- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اللجوء السياسي ..بين حصن الابلق وسفارة الاكوادور
حجم النص
د.ميثم مرتضى الكناني
منح اللجوء بمعناه العام يهدف لحماية أي شخص يتعرض للتهديد بسبب الراي او المعتقد او اللون وقد درجت الدول على منح اللجوء للشخصيات السياسية التي يمثل بقائها في بلدها خطرا عليها للاسباب المذكورة وقد يكون اللجوء لدواع انسانية للافراد العاديين الذين تضطرهم ظروفهم الخاصة الى الانتقال والهجرة , ولو تناولنا موضوع اللجوء تاريخيا فان من الاحداث الهامة الموثقة هي قصة لجوء الشاعر امرؤ القيس مع بعض افراد عائلته وماتبقى لديها من ثروة لجوئهم الى حصن الابلق للشاعر السموئل اليهودي الديانة والعربي الموطن والعرف والذي امتنع عن تسليم دخلائه او مقتنياتهم الى ملك الحيرة وقيل الملك الغساني رغم تهديدهم اياه بقتل ابنه الاسير عندهم وظل مصرا على رايه وهو يشرف من حصنه على الاعداء وهم يذبحون ولده امام الحصن ولم يدفعه ذلك الى التفريط بضيوفه , وفي مشهد مقابل نجد رتبيل ملك الترك الذي لجا اليه عبدالرحمن بن الاشعث بعد ثورته الشهيرة على الحجاج بن يوسف الثقفي فبمجرد ان هدده الحجاج بالحرب بادر الى اعتقال ابن الاشعث وتقييده بالسلاسل مع حارس من الترك لغرض تسليمه الى الحجاج الامر الذي اضطر ابن الاشعث لالقاء نفسه من الجبل مع حارسه ليلقيا حتفهما معا , وفي العصر الحديث نجد عدة نماذج وصور للجوء بقصدتوفير الحماية للشخص الذي يتعرض للتهديد حيث يتطلب الموقف احيانا منح عنوان او صفة للشخص المستهدف كما حصل مع اية الله الخميني اثناء ثورته ضد الشاه عام 1963 حيث كان من المتوقع الحكم عليه بالاعدام لولا تدخل اية الله شريعة مداري باعتماد الخميني مرجعا من مراجع التقليد الامر الذي يمنح بموجبه الخميني ضمانا بعدم تنفيذ عقوبة الاعدام حسب الدستور الملكي الايراني , وقد يستدعي الموضوع منح الشخص جنسية دولة اخرى لغرض تامين الحماية له كما حصل مع مواطني هونج كونغ بعد تسليمها للصين حيث بادرت بريطانيا لمنح جنسيتها لعدة الاف من المواطنيين المتحدرين من اصول صينية لغرض طمانتهم على وضعهم بعد تسليم الجزيرة للصين او توفير لجوء جماعي مترافق مع منح الجنسية كما حصل مع الفيتناميين المتعاونين مع حكومة سايغون حيث منحتهم الولايات المتحدة جنسيتها
وفي التاريخ المعاصر نجد كلا الموقفين ( المبدئي والنفعي ) والانتقائية الواضحة لهذا الطرف الدولي او ذاك حتى للمسائل التي تصنف على انها قضايا حقوق انسان ونتذكر جيدا الموقف الغريب الذي اتخذته الحكومة الفرنسية في عهد ميتران في ثمانينات القرن الماضي بتسليمها ثلاثة من الطلبة العراقيين من معارضي نظام صدام الى الحكومة العراقية كانوايعيشون في فرنسا بصفة لاجئين سياسيين حيث تم تسليمهم للنظام العراقي في حينه دون مراعاة احتمال تعرضهم للاعدام ولم تتراجع الحكومة الفرنسية عن قرارها ذاك الا تحت ضغط الجماعات المسلحة في لبنان التي اختطفت ثلاثة من الرعايا الفرنسيين في لبنان وربطت مصيرهم بمصير الطلبة العراقيين الثلاثة , ,
وبعد ان تولى موقع ويكيليكس الكشف عن حقائق السياسات الاستعمارية الاميركية وعلاقاتها المشبوهة بحكام فاسدين فقد اصبح مؤسس الموقع جوليان اسانج هدفا رسميا لاكثر من طرف دولي لاسيما لاميركا وحلفائها وهاهي بريطانيا تعمل على تسليمه الى السويد للخضوع امام قضائها بتهمة التحرش الجنسي وهي تهمة عليها علامات استفهام ربما يراد من خلالها الاساءة لشخص اسانج والتقليل من اهليته وشعبيته التي اكتسبها بعد تاسيسه لموقع ويكيليكس ,ان لجوء اسانج الى سفارة الاكوادور وماتركه هذا الحادث من توتر على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين و العلاقات الاوربية اللاتينية بشكل عام يجعل موضوع اللجوء من جديد نقاشات القانونيين والديبلوماسيين وخبراءالاقتصاد و العلاقات الدولية من زاوية وضع التفسيرات وتخمين النتائج والسيناريوهات التي سيترتب عليها أي من قرارات هذا الطرف او ذاك تجاه هذه القضية الشائكة.
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- ظاهرة الحج السياسي