلول المناسبة للمشاكل السياسية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد، الا انها ستعمل على ان يكون الشعب العراقي هو صاحب الكلمة الفصل في تغيير الواقع، وله الدور المباشر في محاربة الفساد، وكشف المفسدين في موسسات الدولة كافة، وهي رسالة مهمة للشعب وان يكون على قدر المسؤولية في محاربة الفساد، وان ينظر الى مراجعه بعين انها أبوية للجميع، وتنظر الى مصلحة الدين والوطن، ولا تنظر الى مصالح هذا او ذاك، او تنصر هذا وتحارب ذاك، لهذا هي مرجعية تحفظ الجميع وللجميع، لهذا كله فان اي فكر اسود يحاول تضليل الجمهور او الاساءة الى تاريخ مضرج بالدماء للمرجعية الدينية فمصيره الخذلان ومزبلة التاريخ، فأين صدام وبعثه واين المرجعية، واين الحكومات التي حاربت المرجعية على طول التاريخ، لهذا ستبقى المرجعية الدينية الصخرة التي تتكسر عليها جميع المؤامرات الخبيثة، والأقلام السوداء الماجورة، وان المرجعية الدينية ستبقى الحصن الحصين للدين والوطن.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- البرلمان العراقي يقر راتبه سراً ؟!!
- المرجعية وخط المواجهة مع المخدرات