- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
منهج الإصلاح ..الحسين (ع) مصلحا ً
حجم النص
بقلم:علي محسن الجواري "إني لم اخرج بطراً ولا أشراً، ولا ظالماً ولا مفسداً، بل خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم"الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في عالمنا اليوم، جملة من الأحداث التي تلقي بظلالها على طاولة الاهتمام لدى الناس، وإذ انشغل الناس بهمومهم واهتماماتهم في زحمة العالم الجديد، وانتهاء اليوم قبل أن ينتهي الإنسان من كل التزاماته، حتى أصبحت الأربعة والعشرين ساعة غير كافية في اليوم الواحد إزاء زخم العمل،كل هذا وعصرنا يسمى عصر السرعة، إلا أن هناك قضايا قديمة تثار في كل وقت من السنة، ولها موسم تتعالى فيه أسهمها في عقول الناس وقلوبهم، قضايا قد طوتها السنون والقرون،إلا أن أيدينا تحس برطوبتها وحرارتها وكأنها لم تحدث وتثار إلا قبل ساعة مضت، ومن أهم تلك القضايا على الإطلاق قضية كربلاء الثورة والثوار. إن القضية الحسينية وثورة الإمام الحسين عليه السلام، لم تعد حكراً على المسلمين، لأنها أخذت البعد الإنساني من أول أيام انطلاقتها إلى يومنا هذا، فالإصلاح والتضحية بالغالي، ليس ديدن المسلمين وحدهم، ليحافظوا على قوام أمتهم، بل هو نهج كل الأمم، ولن اذكر هنا أي مثال لمقولة،اقتبسها من الزعماء والعلماء والقادة، الذين تحدثوا وكتبوا عن الثورة الحسينية، لاعتقادي المطلق أن الحسين عليه السلام قد نال إطراء الخالق العظيم وتزكيته، ولا أفسر شخصياً امتداد أصوات الحسين وأولاده وأصحابه ومواقفهم عليهم السلام إلى يومنا هذا، وتغني الأحرار والثائرين واقتدائهم بالحسين،ثائرا وثورة إلى اليوم إلا جزاء دنيوياً من الخالق، فقد قدم الإمام الثائر الشهيد لربه كل ما يملك، ولم يبخل عليه حتى بالشهيد الرضيع،الثورة الحسينية التي ساهم بها الكهل والرضيع، والرجل والمرأة، والحر والعبد، وضرب صيتها الآفاق، وطرق المسامع والقلوب والألباب، فما أن تصل إلى مسامع أي إنسان حقيقي، حتى تتغلغل إلى أعماقه، وبغض النظر عما سيجول بخاطره إذ إنها تبدءا، بعاطفته ثم تتوالى الأسئلة في عقله، كيف حدثت الثورة؟ ولماذا الإمام الحسين دون غيره؟ وهل كانت الثورة الحسينية فعل،أم رد فعل؟ وو..الخ مجموعة كبيرة من الأسئلة التي تدور بذهن من يقرأ ويعرف الثورة الحسينية أو يسمع قصتها، والإجابة على كل هذه الأسئلة مقرونة بالإجابة على سؤال مهم، ما مدى شرعية ثورة الإمام الحسين ؟ وهل أن الإمام الحسين عليه السلام خرج على إمام زمانه وخليفة المسلمين حسب ادعاء البعض؟ يجيب الإمام الحسين عليه السلام نفسه عن سبب رفضه لبيعة يزيد بن معاوية بقوله لعامل يزيد على المدينة:"إنّا أهل بيت النبوة...ويزيد رجل فاسق، شارب للخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن للفسق، ومثلي لا يبايع مثله" ويقول في خطابه للجيش الذي جمعه بنو أمية لقتاله: "أيها الناس! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلا لحرام الله، ناكثاً لعهده، مخالفاً لسنة رسوله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر ما عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله". تحدثنا كتب التاريخ والسير عن إمبراطورية عظيمة، شيدت باسم الإسلام، انطلق مؤسسوها من جزيرة العرب لتصل حدودها إلى الصين شرقاً واسبانيا غرباً، إلا أن هذه الكتب والسير، لم تحدثنا بتفصيل دقيق في اغلبها عن تطبيق الإسلام المحمدي الحقيقي، عن مدى عدالة تلك الأنظمة والحكام، تتحدث عن القصور العامرة، في البناء، والأطعمة، والجواري والعبيد، ومجالس اللهو، واللعب، والغناء، ولا تتحدث عن حياة بقية الرعية، وعن الظلم الذي يعانونه على يدي الحكام وجلاوزتهم، وقد اكتشفنا نحن أبناء العراق، خلال حياتنا في عهد النظام البائد، كم أن من السهولة تزوير التاريخ، وكيف يصفق الناس لخليفتهم بالأيدي و يلعنوه بالألسن والقلوب، وما دام المال وفيراً والأقلام المعروضة للبيع والأجرة موجودة، فلا ضير في ذلك حتى وان كان وقتياً في فترة الحاكم، وعندما ينزل به الموت يتغير أو يُعدل الكثير من الكتب بل وحتى المناهج، أن يزيد وأباها معاوية، ولفيف ممن هم على شاكلته، قد استفادوا من الظروف والأحداث، التي ألمت بالأمة، في فترة ما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانشغال المسلمين بتأسيس وتثبيت وترتيب أمرهم، ليؤسسوا دولتهم داخل الدولة، وخاصة بعد تولي معاوية حكم الشام أيام الخليفة عثمان، ثم ليستولي على الحكم، بعد شهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، بمكره ودهائه وختله وغدره المعروف عنه، وعن صاحبه بن العاص، ليسلم وبشكل مخالف لمبدأ الشورى الإسلامية، الحكم لولده المنحل أخلاقياً، ويتجاهل الصحابة والتابعين من المهاجرين والأنصار، ليتلقف وبنو أبيه الحكم ويجعلوا مال الله والمسلمين دولة بأيديهم، ليعلنوا وبصراحة عن مخططاتهم، ويكشفوا وجوههم الحقيقية، بعد أن قتلوا من قتلوا من المسلمين الثائرين، ويلجموا من يلوح بالثورة ولا يفجرها لجملة من الأسباب، ويغسلوا عقول البعض، ويهددوا آخرين، ويشتروا ضمير وذمة ودين، من عرض ضميره وذمته ودينه للبيع. أن الإنسان اللبيب، لا يبذل جهدا وعناءً في معرفة طريق الحق، على أن يكون منصفاً ومتجرداً من أية نزعة أو ميول، أو رأي متعصب مسبق، وما استمرار، الذكرى العبقة للإمام الثائر عليه السلام، إلا تذكير بضرورة أن نكون ثائرين على الظلم، رافضين له، من اجل أن تستكمل مسيرة ومنهج الإصلاح، الذي كتبه الإمام الحسين عليه السلام،على صفحات التاريخ، وبدمه الطاهر، ليشع نوراً ينير درب الثائرين والمصلحين، إلى يوم يبعثون.
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- قل فتمنوا الموت إن كنتم صادقين... رعب اليهود مثالاً
- مكانة المرأة في التشريع الإسلامي (إرث المرأة أنموذجاً)