بقلم: عبدالرحمن اللامي
جاء الحسين (عليه السلام) الى العراق من أجل أن يقوم بنهضة الإصلاح التي أعلنها في أوّل خروجه من المدينة المنوّرة على المنابر شفويّاً وكتبها لأخيه ابن الحنفية تحريريّاً:
"هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية أن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده و رسوله، جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُور،ِ وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما و إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف و أنهى عن المنكر و أسير بسيرة جدي و أبي"
ولكلّ نهضة إصلاحية ثمنٌ لابدّ أن يُدفع، ومبلغ هذا الثمن تحدّده إرهاصات الواقع الذي يعيشه المصلِح، فكلّما كانت التحدّيات التي يواجهها المصلِح كبيرة وضخمة كان العطاء وكانت التضحيات بقدرها، ومن خلال نظرتنا التأمّليّة الى حجم البذل والعطاء الذي قدمه أبو الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام) ندرك جليّاً حجم النكوص والتخلّف الذي طرأ على نهضة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من بعد وفاته الى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام).
لقد قدّم الإمام الحسين (عليه السلام) أصحابه واحداً بعد واحد، ثمّ ثنّى بأهل بيته (عليهم السلام) الأعزّ بعد العزيز، ثمّ قدّم نفسه الزكيّة، والجود بالنفس أقصى غاية الجود، ولم يقدّم نفسه هكذا مرة واحدة بل قدّمها أشلاءً، فهذا رأسه على الرمح وذاك إصبعه المبتور بالقرب من جثّته الشريفة التي رضّتها حوافر الخيل الأعوجية فحوّلتها الى شِلْوٍ لم يستطع الإمام السجاد (عليه السلام) يوم دفنه لأبيه أن يجمع هذه الأوصال المتقطّعة إلاّ على حصيرة ثمّ يدفنها، ثمّ سبي نسائه على النياق الهزيلة من غير وِطاء أو غطاء عليها.
ولابدّ لنا أن ننظر الى هذه الثلّة بمنظار صحيح، فإنّ هذه النفوس التي زُهقتْ والتي رُوّعتْ والتي جُرحتْ لم تكن أيّ نفوس على الله وعلى الناس، بل هي خيرة خلق الله على الأرض، وسادة الناس طُرّاً، لنعلم أنّ المصيبة التي حلّتْ بأهل البيت (عليهم السلام) كبيرة، وأنّ الفاجعة التي حدثتْ في أرض كربلاء المقدّسة لم ولن نجد نظيراً لها.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد