حجم النص
بقلم فالح حسون الدراجي أقام الأردنيون يوم الجمعة مهرجاناً تأبينياً فخماً في العاصمة عمان بمناسبة إعدام المجرم صدام حسين، وقد نظم هذا الإحتفال التأبيني من قبل النقابات المهنية الأردنية التي تضم خليطاً من البعثيين، والإسلاميين والشيوعيين والقوميين الأردنيين والفلسطينيين، خاصة نقابة المهندسين التي يسيطر عليها الإسلاميون، وبعض الصداميين. ولعل الدورالذي لعبه المهندس ليث شبيلات نقيب المهندسين آنذاك، والمحامي هاني الخصاونة (نعم الخصاونة) في إنشاء هذا الإحتفال التأبيني السنوي بذكرى إعدام المجرم صدام، قد ساعد في أن يظل المهرجان قوياً ومتواصلاً كل هذه السنوات دون توقف، أو انقطاع، رغم كل المتغيرات التي حصلت وتحصل في بنية الهيئات القيادية الرئيسة في النقابات الأردنية الأربع عشرة، وهذا دليل على أن الشعب الأردني بمختلف ميوله وإتجاهاته وجذوره والوانه ومدنه، ملتزم بقضية (الوفاء) لصدام حسين. ولكي يتأكد أمر(الوفاء) الأردني عندي وعند القارئ فإني أود أن أذكر بأن السفلة الأردنيين في محافظة الكرك مثلاً (أبرز المحافظات التي تحتفل بتأبين صدام)، قد أسموا مهرجانهم الخطابي هذا بمهرجان الوفاء، ثم وضعوا له شعار(الوفاء للشهيد هو الإلتزام بنهجه المقاوم) بينما (سفلة عمان) رفعوا شعاراً آخر لمهرجانهم التأبيني يقول: (من القدس الى بغداد.. طريق واحد للتحرر والجهاد)!! أضع أمامكم اولاً نص الخبر الذي نشرته الصحف ووكالات الأنباء الأردنية والعربية عن مهرجان التأبين لصدام في العاصمة عمان: (اقامت لجان احياء ذكرى الشهيد صدام حسين ورفاقه مساء "امس" مهرجانا خطابيا في مجمع النقابات المهنية في منطقة الشميساني غرب العاصمة عمان مساء الثلاثاء احياء للذكرى الثامنة لاستشهاد الرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام حسين.وأقيم المهرجان تحت شعار (من القدس الى بغداد … طريق واحد للتحرر والجهاد)، تأكيداً على نهج الشهيد الذي ناضل من اجل تحرير فلسطين من النهر الى البحر، ضمن مشروع نهضوي يهدف الى اعادة الامة العربية الى مكانتها بين الامم.وتخلل المهرجان العديد من الكلمات لشخصيات وطنية، حيث اكد رئيس التيار القومي التقدمي المهندس خالد رمضان في كلمته على ضرورة التزام الشعب الاردني بمبادئ الشهيد الراحل، مشيراً الى أن الاردنيين يرفضون اتفاقية استيراد الغاز الاسرائيلي تمسكاً بالنهج العروبي القومي الذي حمله الشهيد صدام ودافع عنه حتى اخر لحظة في حياته. وأشار رمضان الى أن الاردنيين يصرون على احياء ذكرى الشهيد سنويا ليس وفاءً للشهيد فقط، بل ايضا من باب التأكيد على ان فكر الشهيد القومي التقدمي حي خالد لا يموت وسيبقى يقاوم القوى الاستعمارية والافكار التكفيرية الظلامية. والقى شاعر المقاومة العراقية غدير الشمري مجموعة من القصائد التي مجدت الرئيس العراقي وروت قصصا من حياة الشهيد، كما أكدت على بطولات اهل الانبار والمدن العراقية في ثورتهم ضد الظلم الذي يتعرضون له من قبل الحكومة العراقية الحالية المدعومة من الاحتلال الامريكي. وبينت الشاعرة نرجس القطاونة بان الشهيد صدام لم يساوم يوماً على مصالح الامة وقضيتها المركزية فلسطين يذكر ان لجان إحياء ذكرى الشهيد صدام حسين ورفاقه تقيم سنويا مجموعة من الفعاليات نهاية شهر كانون الاول بهدف إحياء ذكرى الشهيد صدام وتأكيداً على وفاء الشعب الاردني للقائد الراحل...)!! سأكتفي بنقل هذا الخبر عن إحتفال الأردنيين التأبيني في مدينة عمان فقط، دون التوغل نحو مهرجانات التأبين في المدن الأردنية الأخرى، المدن التي إرتدت السواد، وخيم عليها الأسى بمناسبة حلول الذكرى الثامنة لإعدام الطاغية صدام. وإذا كانت كتلة "دولة القانون" البرلمانية في العراق قد طالبت، يوم أمس الأول السبت، وزارة الخارجية العراقية، باستدعاء السفير الأردني في بغداد للاحتجاج على إقامة حفل تأبيني لصدام في الأردن فإن هناك عشرات النواب في برلمان العراق سيتصدون لهذه القضية، ويردونها على أعقابها، ليس لأنهم يقفون بالمرصاد لأي مشروع، او مقترح تطرحه كتلة دولة القانون فحسب، إنما لأن الأردن عزيزعلى قلوبهم، فثمة أكثر من ثلث أعضاء البرلمان يقيمون هم وعوائلهم في عمان، وثلث آخر جعل من الآردن محطة يتزود بها بالبركة والأجر والثواب في ذهابه ومجيئه للعراق. وإلاَ هل سينجح مطلب كتلة دولة القانون في إستدعاء السفير الأردني – مجرد إستدعاء لا سحب، ولا طرد -؟! والجواب سيكون مثل كل مرة حتماً: زوبعة في فنجان، وجعجعة دون طحين.. إذ حتى لو تم إستدعاء السفير الأردني، فلن يحصل أكثر من جواب أردني حكومي واحد مفاده أن (الشعب حر، ولا سلطة لنا على النقابات المهنية، ويعطيك العافية)!! والقضية التي لفتت نظري في هؤلاء الأردنيين، تتمثل بهذا (الوفاء) لصدام حسين، على الرغم من أن العرب معروفون بجحودهم، فهم لا يلتزمون بالوفاء لأحد مهما كان فضله عليهم.. إلاَّ أن الأردنيين كسروا القاعدة العربية، ووفوا للرجل الذي رفعهم من الطهارة الى المنارة.. فصدام الذي أفقر شعبه، وأغناهم، وأجاع بلده وأشبع بلد لوط، يستحق من الأردنيين هذا الموقف.. لأن فضل صدام على الأردنيين لم يتوقف عند حياته فحسب، بل تواصل حتى بعد أن (فطس)، حيث إستمر أفراد عائلته، وأقاربه، وأيتامه وكلابه في إفراغ خزينة العراق، ونقلها الى الأردن، وها هي عمان اليوم تضاهي مدن العالم الجميلة والأنيقة والسعيدة، بينما بغداد الآن أشبه بمقبرة.