- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عطش في شاطئ الماء ! ( الجزء الاول )
حجم النص
بقلم :لطيف عبد سالم العكيلي
الى جانب ما يعانيه السكان في اغلب مناطق العراق من سلبية اثار النقص الحاد بإمدادات الطاقة الكهربائية وتذبذب معدلات برامج توزيعها في عموم محافظات البلاد ،تبقى مشكلة الحصول على مياه الشرب والشكوك المثارة حول نوعيتها ومدى مطابقتها لمعايير الصحة العامة من ابرز التحديات التي تواجه ادارة امانة بغداد والدوائر البلدية في المحافظات ،بوصفها من اعقد المشكلات الموروثة التي ماتزال بحاجة الى حلول جذرية تفضي الى رفع الحيف عن المواطنين وتسهم في التخفيف من متاعبهم اليومية .وعلى الرغم من كثرة ما صرح به المسؤولين في الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية على حد سواء حول اقرار مشروعات انتاج مياه الشرب ومجمعات تنقية المياه بأسبقية اولى في البرامج الحكومية الخاصة بإقامة البنى التحتية لقطاع الخدمات ،فان ما جرى تنفيذه من مشروعات لإنتاج مياه الشرب في المدة الماضية لم يكن بمقدوره تغطية الحاجة الفعلية للمستهلكين ،وبخاصة في مواسم صيفنا القائض ،فضلا عن أن بعض محطات تصفية المياه التي أقامتها الحكومات المحلية المتعاقبة في محافظات البلاد بعد عام 2003 جرى إنجازها بمواصفات لا تطابق المواصفات المعتمدة لهذه المشروعات ،حيث تعرض قسم منها للعطل بعد فترة قصيرة من تشغيلها بحسب تصريحات المسؤولين الحكوميين . وضمن هذا السياق تساءل تقرير ( المركز العالمي للدراسات التنموية ) في العاصمة البريطانية لندن عن السر في قدرة الدول الخليجية، التي لا تمتلك أنهارا كتلك الموجودة في العراق على تصدير المياه الصالحة للشرب في حين يعجز العراق الذي عرف بأنه بلاد ما بين النهرين عن توفير المياه لشعبه ،داعيا في الوقت ذاته الحكومة العراقية إلى التحرك السريع لمعالجة هذه الأزمة التي قد تتفاقم في حال انقطاع الكهرباء عن محطات التحلية ،ما يؤدي إلى توقف ضخ المياه عبر الشبكات خصوصا في المحافظات الجنوبية التي تشكو من نقص حاد في مياه الشرب .اذ اوضحت مضامين تقرير المركز الذي تقدم ذكره أن نسبة المياه الصالحة للشرب في عموم العراق قد انخفضت بمقدار ( %20 ) ،محذرا من احتمال انخفاضها إلى (40% ) خلال السنوات العشر القادمة في حال لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من هذا الانحدار المتسارع .وأشار التقرير الى أن مشاريع السدود التي تقيمها الدول المجاورة للعراق كمشروع سد (أليسو) الذي تعمل تركيا على بنائه سيساهم بدرجة كبيرة في جفاف بعض الأنهار التي ترفد كل من نهري دجلة والفرات ،حيث ان أن إقامة تركيا لسد (أليسو) سيؤدي إلى انخفاض منسوب المياه المتدفقة إلى الأراضي العراقية بمعدل ( 10 ) مليار متر مكعب سنوياً .وبغض النظر عن دقة البيانات التي اوردها التقرير من عدمه ،فان واقع امدادات مياه الشرب في البلاد يفرض على القيادات الادارية الخشية من حدوث ازمة حادة في معدلات انتاج وتجهيز المياه الصالحة للشرب قد تفوق في مضامينها ازمة الكهرباء التي ماتزال تعصف بالبلاد .ولعل ما رشح من شكاوى المواطنين ومطالبات المسؤولين بمختلف مناطق البلاد ما يجعلنا نتيقن من حاجة هذا الموضوع الى وقفة جادة ومسؤولة لضمان حصول المواطن على مياه نقية وامينة بيسر وسهولة .
في امان الله اغاتي .
/ باحث وكاتب .