- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حكومة التوافق في العراق على المحك ؟!!
حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي في خضم المباحثات التي يجريها رئيس الوزراء المكلف لتشكيل الحكومة المقبلة تبرز الى السطح حالة التوافق السياسي في اغلب هذه التفاهات، وينطلق مثل هذا التوافق على الكثير من الإيجابيات والسلبيات على حد سواء. مفهوم التوافق السياسي: وهو مصطلح أُطلِق لأول مرة على طبيعة عمل الحكومة البريطانية للمدة ما بين (1945-1979). حيث أطلق المُحللون السياسيون، وخبراء العلوم السياسية مصطلح "التوافق السياسي" على الظاهرة التي سادت الحياة السياسية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية وأستمرت الى سبعينيات القرن العشرين. وتَمثّلتْ تلك الظاهرة بتوافق الحزبين الرئيسين "المحافظين، والعمال"، على السياسات العامة للحكومة، مثل تحقيق الرفاهية، والضمان الأجتماعي، وخدمات الدولة في القطاع الصحي، وإنتشار تأميم الصناعة. وعلى الرغم من إستمرار هذا التوافق السياسي لعقود، إلا أنه واجه تراجعاً وتصدعاً كبيراً مع بداية السبعينيات، بسبب ازمة ارتفاع أسعار النفط العالمية. وتدهور الأقتصاد البريطاني نتيجة لتبلور ظاهرة "الركود التضخمي – Stagflation" أي ترافق ظاهرة تضخم ألاسعار مع أزدياد نسب البطالة بشكل كبير. حينها أدرك حزب المحافظين إن الذي أَوصَلَ بريطانيا الى تلك الأزمة الخانقة هو التوافق السياسي واعتماد سياسة إقتصادية لا تحقق مصلحة الشعب، وإنما تعتمد فقط على تحقق التوافق السياسي، رغم وضوح النتائج السلبية، وفشل تلك السياسة الإقتصادية التي سُميت حينها "[1]Keynesian Economics". هذا في دولة متقدمة ومتطورة مثل بريطانيا، فكيف بنا في العراق الدولة التي قامت على الصراعات والخلافات والانقلابات، ولم تعش يوما برفاهية واستقرار، بل لم يرى شعبة اي استقرارا في وضعه المعاشي او تماسك بنيته الاجتماعية، والتئام روابطه الانسانية. بعد عام ٢٠٠٣، وتشكيل الحكومات على اساس توافقي لم نحصل على اي حكومة مهنية او تعمل على تغيير الواقع السياسي للعراق الجديد ان صحت التسمية. ما حصل من توافق لم يكن في مصلحة بناء الوطن،ولم يخدم أمن المواطن، وضمان السلم الأهلي للبلاد، بل أدخلنا في نفق الصراعات والأزمات حتى تعرضنا لاهتزازات خطيرة كادت او تودي بالعملية السياسية لأكثر من مرة. اذا وقفنا على مادة التوافق منذ تشكيل حكومة علاوي، وما جاء بعدها من حكومات من الجعفري الى المالكي بدورتين نرى ان لا وجود لمفهوم الاغلبية السياسية، ورغم عدم القناعة بهذا المفهوم، لتشعب الوضع القومي والطائفي للبلاد، الا اننا يجب ان نسجل ملاحظات مهمة في هذا السياق:- ١) الاغلبية السياسية قاعدة سياسية مهمة تشجع العمل السياسي، وتبني بناءات صحيحة في التحالفات ما بين الكتل السياسية المشاركة في العمل السياسي. ٢) الاغلبية السياسية تشجع على بناء الطاقات الجديدة، وصناعة القادة والكفاءات السياسية التي تقدم نموذج حزبي جديد. ٣) الاغلبية السياسية تنظم المنافسة السياسية، وتنظم العمل السياسي والمشاركة المتقنة في الانتخابات من خلال اندماجها او تحالفها مع القوى الكبيرة، وبذلك نحصل على صورة جديدة للعمل السياسي والحزبي. ٤) التوافق لم يكن حالة صحية في العمل السياسي، وأي شي ينتج عن التوافق يكون حالة ضعيفة، تقع في اول منزلق او خلاف، وهذا ما لمسناه في اكثر من مرة في حكومتين للسيد المالكي، والذي جاء على أنقاض حكومة السيد الجعفري التي بنيت هي الاخرى على توافق سياسي بين القوى الوطنية الشيعية. ما مطلوب من القوى السياسية فعلاً بعد الانقلاب الأبيض الذي قاده السيد العبادي وقيادة مرحلة التغيير في العراق، ان يسعون الى بناء التحالف الوطني ليكون تحالفا كتلوياً رصيناً قادرا على الوقوف بوجه الصعاب والتحديات، والتأسيس لثقافة الجمع وليس الفرد من اجل نشر ثقافة الاغلبية كيفما كانت دون الوضع لإرضاء هذا الطرف او ذاك، كما على الأطراف الاخرى القبول بوضعها الانتخابي او الحجم السياسي لها، وان تبقى تراقب الأداء الحكومي داخل قبة البرلمان دون النزول الى المواجهة من اجل غايات حزبية او فئوية ضيقة، فإذا استطعنا ان نؤسس لهذه الاغلبية سنكون قد حققنا الخطوة الاولى في بناء العراق الجديد قولاً وواقعاً على الارض.
أقرأ ايضاً
- منع وقوع الطلاق خارج المحكمة
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!