- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
((القصيدة الحسينية..مالها وماعليها)!!
حجم النص
بقلم:زهير الشافعي تعد القصيدة الحسينية هي إحدى معطيات ثورة الأمام الحسين (ع) في الجانب الفكري والأجتماعي والثقافي ضمن الحراك الأجتماعي الثقافي الذي تأثر بشكل إيجابي بواقعة الطف الأليمة ومدياتها الأنسانية,,فغيرت الكثير من السلوكيات وأيقظت الضمائر ورفعت الغشاوة عن الكثير من البصائر وشحذت الهمم في سبيل الأرتقاء الأنساني والوقوف على حقيقة الأمور في مختلف مجالات الحياة... وبما إن القصيدة الحسينية هي إحدى الروابط المهمة بين (ثورة الطف) والمجتع وإحدى الوجوه الناصعة لها نجد ان هذا اللون من الفن الأدبي لاقى إستحساناً كبيراً لدى الأغلبية الأعم في مجتمعاتنا,, لأنها تتناول قضايا ورموز لها قدسيةً خاصة..فنرى إن قصائد حسان بن ثابت وكعب بن زهير في حق النبي (ص) والفرزدق في حق الأمام علي بن الحسين(ع) والكميت بن زيد الأسدي في حق (أهل البيت ع) ومروراً بالشريف الرضي والسيد حيدر الحلي والجواهري في الحسين (ع) الى يومنا هذا لها وقعٌ طيب في النفوس لأنها أعطت السطوع الحقيقي في شخصيات الرموز المقدسة دون الخروج عن تعاليم الدين الحنيف ووحدانية الله عز وجل أو الأشراك به... فلذلك خُلدت وحُفظت في ذاكرة الناس,,ولكن الذي نراه الآن ومابعد سقوط النظام الشمولي السابق,,إن فُتحت الأبواب على مصراعيها لكل من هب ودب في خوض تجربة كتابة القصيدة الحسينية!! وإستسهال البعض منهم في خوض هذا المعترك الجديدلمجالاته الواسعة وتعدد مناسباته الكبيرة ,,ولعدم وجود جهة رقابية تحجم وتفرز الجيد من الرديء... فأطرقت أسماعنا الكثير من القصائد التي تحمل في صورها وكلماتها التناقضات والمغالاة والخروج في بعض الحالات عن الثوابت العقائدية التي رسختها الشريعة السماوية..!! حين نسمع قصيدة لشاعر كتبها عن لسان الأمام العباس(ع) قائلاً:(أنا الكاسر أنا القاهر..ملك وإنتو عبيدي..حياة وموت بيدي)!!مخاطباًجيش الطاغية يزيد.. فكلنا يعرف إن الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) خرجا لتحرير الناس من عبوديتهم وإستعبادهم من قبل الطغاة أليس الحسين(ع) هو الذي رفع صوته مخاطباً الجموع المحتشدة التي تهيأت لقتاله(كونوا أحراراً في دنياكم)!! فلا يليق بالأمام العباس(ع) التشبه(بالملوك) وهو بن علي بن أبي طالب(ع) أمير المؤمنين وناصر المستضعفين..والملك والملوكية في الفهم القرآني والأمامي هي لله وحده سبحانه وتعالى..؟؟ وكيف يتجاوز (العباس ع)وحاشاه ذلك على الذات الألهية التي من كينونتها وحدها حياة وموت العباد,,وهو(ع) لايملك حياته وموته بيده ولم يصرح به لأيمانه بوحدانية الواحد الأحد ومالك الملك!!؟؟ لربما يقول قائل إن الشعر يستحسن المبالغة وقيل قديماً(أعذب الشعر أكذبه) نعم هو كذلك ولكن مع المعتقدات والرموز المقدسة فالأمر يختلف بأختلاف المكانة التي وهبها الله عز وجل لهم,,فهذه الشخصيات لديها الكثير الكثير لمن يريد ان يستسقي منهم وللشاعر ان ينهل من فيضهم المعطاء دون المساس بالذات الألهية وإضفاء الصفات الربانية على أئمتنا المعصومين الذين جاهدوا الأشراك بالله بكل مراحل حياتهم حتى قال سيد الموحدين وامير المتقين الأمام علي(ع)...(هلك في إثنان محبٍ غالٍ ومبغضٍ قالٍ)... بل ان البعض يأخذ به الوهم بعيداً ويفتري بأختلاق حدثاً مغايراًلحقيقة الواقع.. كالأفتراء على السيدة زينب(ع) بضرب رأسها الشريف في(المحمل) فشجت رأسها...!!!يقول احد الشعراء في هذا الصدد.. (لاتسل يالائماً عن شج رأس العاشقين...أصدرت فتواه زينب مذ رأت رأس الحسين)...بينما الحقيقة المذكورة في مصادرنا التاريخية وماروي عن أئمتنا عكس ذلك تماماً!!؟؟ فالمعروف عن عقيلة بني هاشم وهي أبنة وصي الرسول وأبنة سيدة نساء العالمين وهي العالمة المعلمة لايليق بها الجزع والجزع هي إحدى سمات اليائسين من رحمة الله تعالى..إضافةً لذلك إن ليلة الوداع الرهيبة التي ضمت الحسين(ع) بالحوراء زينب(ع) تشهد لغير ذلك حين رأى عينا شقيقته وقد فاضت بالدموع قائلاً لها(أختاه لايذهبن بحلمك الشيطان فلا تشقي بعدي جيباً ولاتلطمي خداً وتعزي بعزاء الله)... بل أنها مشت تحت جنح الليل الى جسد أخيها الشهيد وهو صريعاً مضرجاً بالدماء لتضع يدها تحت رأسه الشريف وترفعه قليلاً نحو السماء قائلةً(اللهم تقبل منا هذا القربان)... هكذا هي السيدة زينب(ع) لا كما يشتهي أن يصورها البعض!!! هذه السيدة الجليلة الصلبة بصلابة ماتحمله من إيمان مطلق برسالة جدها المصطفى(ص) والتي أخذت على عاتقها الدور الرسالي بعد ملحمة الطف وخطبت خطبتها الشهيرة التي تُعد من أشهر خطب جمهرة العرب في مجلس الطاغية يزيد أمامه وأمام أعوانه ومرتزقته بخطبةٍ تليق بها و بنسبها النبوي الشريف حتى عجز اللعين يزيد عن ردها متحججاً بأنها(سجاعةً كأبيها)!!؟؟ وفي قصيدة اخرى نجد نفس المشكلة في المضمون وفشل شاعرها في إيصال المعنى بالشكل الذي يتلائم وموقف الحسين(ع) من أعدائه حيث يقول على لسان الأمام(حرم عندي..وحك جدي..سواد الليل إمهلوني)...!! كي يجعل من الحسين ع ضعيفاً متوسلاً بأعدائه ان يعطوه المهلة كي ينسحب من المواجهة تحت جنح الليل خوفاً على عياله وحرمه!! وكأن الحسين(ع) لا يعلم ماسيتعرض له من أعدائه من ظلمٍ وحيف وهو القائل لسائله..(شاء الله أن يراهن سبايا) وهل كانت صحبة حرمه وعياله خطئاً لم يلتفت أليه(ع)..؟؟ وحاشاه ذلك.. أو لكي يعطي درساً أخلاقياً وثورياً في التضحية الشمولية التي يدركها الحسين(ع) دون سواه؟؟؟ بينما نجد في جانبٍ آخر الوجه الناصع المشرق في القصيدة الحسينية التي أعطت نموذجاًطيباً وواعياً في فهم القضية الحسينية وأبعادها الكبيرة فمن منا ينكر قصيدة (يحسين بضمايرنا) الذائعة الصيت التي تربعت على عرش القلوب وجسدت حقيقة الأرتباط الروحي والعقائدي بالحسن(ع) ونهجه الخلاق.. حتى قيل عنها أنها (لسان حال الشيعة في الحسين) فمن المستحسن والأجدر ولأن الصوت بات مسموعاً ويصل لكل بقاع الارض عبر شبكة الأتصالات الحديثة علينا كافة وعلى ذوي الاختصاص من كتاب القصيدة الحسينية أن يجهدوا أنفسهم في إعطاء لصورة الأمثل كي لا يقعوا في المحذور الذي لا يتناغم مع روح العقيدة وثوابتها... وأن لا يعطوا للمغالين والمنتقصين في آنٍ واحد سبباً في التقليل من شأن القصيدة الحسينية التي تحتاج منا توظيفها في مكانها المناسب الذي يواكب ثقافة المجتمع وتطلعاته المتعددة... أما أن نركن ونمرر مانسمع من جهل ٍ ومغالاة يسيء للمذهب والمعتقد,,فهذا قصور واضح وعدم مسؤلية وأن لا ننتظر كثيراً حتى(لا يبلغ السيل الزبى)!! فالناس عطشى لسماع مايروي ضمئها فلا نرويها من غير نبعها الصافي.....