حجم النص
بقلم:محمد الحسن أستلمت السعودية الملف السوري بوقت متأخر, فبعد إخفاق اللاعب القطري المدعوم تركياً وغربياً ومن خلفهما إسرائيلياً؛ أتجهت الإرادة الدولية إلى تسوية الصراع في سوريا بشكل سلمي, وجاء ثمن تسوية النزاع باهضاً نوعاً ما..فغُيب أمير قطر خلف الكواليس بإنقلابٍ ناعم وسحب معه مهندس السياسية القطرية (حمد بن جاسم). فرصة تاريخية لمملكة (آل سعود) لإستعادة ما فقدته في ظل الهيمنة القطرية؛ فأرتمت المملكة بكامل ثقلها مستثمرة علاقاتها الرسمية وغير الرسمية للتأثير على القرار الأمريكي ومن ثم الغربي بشكل عام..كان للمملكة ما تريد, غير إن الملف لابد أن يغلق بوقت نسبي, لذا كان الدور السعودي في وقت إضافي لعله يغير مسار الأحداث. التوقيت مثّل عثرة حظ بالنسبة للمملكة, فبدايتهم كانت في (القصير), تلك المعركة التي أعادت للجيش السوري هيبته وسيطرته على أهم موقع أستراتيجي شكّل عامل إرباك من خلال تأمين خطوط الدعم اللوجستي للمسلحين..إنقضت المهلة, وتعامل البيت الأبيض مع معطيات الواقع. ثمة أمور أخرى تجري خلف الكواليس؛ سلطان عمان يقود وساطة جديدة بين واشنطن وطهران..! هذه المرة الوضع مختلف, فطهران التي أعربت عن تضامنها التام مع النظام السوري, ونفذت إتفاقية الدفاع المشترك مع سوريا عبر دخولها المباشر في الحرب الدائرة هناك؛ سارت حسب قواعد السياسة الدولية, ووفق مبدأ الربح والخسارة, وتعاطت مع الوضع بصورة براغماتية..ويبدو إنها دخلت نادي الدول النووية بالقوة والتفاوض معاً, وكما تقلصت الفجوة بينها وبين الغرب بشأنها النووي, تقاربت وجهات النظر المشتركة لكل من (روسيا, الصين, إيران, وسوريا) من جهة والغرب من جهة ثانية, فأتجهت البوصلة صوب (جنيف2) ولا حل عسكري في سوريا. إسقاط النظام السوري, وتفكيك محور المقاومة, يعد الهم السعودي الأول, وليس لدولة تتبع "الملكية المطلقة", تحكمها طبقة من الأمراء, وتنتهك فيها الحريات؛ شأن بحقوق إنسان أو ديمقراطية, ولعلها مهزلة القرن عندما يطالب نظام العائلة بتشكيل ديمقراطيات عربية!..ما جرى من تقارب أو إتفاق (إيراني-أمريكي) جاء على حساب المصالح السعودية بكل المقاييس, وقد كشفت السعودية عن سخطها ومعارضتها لهذا التفاهم, وبالمقابل, فإنها بدأت تخسر سطوتها على دول الخليج الأخرى, إذ سارعت أغلب تلك الدول لعقد الصفقات مع الجارة إيران. فكانت خسارة (ال سعود) مضاعفة, وتتفاقم يوماً بعد يوم, بيد إنها لن تقف هكذا, ولابد لها من البحث عن حليف جديد, ولا أمل بإقناع روسيا الحليف الأهم لإيران, وأمريكا سحقت الخطوط الحمر, طالما حصلت على ماتريد من حفظ ماء الوجه, فلم يتبق للمملكة سوى شريك أخير, تتطابق وجهة نظره معهم في كثير من القضايا, سيما الموضوع الإيراني.. المملكة في غرف عمليات (تل أبيب) تبحث عن العلاج, أملاً ببقاء جزء يسير من القوة الوهمية التي أتضح زيفها بأول ضغطة زناد خارج حدودها. لن يجدي معها علاج, فخلاياها هرمت وماتت, ولعلها تنكمش لمشاكلها الداخلية, أو تلاقي مصيراً مشابهاً لمصير قطر السابقة, بإسقاط الخط الوهابي ودعم المحور المعتدل داخل الحجاز, ولعل صراع النفوذ دب في أوصال العائلة الحاكمة, فلا يُجدي إنعاش أو تنفس إصطناعي لمن فُقدت وظائفه الحيوية.
أقرأ ايضاً
- دلالات العدوان الصهيوني على لبنان
- الشماتة بحزب الله أقسى من العدوان الصهيوني
- الغدير بين منهج توحيد الكلمة وبين المنهج الصهيوني لتفريق الكلمة