حجم النص
بقلم :حسن الخفاجي
بعد ان شبعنا من شرب الحليب المعقم المنتج في معمل ألبان" أبو غريب" ومللنا من دعاية للمنتج كانت تقول: "حليبنا رمز القوة والنظافة". انتقلت بنا دعايات شركات القطاع الحكومي العراقي , أثناء حكم صدام لتبشرنا بإنتاجها الجديد بطاريات النور , كانت دعايتها تقول: "بطاريات النور رمز القوة والتحدي" , لحقتها جرارات عنتر الزراعية بدعاية كانت تقول:" جرارات عنتر رمز القوة والضمانة".
وما ان ننتهي من رمز حتى تدخلنا حكومة البعث برمز آخر ,كي يقنع العراقيون ب"قائدهم الرمز" !.
الشعوب المقموعة تتقبل فكرة القائد والمنتج الرمز أكثر من الشعوب المتمتعة بالديمقراطية , لكن بعض الشعوب وشعبنا منها امتهنت إيجاد الرموز والموت من اجلهم , وشعبنا أبدع في هذه المرحلة , بصناعة الرموز , وكأن معامل إنتاج الرموز هي الوحيدة التي تعمل في العراق وتنتج المئات منهم , فما ان ينطفئ وهج احدهم حتى يبزغ نجم رمز جديد , يصلي المغفلون خلف عباءته وتنطلي عليهم أكاذيبه , يخدعهم بالوعود المعسولة وعذب الكلام , وحصادهم بعد ما يصل إلى كرسي البرلمان أو الحكم سرابا !!.
رموزنا يتفوقون بكثرة أعدادهم على ما أفرزته البشرية عبر تاريخها الطويل من الرموز .
في كل أفريقيا لا يوجد إلا رمزا واحدا هو نلسون مانديلا ومعاملهم
لإنتاج الرموز معطلة , ومعامل إنتاج الرموز عندنا "تشتغل ثلث شفتات يوميا" (صلوا على النبي بلا حسد ) !!.
إذا قارنا بعض من يسمونهم رموزا مع رموز العالم نصاب بالإحباط.
رموز كثر من الساسة السنة ومثلهم من الشيعة , رموز للأكراد ومثلهم للتركمان , وكلما ازداد عدد الرموز الطائفية والقومية اختفت الرموز الوطنية .لان من الصعب والعسير الجمع بين الطائفية والوطنية.
هؤلاء الرموز لا ينفعوننا في شيء , إننا نتطلع إلى الوطنيين , الذين يرمون كل هذه المسميات خلف ظهورهم ويتطلعون نحو هدف أسمى ألا وهو الوطن .مهما تلبدت السماء برموز وغيوم الطائفية السوداء , ومهما طال أمدها , لابد لشمس الوطنية الساطعة من الشروق .
من المشهد المصري اختفى العشرات من الرموز الشبابية , التي قادت التظاهرات وإطاحة نظام مبارك وتلقفها الإخوان المسلمون على الحاضر , ولسان حال الشباب المصري يقول: " يامن تعب يامن شكه يامن على الحاضر لكَه" . المتظاهرون والمعتصمون في العراق سوف لا يختلف مصيرهم عن مصير الشبان المصريين , فسيحصد "الرموز" القدامى المزيد من الأصوات في الانتخابات , ويفلس الآخرون. "يمسحون أيديهم بالحايط" على حد قول المثل العراقي.
طرح احد الكتاب حلولا للخروج من الأزمة كتب : "أفرزت ساحات التظاهرات قادة جدد على الرغم من طائفية البعض منهم , لكن على الحكومة التحاور معهم" !!!!!.
اغلب العراقيين يعرفون ان اغلب الذين رفعوا ويرفعون شعارات طائفية دمى , دفعت بها ولقنتها دول محددة مثل قطر وتركيا .
الأولى بالحكومة إن أرادت التفاوض مع هؤلاء أن لا تضيع وقتها وتلجأ للتفاوض مع من أوجدهم .
هل يملك الدمية والصنيعة رأيا مستقلا؟ .
يبدو إننا في الطريق إلى استحضار رموزا جديدة بثياب الماضي, فستحضر روح الولاة الأتراك مدحت باشا وعبد الحميد بمجموعة من الرموز من العراقيين , الذين رفعوا صورة اوردغان في تظاهرات الانبار , وستحضر روح حمد قطر وقناته الجزيرة بروح "الرمز احمد العلواني" , وهكذا بعد حين نصاب بتخمة الرموز دون ان يكون لكل هذه الرموز فائدة لمناطقهم ولوطنهم , غير الفوز برضا من ساهم بصناعتهم من الخارج , ورضا المغفلين وأصواتهم في الانتخابات المقبلة .
قبل شروق فجر أي انتخابات جديدة وقبل غروبها سيصاب المغفلون من أبناء شعبنا بفيروس الرموز , الذي لا شفاء منه , ولا سبيل غير الوطنية ألحقه لقتله في مهده .
التظاهر حق كفله الدستور , لكن حينما يصبح التظاهر وسيلة للوصول إلى كرسي الحكم يعد التظاهر انقلابا على الديمقراطية , التي جاءت بالأكثرية البرلمانية للحكم .
ركوب الدبابات أو التظاهرات- ذات الشعارات الانقلابية على العملية السياسية - والوصل بواسطتهما إلى كرسي الحكم , أسهل بكثير عند البعض من السير نحو صندوق الانتخاب . طريق الدبابات والبيانات الانقلابية هو طريق يسلكه المتآمرون , وطريق صندوق الانتخابات والمطالب المحقة هو طريق الذين يؤمنون بالديمقراطية , ولابد من الفرز بين الدربين وسالكيهما .
"العدل أقوى جيش والأمن اهنأ عيش"
أقرأ ايضاً
- رموز السياسة ومصالح الساسة
- من يتآمر على (الشيعة) ؟ ستفاجئكم أجابة الأرقام !
- الشيعة بين السياسة والعقيدة