حجم النص
في سبعينيات القرن الماضي وحينما كان العراق يعيش طفرته الاقتصادية الشاملة وحينما كانت طبقته الوسطى الناهضة تقود مفاصل النهوض ويتصدر الواقع الشرق الاوسطي والعالم الثالث بواسطة امكاناته الحضارية والبشرية والمادية الهائلة وموقعه الجيوستراتيجي المتميز وفرادته الجيوبولوتيكية (قبل ان يسطو صدام حسين وعصابة العوجة على مقاليد الامور ويحولوا العراق الى محرقة)، اجرت مجلة "العربي" الكويتية استطلاعا خجولا عن شبه جزيرة ناتئة في ساحل الخليج هي في الحقيقة والواقع اقرب للقرية منها الى "الدولة" وحتى الى "الدويلة" وكلا الوصفين اكبر منها بكثير هي (كَـِطر) وتترجم الى العربية الفصحى (قطر) تعيش عليها مجاميع بشرية من البدو لا تشكل بمجموعها تعداد عشيرة عراقية واحدة، تعيش عصور ماقبل التاريخ استفاقت في غفلة من الزمن الاغبر على جعجعة الاستثمارات الامبريالية النفطية تلك الاستثمارات التي حولت القرية التي لم تكن من قبلُ شيئا مذكورا الى "دولة" ومجاميع البدو الى "شعب" والعشيرة الحاكمة الى إمبراطورية إعلامية وسياسية ونفطغازية تحاول ان تضع نفسها بكل "وسيلة" بين الكبار وعمالقة الجيبولوتيك وقمم الاهميات الإستراتيجية والامم المحورية مثل العراق، رغم معرفتنا ان حجم الدولة او مساحتها او مستواها الاقتصادي ليس مقياسا او معيارا لتحديد أهميتها او فاعليتها او تأثيرها الإقليمي او الدولي ولكن لو لاعبت "دولة" قطر أخواتها الخليجيات او شاغلت من هي على شاكلتها او حجمها او في مستواها او لانغمست في شؤون "دول" مقاربة لها لكان الأمر طبيعيا جدا بتناسب الأدوار بحسب حجوم ومستويات لاعبيها والنتائج التي تتمخض عن ذلك ولكن ان تستغل قطر الظروف الاستثنائية التي يعيشها العراق وتتدخل في شؤونه الداخلية لتمرير أجندات خاصة ليس حبا بالعراقيين عموما وخاصة المكون السُني التي تدعي هذه القرية (التي مسختها بريطانيا العظمى وحولتها الى "دولة" ولم تسمح بانضمامها الى الإمارات العربية المتحدة هي وأختها بالرضاعة البحرين بموجب الاصطفافات الدولية آنذاك) انها راعية وحامية هذا المكون الذي تمثله عشائر ومدن عراقية أصيلة وعريقة وذات شان مهم في النسيج المجتمعي العراقي لايقل اهمية وعراقة واصالة عن بقية المكونات، نعم ليس حبا بالعراقيين او خوفا عليهم وليس "رعاية" لاهل السُنة الذين تآخوا مع الشيعة وغيرهم من مكونات الشعب العراقي قبل ان تولد ( كَـِطر) في المطابخ المخابراتية للدول العظمى لتنتج لنا كيانا مجهريا .
في رأيي ان قطر هذا المسخ البريطاني ومن خلال استخفافها بمشاعر العراقيين حينما وجهت الدعوة الى طارق الهاشمي وبصفته "الرسمية" نائبا لرئيس الجمهورية تحاول تسويق نفسها كدولة مهمة وفاعلة في الشرق الاوسط تحت خيمة "الشقيقة" الكبرى اي السعودية محاولة منها للعب ادوار اكبر من حجمها الطبيعي للفت الانظار اليها ولكن هل يرضى اصحاب الجيبولوتيك ومنهم المكون السُني الاصيل في العراق ان يكون لملوم بدو ( كَـِطر ) وشيختهم "موزة "واميرهم صديق اسرائيل الحميم، ناطقا رسميا باسمهم وتدافع عنهم باعتبارهم "مهمشين" و"مظلومين" ؟؟؟
وهل يتشرف الشارع السُني الشريف بهكذا تمثيل ان كان طارق الهاشمي وشيخ قطر والست موزة على رأسه ؟
وهل من الممكن ان تتحول هذه القرية الى لاعب اقليمي وطائفي فاعل ومن اعطاها الضوء الأخضر؟ سؤال موجه الى من تدعي قرية قطر انها تتكلم باسمهم وتدافع عنهم وهذا ما حصل في قمة بغداد التي استكثر مندوب هذه القرية ان يلقي كلمة "بلاده" فيها والله زمن!!!
إعلامي وكاتب عراقي
a1_1964_(at)_yahoo.com