حجم النص
سامي جواد كاظم هنالك من يحاول بشتى الوسائل منح صفة التعظيم لمن يروق له من شخصية سواء كانت تاريخية او عصرية والبعض من هذه الصفات تمنح لهم مقرونة بشخصية لها مكانتها في الارض وحتى السماء،ودائما هذه الالقاب الفارغة تمنح لمن هنالك شك في سيرته. من بين الالقاب التي اعتبرها البعض انها مقدسة وتدل على علو منزلة صاحبها هي كاتب الوحي والمقصود بها انه يكتب ما يملي الوحي على رسول الله صلى الله عليه واله، ولا اعلم ماهي الميزة بهذه المنقبة هذا ان صح ان الرسول يطلب من هذا او ذاك ان يكتب ما جاء به الوحي، فالمعروف ان كل من يسمع عن رسول الله ما نزل به الوحي فهنالك البعض منهم يقوم بكتابتها لكي يحتفظ هو بها لا بتكليف من رسول الله. معاوية الذي قيل عنه خال المؤمنين وهي صفة فارغة منح لقب اخر وهو كاتب الوحي، وهذا اللقب اصلا لا وجود له وذلك انه اسلم رغما عن انفه يوم فتح مكة ومنحه الرسول لقب طليق، فهو ليس من السابقين ولا الانصار ولا المهاجرين بل اسلم بعد 20 سنة من الرسالة حتى روى مسلم عن ابن عباس قوله: آخر سورة نزلت إذا جاء نصر الله والفتح, وفي رواية أن آخر سورة هي براءة, وفي رواية المائدة, فهذه السور الثلاث هي كل ما نزل في تلك الفترة بالاضافة الى بعض الآيات الكريمة مثل آية الربا وآية الدين وآية الكلالة وآية التبليغ وآية إكمال الدين.فمثل هذا الوقت القصير مع التنزيل القليل لا يحتاج إلى مثل معاوية لأن يكون كاتباً للوحي ولا يسمى من هذه حاله في مثل هذا الظرف كاتب الوحي الامين،اضافة الى ذلك لم تذكر المصادر ان معاوية التقى برسول الله بعد ما فرض عليه الاسلام. ولربما ان معاوية لا يعرف الكتابة ولا القراءة وحتى انه عندما وافق على شروط الحسن عليه السلام فانه اعطاه الورقة بيضاء ولم يكتب ولا حرف واحد لانه اصلا لا يعترف بالمعاهدة هذا ناهيكم عن ما اذا كان يحسن القراءة والكتابة. ونقض فضيلة كاتب الوحي يكون بدلالة ما قام به عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخ عثمان من الرضاعة قد سبق معاوية وكان كاتبا للوحي في مكة ومنذ السنين الاولى للبعثة, بل هو أول من كتب الوحي للنبي (صلى الله عليه وآله) من قريش في مكة! (قاله ابن حجر في فتح الباري ج9/18). ومن ثم ماذا ؟ إنه ارتد بعد ذلك فأهدر النبي (صلى الله عليه وآله) دمه في فتح مكة, فلو كانت كتابة الوحي فضل وتفضيل وعصمة لصاحبها لما ارتد إبن أبي سرح هذا عن الإسلام, وكذلك لو كانت كتابة الوحي تعتبر فيها الوثاقة والأمانة لما كتبه أمثال ابن أبي سرح غير المأمون والشاك في دينه!! وكذلك روي ذلك عن نصراني قد أسلم وكتب الوحي ثم ارتد كما روى البخاري ذلك عن أنس (ج4/182) فهذا النصراني المرتد أيضاً قد كتب الوحي للنبي فماذا نفعه ذلك؟ لاشيء!! اضافة الى ذلك ان القوم أنفسهم لم يثبتوا ذلك بدليل صحيح واحد, بل صرح الكثير من علمائهم ومحققيهم كالذهبي وابن حجر والمدائني وغيرهم بأن معاوية كان يكتب الرسائل للنبي (صلى الله عليه وآله) فيما بينه وبين العرب! فقد قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء 3/123) وابن حجر في إصابته (6/121): قال المدائني: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي وكان معاوية يكتب للنبي (صلى الله عليه وآله) فيما بينه وبين العرب. اما الحديث الذي في مسلم عن ابن عباس فيه: (وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال: (لا أشبع الله بطنه)) وقال العيني في (عمدة القاري في شرح البخاري) تعليقاً على قول البخاري (باب ذكر معاوية): فإن قلت: قد ورد في فضله أحاديث كثيرة. قلت نعم, ولكن ليس فيها حديث يصح من طريق الاسناد, نصَّ عليه إسحاق بن راهوية والنسائي وغيرهما فلذلك قال (البخاري): باب ذكر معاوية ولم يقل فضيلة ولا منقبة!
أقرأ ايضاً
- حادثة "كروكوس سيتي" أليست رسالة دولية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين"
- الحقيقة ليست في الصورة
- زينب أميره وليست أسيره