حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ الأغلبية التي نالها برنامج حكومة د.العبادي بمحاوره الستة(عراق آمن ومستقر ـ الارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطن ـ تشجيع التحول نحو القطاع الخاص ـ زيادة إنتاج النفط والغاز لتحسين الاستدامة المالية ـ الإصلاح الإداري والمالي للمؤسسات الحكومية ـ تنظيم العلاقات الاتحادية – المحلية)، عكست رغبة البرلمانيين ولأول مرة في توحيد الرؤى حول إستراتيجية مشروع وطني شامل بدءا بالملف الأمني وملف الخدمات وليس انتهاء بملف تنظيم العلاقات المتعثرة مابين الحكومة المركزية والحكومات المحلية وإقليم كردستان فهو يضع خارطة طريق واضحة المعالم وعملية ومهنية طويلة الأمد وليست شعاراتية وقتية للأداء الحكومي وإزاحة التعثرات والتلكوءات التي لازمته طيلة السنين السابقة فجاءت الأغلبية التي حظي بها هذا البرنامج "متنفسا" للبرلمانيين في هذا المسعى فلم يجابه هذا البرنامج أي "اعتراض" رغم تشعب وتعدد بنوده ومحاوره وشموليته الإستراتيجية الواسعة لجميع مفاصل ومحاور وهياكل الأداء الحكومي ومايتعلق بحياة المواطن العراقي الذي هو صلب هذا البرنامج ومادته الأساسية ففي الوقت الذي يؤكد د.حيدر العبادي ضمن أولويات برنامجه على مسالة امن وسلامة العراق كقضية مصيرية راهنة لتحقيق الاستقرار الذي بموجبه يتم تفعيل أي برنامج حكومي: (اولا: عراق آمن ومستقر:ان توفير بيئة آمنة ومستقرة أمر أساسي لتحقيق أولويات الحكومة الإستراتيجية يتطلب بناء جيش قوي قادر على القيام بمسؤولياته بعيدا عن السياسة يسانده جهد استخباري وامني يعزز امن وسلامة المواطن وحماية موارد البلاد) ثم يعرج على مسالة الارتقاء بالخدمات والمستوى المعيشي للمواطنين التي تأتي بالمستوى الثاني من أهمية الأولويات بعد الملف الأمني وهي مسالة لاتقل أهمية عن محور الأمن: (تسعى الحكومة من خلال برنامجها الى تحقيق مستوى معيشي وخدمي للمواطن يلبي متطلباته الأساسية في العيش الكريم عن طريق توفير خدمات صحية على وفق معايير عالمية وإيصال الخدمات الأساسية من خلال تحسين نوعيتها من ماء وكهرباء وتطوير نظام الإدارة المتكاملة للمخلفات وزيادة نسبة المناطق المشمولة بخدمات الصرف الصحي بما يتلاءم مع الزيادة الحاصلة بعدد السكان) ويضيف قضية النازحين الى محور الخدمات المقدمة راسما ملامح عملية آنية ومستقبلية لقضيتهم الشائكة والمأساوية بـ (التأكيد على توفير مستلزمات البنى التحتية وإعادة اعمار المدن والمناطق التي تضررت من الممارسات الإرهابية والعمليات العسكرية وضمان امن وسلامة النازحين وتوفير مأوى مؤقت مناسب مع التأكيد على إعادتهم الى مواطن سكناهم الأصلية) ولمعالجة أزمة السكن المستفحلة يقترح البرنامج (بناء مساكن اقتصادية واطئة الكلفة للفئات الهشة من المجتمع بمشاركة وزارة الاعمار والإسكان والمحافظات كافة إضافة الى إنشاء مشروعات السكن الاعتيادي) ويشدد على (التأكيد على ضمان حق المواطن في الحصول على فرصته في التعليم والتعليم العالي والانتقال نحو التعليم المهني والتقني) وفي ملف المجتمع تضمن البرنامج رعاية الأسرة والمرأة أي الاهتمام بنواة المجتمع ولبنته الأساسية (الاهتمام بالمرأة والتأكيد على اخذ دورها في المجتمع وتفعيل برامج النوع الاجتماعي) ورعاية الشباب بـ (إنشاء وتأهيل وصيانة المنشآت والمرافق الشبابية والرياضية والإشراف على إدارتها واستثمارها وتحسين التمويل الذاتي) ورعاية الطفل بـ (استكمال إعداد سياسة حماية الطفل في العراق بالتنسيق مع منظمة اليونسيف لحماية الطفل) وفي الجانب الاقتصادي والمالي يعرج البرنامج على مسالة استدامة الموارد المالية التي تصب في ديمومة سيولة الاقتصاد العراقي وان كان مايزال بصفته الريعية الأحادية ورفدها بالتطور في ميداني الصناعة والزراعة والنفط وصولا الى الاكتفاء الذاتي: (النهوض بواقع الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية، تعد الزراعة والثروة الحيوانية ركنا أساسيا في تنشيط الاقتصاد الوطني وللنهوض بهما سيجري العمل على توفير المستلزمات والمعالجات الفعالة للحقول والمزارع لزيادة الإنتاج وصيانة مشاريع الري والبزل لتأمين الاحتياجات المائية وإنشاء السدود والخزانات والنواظم واستصلاح الأراضي وحفر الآبار المائية مع التأكيد على تشجيع الاستثمار وتوفير المدخلات الأساسية الكافية وإصلاح التشريعات والإجراءات ذات الصلة وزيادة الإنتاج الزراعي والحيواني نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي) ناهيك عن تطوير الصناعة العراقية وتنويع مصادر تمويل الاقتصاد الوطني وحماية المستهلك العراقي ودعم القطاع الخاص(تعزيز الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة وتوفير البنى التحتية الضرورية لخلق مصادر تمويل إضافية للموازنة العامة للدولة بدلا من الاعتماد الكلي على النفط أ ـ إعادة هيكلة الصناعات المملوكة للدولة والتحول التدريجي نحو القطاع الخاص: تعزيز دور القطاع الخاص وتفعيل العمل بالاستراتيجيات الوطنية المقرة ذات العلاقة وتشجيع الشراكات الإستراتيجية مع المستثمرين المحليين والأجانب الأكفاء وتسهيل إجراءات منح الرخص) ثم يدرج د. العبادي في متن برنامجه محورا مهما آخر يخص البيئة(ـ توفير بيئة صحية نظيفة،الحفاظ على مكونات البيئة (الماء ـ الهواء ـ التربة) من خلال تطوير نظام الإدارة المتكاملة للمخلفات وزيادة نسبة المناطق المشمولة بخدمات الصرف الصحي بما يتلاءم مع الزيادة الحاصلة بعدد السكان وصيانة الشبكات الحالية وشبكات الأمطار ومعالجة مياه الصرف الصحي على وفق المواصفات العالمية وتنظيم مراكز المدن على وفق التخطيط الحضري والتوجه نحو استخدام الطاقة المتجددة والاستمرار بتنفيذ برنامج مكافحة التصحر والحفاظ على الغطاء النباتي الطبيعي وتطوير برنامج إنعاش الاهوار إضافة الى الإدارة المتكاملة للمواد الكيمياوية الخطرة والحد من التلوث الإشعاعي والنفطي) وعلى المستوى الوطني يشير برنامج د. العبادي الى مسالة العلاقة بين المركز والحكومات المحلية وإزالة التوتر فيما بينها وذلك عبر (توزيع الصلاحيات الحكومية بين الإقليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم.تفعيل صلاحيات المحافظات استنادا الى ما جاء في قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008 المعدل مع مراجعة الآثار المترتبة على مواد الدستور ذات الصلة بسلطات الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم) فضلا عن تنظيم العلاقات الخارجية لاسيما مع دول الجوار (التعاون مع دول الجوار على أساس المصالح المشتركة بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار للبلد).وهكذا يرسم هذا البرنامج الموسع والشامل خارطة طريق عملية دقيقة لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية ولايتحقق ذلك إلا بالقضاء على الإرهاب وتحقيق الأمن ومكافحة الفساد بكافة أنواعه، الذي استشرى في مرافق الدولة (مكافحة الفساد 1 ـ انجاز الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2014 ـ 2017) بالاشتراك مع الأجهزة المعنية)، وبدون هذه المكافحة يبقى هذا البرنامج حبرا على ورق!!!!!. إعلامي وكاتب مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- نصيحتي الى الحكومة العراقية ومجلس النواب بشأن أنبوب النفط الى العقبة ثم مصر
- لماذا تصمت الحكومة أمام عقود أندية دوري "لاليغا" ؟
- ما هكذا تُورَدُ الإبلُ يا حكومة السوداني