حجم النص
بقلم:علي فاهم مع أستلامي للراتب نهاية كل شهر تبدأ المحاولات الفاشلة للامساك به قدر المستطاع بعد توزيعه على السادة (الديانة) و الاخوة أصحاب الفخامة من البقالين والخبازين و (ابو المولدة) و ابو الجبس الله لا يسلطهم على عبد من عباده، و بعد عملية التوزيع القاهرة من القهر طبعاً نحسب الفتات المتبقي (الخردوات) إن وجدت حتى نستأنف عملية الاقتراض في متوالية عددية تتكرر كل شهر و طبعاً هذا الدين المصحوب بذلة السؤال التي شخصها أمير الكرامة بأن السؤال مذلة و لو عن الطريق فما بالك و السؤال بات طريقاً تسلكه كل شهر بينما هناك من لا يعرف أين يضع الاموال التي يستلمها لأنه خدم ثلاثة أشهر او اكثر بقليل في دولة المنتسبين لأمير العدالة، نعود الى الخردوات المتبقية من راتب الذلة فدائماً ما يتبقى بضعة اوراق من فئة الالف دينار التالفة التي لا يتقبلها الاطفال ولا اصحاب الدكاكين و يرفضها حتى المتسولون يقولون لي (خليها الك) و قبل ايام بقي لدي ورقة من فئة الالف دينار يتجول في جيبي رافضاً الانتقال الى جيوب الاخرين انهكته كثرة اخراجه و ادخاله في جيبي و كل من يراه في يدي يقول لي (بدله) و لكن في زيارة الغدير الاخيرة و بينما انا اتجول في سوق الحويش كعادتي عندما اذهب للنجف الاشرف و اثناء تجوالي و بحثي في العناوين الجديدة للكتب التي اقتصرت على كتب الادعية و الزيارات و الاحراز و الخيرة و كتب الطبخات و الشفاء بالاعشاب فقط حيث كانت تتصدر العرض لاحظت في زاوية منسية مجموعة من الكتب اقتربت منها لاطلع على العناوين فرأيت ان اغلبها لمفكرين اسلاميين كبار كان ابرز العناوين هي لكتب المفكر الاسلامي الكبير علي شريعتي و بينما انا اقلب بالكتب رأيت لافتة ورقية كتب عليها (سعر الكتاب الف دينار) فتذكرت صديقي الممزق الراقد في باطن جيبي وقلت هل من الممكن ان يكون قيمة له كتاب للدكتور شريعتي فأخرجته من سجنه و دفعت به متردداً الى صاحب المكتبة وأنا اتوقع ان ينهرني عندما يراه و لكن المفاجأة أنه قبله وهز برأسه مبتسماً في الحقيقة رغم أني يفترض بي ان اكون سعيداً لأني كسبت كتاباً لشريعتي مقابل ورقة رفضها حتى المتسول و لكن الشعور في داخلي كان الغضب و الامتعاض من عدة صور تشابكت في تلك المقطوعة الزمنية التي تنبأ بمستقبل مظلم و لم ينتهي هذا الترابط المتصل مع مشهد أخر في سوق أخر في مدينة العلم فمن الملازمة انك ان زرت النجف الاشرف لابد ان تستصحب معك صوغة و الا فستعرض نفسك للمساءلة ولكي تثبت انك كنت في النجف و ليس في مكان اخر لابد من ان تدخل حاملاً معك دهين النجف وهذا الامر أستغرق مني البحث عن دهين ابو علي الشهير بين الاف القطع المتجاورات وكل منها يدعي الوصل بـ أبو علي وهو لا يقر لهم بذاك و لم أجد من دليل على صاحب الامتياز الحقيقي الا اني وجدت احدهم يقف امامه عشرات الناس فوقفت معهم و بعد معاناة كبيرة حصلت على دهينتي وخلال تدافعي مع الناس كنت استحضر تلك الكتب المنسية على الرصيف وضعت كتاب شريعتي بجوار دهين ابو علي لاستخرجه في البيت وهو غارق بنكهة الدهن الحر.