حجم النص
بقلم :صادق العباسي
لا يمكن ان نتوقع من مفهوم المصالحة الوطنية, الذي صدع الساسة العراقيين رؤسنا به, ان يؤتي ثماره ويكون نافعا, دون ان يرافقه ايمان بمفهوم العدالة الانتقالية. حيث ان ثقافة طي صفحات الماضي بكل الآمه وآثامه, والتي يروجون لها هي التي تحكم تفكيرهم, الامر الذي يعمق الجراحات بدلا من ان يعالجها, لكي نمضي قدما لبناء مستقبلنا .
إذ أن هذا المسار من التفكير, ونعني به ان يأمن المجرم من العقاب ولو بحده الأدنى, سيعمق من مشاعر الخيبة والمظلومية وفقدان العدالة لدى قطاعات واسعة من الشعب, وسيعتري تلك القطاعات شعور مؤلم بأنه مادام المجرمين في مأمن من العقوبة, فأن بينها وبين الانصاف مسافة بعيدة جدا...هذا الشعور لا يمكن الحد منه, الا بتطبيق ثقافة المساءلة, وفي حال شيوع هذه الثقافة, سيتحقق الاحساس بالأمن والأمان, لدى الغالبية من مكونات المجتمع , مع الاخذ بعين الاعتبار اننا لانزال في طور تشكيل ملامح الدولة الجديدة.
أن تطبيق المساءلة الحقيقية على الذين أجرموا بحق الشعب وعلى المفسدين, سيوجه تحذيرا لكل من تسول له نفسه ارتكاب الممارسات الاجرامية المرفوضة شعبيا في المستقبل, وهذا من شأنه أن يضع الممسكين بزمام الحكم، امام مسؤولية كبيرة حول اتخاذ قرارات مهمة, تحقق العدالة وتطمأن الشعب.
ان المسؤولية الوطنية والأخلاقية ، بل والشرعية أيضا، تحتم على القوى التي ساهمت في عملية نقل العراق من الديكتاتورية الى الديمقراطية, ان تسلك طريق الحوار والتشاور لتجاوز اثار المحن والالام, التي خلفتها جرائم النظام السابق وما تلاه, من فترات عنف واضطراب سياسي, على ان يجري الحوار في اطار ايمان عميق بضرورة المسائلة لتحقيق العدالة, وان لا يجري هذا الحوار وفقا لعقلية الغالب والمغلوب، بل وفقا لعقلية الانصاف المشترك.
ان شريحة واسعة من ابناء العراق في وسطه وجنوبه، من الذين لحقهم حيف كبير جراء ممارسة نظام القهر الصدامي، من قمع مباشر عليهم وعلى بيئتهم ومدنهم وابنائهم، وما لحقهم من دمار واسع، مازالوا يشعرون بالمرارة والغصة، على الرغم من مرور عشر سنوات على زوال النظام الي قهرهم وظلمهم، ويتعمق هذا الشعور وهم يرون ان القوى السياسية التي تصدت لقيادة البلد بعد زوال نظام صدام لم تولي قضيتهم الاهتمام المستحق بل يرون ان ظالميهم وقتلتهم الذين ما زات اسنانهم تقطر من دمائهم، يخرجون لهم السنتهم من افواههم، يتلمظون بها تلك الدماء، ويطلوا عليهم ببوجهم الكالحة الكريهة ، في مفارقة فجة تؤكد ان مفهوم العدالة قد تم تعليقه على شماعة الانتظار.
ثمة امل.. سيما بعد النتائج المهمة لانتخابات مجالس المحافظات، والتي اعادت تيار شهيد المحراب الى واجهة التأثير، المظلومين يأملون انهم سينصفون, وفي هذا السياق؛ تأتي دعوة إنشاء مؤسسة تعنى بشؤون المحرومين والمجاهدين والتي اطلقها مؤخرا عمار الحكيم..
أقرأ ايضاً
- همسة في أَذن الرئيس الفرنسي :.المخالب التي نهشت لحوم الفرنسيين بالأمس هي ذاتها التي تنهش بلحومنا كل يوم
- مازالت دجلة والفرات تسمع انين العلقمي
- مازالت عاشوراء معركة العدل الحسيني ضد الظلم اليزيدي