حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال (((أولى النوافل))) سفينة شراعها الهدى.. ومسراها التقى.. وسبيلها الحق.. خُطَ اسمها على ساق العرش.. يسيرها الملكوت.. تبحر في محيطات السلامة.. من تلك التي لا حدود لها.. توسمها الحكمة الإلهية.. لا تلقي مراسيها إلا عند ساحل الرحمة.. لم يتوقف إبحارها.. حتى إذا توقف مسرى الفلك عند نقطة معينة.. وإن هو لم يتوقف يوما.. تأخذ من ركبها إلى شاطئ الخلاص.. تمنحه وقاية من مرديات الهوى.. تنقذه من أغلال إغواءات الشياطين.. فإن رست فهي باسم الله ترسو.. تعصم من يأوي إليها من طوفان الخطايا.. وتنزه اللاجئ إليها من كل ريب.. تنزع منه الرهبة من المجهول.. ليتمتع بالبهجة.. أخبر عنها خير خلق الله صلى الله عليه وآله وعرفها بمنطوقه الشريف.. واصفا إياها: من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهلك.. تسيرها استجابة دعوات الآملين.. تظللها سحائب.. الطمأنينة.. والسلامة..والأمان.. والإستقرار.. بما أن وسعها ليس له نظير في الكون كله.. فقد راحت النفوس التواقة للفوز بالنعيم الدائم.. تتسابق للحاق بها.. لتركب فتنجو من الهلكات... تلك هي سفينة سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام. ركبها المتفاعلون مع نصحه الصادق.. الذائبون في جوهر نهجه الشريف والموالون.. والمحبون.. والمناصرون دستوره الذي بينه بقوله الشريف: إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي.. واحتشدوا فيها.. ولم تضق مهما تضاعف عدد الراكبين.. مثلما هي أوسع من أن يصفها الواصفون.. فمهما وصفوا.. فإنهم لم يبلغوا كنه وصفها.. تعلق بها الشعراء والأدباء.. وأيما تعلق.. واخذوا نصيبا وافرا في شغل بعض مساحاتها.. ركبوها ليحققوا غاياتهم.. ويطلقوا العنان للقريحة.. كي تتسربل منها شهقات ليست أهازيج.. بل نفحات ينتشر أريجها في حقل الولاء الحسيني.. فيمازج حبَ عابس الجنوني.. شهقات تفصح عن مكنون ما تجيش به صدورهم.. طالما رسموا بالأنين والحسرات ليس بغيرها أرق وأجمل الصور.. وخطت أناملهم أرشق الكلمات وألمعها.. من تلك التي نثت قوافٍ عذبة.. فارتشفت منها وريقات.. راحت هي الأخرى تفاخرت بارتوائها من تلك القوافي.. رتلت شفاههم ترانيم قداسة.. وصدحت حناجرهم بها.. راحت توخز صحوة كل ضمير.. لينزف توقا للحزن الرشيق.. فتستجيب المحاجر.. وتتخلى عن جَلَدها.. فتُنِهر من العيون الدموع ولعلها ترسم على الخدود أخاديدَ.. فراحت أعناق المجد والفخر والإبتهاج تشرئب إليهم.. واشتاق اليراع لأن يخط أسماءهم على أشرف آفاق التدوين.. بأشعة النور.. أدرجت أسماؤهم في قوائم المناصرين وهم لا يعلمون.. والمدافعين عن النهضة الحسينية المقدسة. نبلاء..كرماء.. شعراء.. أدباء.. تسمية حملوها كي يخاصموا الجهالة ليندحر دجى الغفلة.. فتزهر قناديل ذكرى واقعة الطف.. ويظل سناؤها يملأ الآفاق.. منهم من أصدر دواوين كثيرة.. ومنهم من ينتظر.. وما ذللوا تذليلا.. وما ناصروا تضليلا.. وما تهاونوا يوما أبدا.. بادروا بالسير في ميادين السارحين بوادي الطفوف.. سارعوا مشتاقين لحيازة الشرف الحسيني الرفيع.. ليلتحقوا بمدرسة عابس.. وينتهجوا نهج جون.. ولما انزوى القابعون في ظلمات الخشية من بطش السلاطين.. لتنزوي إختفاءً عن عيون أزلامهم.. برزوا.. ولما ارتجفت قلوب الآخرين.. ارتجزت قلوبهم قبل ألسنتهم.. حاربوا الظلم والجور بأسنة الأقلام وليس بأسنة الرماح.. بل بالأقلام كسروا الرماح.. ألهبوا بسياط القوافي ظهر جبروت المخالفين الجاحدين المارقين والناكثين.. من أعداء الكرامة والحرية والسعادة.. المتمثلة بصوت سيد الشهداء عليه السلام.. حتى نالوا تسمية: شاعر حسيني.. تسمية مشرفة.. أطلقها التأريخ.. قبل الناس.. كرامة ينهار أمامها سمو الأسماء والألقاب.. أي وسام ذلك الذي يعلقه الشاعر الحسيني على نضارة صدره ؟.. وحين أصرت مخيلاتهم وسعة أذهانهم أن تتمسك بكل صور واقعة الطف..أبت أن تغادرها.. اعتصمت أرواحهم وضمائرهم في واحة تلك الواقعة.. وانطلقوا منها إلى ساحات التمايز.. فكان لابد من وجود مائز يفصلهم عن شعراء وأدباء آخرين.. إذ كساهم الولاء جلباب منعة صلدة تقيهم اختراق الخطايا.. لا خطيئة تداهم أفكارهم.. إذ أنهم التحقوا بركب المناصرين لنيل لقب حدده إخلاصهم وصدق نياتهم ؟؟ ومن أجل أن يلبسوا استبرق الخلود..عادت الدهور لتمنحهم لقبا.. ينفردون به.. لا ينازعهم عليه أحد سواهم.. ليس إلا لقب: خادم الحسين عليه السلام.. لقب لا يلقاه إلا ذو حظ عظيم.. ثم زاد استبرق خلوصهم.. واقتربوا من اللمعان أكثر.. ليكون اللقب: (حسينيون).وواحدهم حسيني..