حجم النص
بقلم:سعد عواد يحتفل العالم في الثالث من آيار من كل عام بذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة تثمينا وتقديرا لدور الصحافة في بناء الاسس الديمقراطية السليمة وحماية المنجزات الديمقراطية للمجتمعات من خلال النقد والمراقبة وتقويم مؤسسات الدولة وكشف الحالات السلبية بهدف معالجتها وايجاد الحلول لها..على مدى اربعة عقود وفي ظل حكومات البعث المتعاقبة في العراق كانت كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بيد السلطة اي بمعنى اعلاما مسيرا وموجها احادي النظرة يتبنى سياسة وايدلوجية الحزب الواحد وليس للاعلام غاية او هدف سوى تعبئة الجمهور للايمان بفكر الدولة ومنهجها السياسي وفق نظرية السلطة او النظرية السلطويه في الاعلام والتي تقوم على اساس توطيد وحماية الحكومة والترويج لسياساتها.واليوم وبعد مرور اكثر من عقد من الزمان على سقوط دكتاتورية البعث ومع وجود المئات من الصحف سواء الحكومية او الحزبية او المستقله هل لدينا فعلا حرية صحافة ؟وهل كان لهذه الصحف الدور الفاعل في المراقبه والتقويم وكشف الفاسدين وصناعة رأي عام مؤثر له القدرة على تغيير اتجاهات الجمهور ؟ بداية اقول ان الصحافة لا يمكن ان تنشط وتؤدي دورها في ظل مجتمع لا يؤمن بالحرية او تحكمه وتؤثر فيه سلطات متعددة (سياسية ,دينية ,قبلية) الصحافة اليوم تمارس دورها التقليدي في نقل الاخبار وايصال المعلومة ونشر مقالات الرأي وربما بعض التحليلات على الاخبار وعمل تحقيقات المشكلة او التحقيقات المسلية او (اللقاءات التلميعية مع المسؤول)التي لاتهم القارئ ولا تقدم له الجديد..ان غياب التحقيقات الاستقصائية والقصص الخبرية المؤثرة شيئ طبيعي في العراق بسبب القيود التي تفرضها السلطت الآنفة الذكر وانا شخصيا اعرف الكثير من الصحفيين ممن تعرضوا الى مضايقات وتهديدات باللجوء الى القضاء والعشيرة بسبب نشرهم لحالات فساد بسيطة في عدد من المشاريع..واضطروا مرغمين للانسحاب بهدوء لانهم غير مستعدين للتضحية بانفسهم وبعوائلهم من اجل كشف حالة بسيطة للفساد فكيف للصحافة ان تكشف وتفضح حيتان الفساد الكبيرة والدولة بكل امكاناتها غير قادرة على التعرض لهم لان الحكومة وخاصة في الصحف والفضائيات التابعة لها لا تؤمن بشيئ اسمه الاعلام الحر والذي يملك القدرة على توجيه النقد او عرض اراء معارضة لمنهجها كونها بعيدة عن آليات العمل الديمقراطي وتشعر انها صاحبة الحق في تسسير وتسخير هذا القطاع حسب رغبتها وبذلك من الطبيعي ان تفقد الصحافة استقلاليتها وقوة تأثيرها ,ان الاعم الاغلب من المسؤولين في الدولة لا يؤمن بالعمل الصحفي وبحرية الصحافة بل ينظر الى الصحافة على انها الوسيلة المثلى لتلميعه ونشر انجازاته المزعومة بل يعدها ملكا له يدير بوصلتها كيفما يريد..ما اود قوله ان هناك علاقة جدلية بين حرية الصحافة وبين حرية المجتمع وديمقراطية الدولة او هي علاقة تكامليه لا يمكن الفصل بينهما..ولذلك اعتقد ان الصحافة العراقيه هي ضحية الوضع السياسي المأزوم بل هي مرآة عاكسة للسياسة واحداثها ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف ان نلاحظ الاستخدام السيئ لحرية الصحافة ولحرية التعبير, لدينا اليوم صحافة طائفية وصحافة محرضة وصحف تختلف توجاهتها باختلاف مصادر تمويلها والقوى التي تقوم على ادارتها..فالفوضى السياسية والاستخدام السيئ لحرية الصحافة حولت بعض الصحف الى مصانع لانشاء الشائعات وتسطيح الفكر واثارة الفتن..ما نتمناه والعالم يحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة ان نشعر بوجود صحافة حقيقية حرة ومتحررة من كل القيود تسلط الضوء الى مكامن الظلام والخطأ وان تكون حاملا لقضايا المجتمع وأداة فاعلة لتقليص مساحة الفساد وليس همها الوحيد خدمة السلطة والنظام الحاكم. * نائب رئيس تحرير جريدة كربلاء اليوم
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- فلسطين والجامعات العالمية والصدام الكبير
- مشروع قانون استبدال العقوبة السالبة للحرية بمبالغ مالية