وضع المقياس السادس /على التوالي/ الذي تصدره دورية السياسة الخارجية الامريكية ، العراق ضمن الدول الاكثر فشلا في العالم (الصومال / تشاد / السودان /زيمبابوي / كونغو / افغانستان/ العراق/ افريقيا الوسطى / غينيا / باكستان ) بواقع سبع دول في افريقيا وثلاث في آسيا وجاء العراق سابعا بينها كدولة فاشلة (Failed State ) بموجب هذا المقياس الذي وصف هذه الدول أنها لم تخرج عن دائرة اول /15 مركزا/ للفشل المزمن وعلى جميع الاصعدة السياسية والاقتصادية والامنية والمجتمعية وحقوق الانسان والتنمية وغيرها من مجالات بحث هذا المقياس. ومن اهم المعايير التي يعتمدها المقياس في قياس الفشل الدولتي والحكومي ان هذه الدول في حالة الحكم عليها كونها دولا فاشلة انها لا تستطيع السيطرة على أراضيها او التحكم بحدودها او الإيفاء بالتزاماتها بالاحتياجات الاساسية لشعوبها وهي وفقا للفئات الفرعية للتقييم انها تعكس درجة معينة من تهديد السلم والامن الدوليين فضلا عن المحيط الاقليمي لهذه الدول باعتبارها من اكثر الدول هشاشة في الامن وعدم الاستقرار في العالم أي أنها من اكثر الدول خطورة عالميا واقليميا.
وهذا القياس بحسب دورية السياسة الخارجية الامريكية يساهم في تحديد مكامن الفشل وابراز القضايا الملحة المؤدية كتحصيل حاصل الى فشل الدولة كما يبين المجموع الكلي التي تحصل عليه الدولة مجال البحث والتي يرتبها في القائمة بحسب المؤشرات الفرعية (12 مؤشرا) والمقسمة في الوقت عينه الى ثلاث مجاميع رئيسية وهي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبتخصيص لكل مؤشر فرعي عشر نقاط لقياس كل حالة فيكون العراق كدولة قد خضع لجميع المؤشرات الفرعية الاثني عشر وللمجاميع الثلاث الرئيسية وحصل بعد اجراء التقييم على /المركز السابع/ ضمن فئة الدول الاكثر فشلا والاشد خطورة والاكثر تشتتا في النسيج المجتمعي في العالم وعلى جميع الابعاد والانساق والتفاصيل .
ومن المؤكد وللوهلة الاولى إن هذا المقياس إن افترضنا عدم إمكانية تسييه ضمن اجندات القائمين عليه فإنه لا يخلو من قلة الدقة او انه لم يكن بالمهنية التي ينوه معدوه عنها وان اعتمدوا معايير علمية واكاديمية وتوخوا الدقة في توصيف كل دولة بما يناسبها من منظومة مؤشرات او مجاميع بحث ، والدليل على ذلك هو إن توصيف العراق كإحدى الدول المهددة للامن والسلم الدوليين فيه الكثير من الاجحاف باعتبار إن العراق من اكثر الدول في العالم التي تعرضت الى التدخلات الخارجية السلبية وعلى المستويات الدولية والاقليمية حيث إن الملف العراقي ما يزال مدولا منذ عام (1990) بعد الاجتياح البربري للنظام السابق لدولة الكويت وما يزال هذا الملف ايضا معرضا الى تجاذبات اقليمية القت بظلالها القاتمة على مجمل المشهد العراقي كما إن العراق من اكثر دول العالم تعرضا الى تهديد الجماعات الارهابية والتنظيمات المسلحة والميليشيات غير المنضبطة وعصابات الجريمة المنظمة وعوامل الفساد الاداري والمالي ، والعراق ايضا اكثر دولة ورثت حزمة هائلة من الكوارث والمشاكل والمآسي عن حكوماته السابقة كما ورث عنها من اكثر الاوضاع تداعيا ومأساوية وخطورة وفقرا وتشظيا ديموغرافيا على جميع الصعد العالمية ويجب بحكم المهنية والموضوعية ان يؤخذ بنظر الاعتبار جميع هذه الاسباب بنتائجها وتداعياتها واسقاطاتها .
من جهة اخرى إن ترتيب وتبويب العراق بين هذه الدول (ضمن فئة الدول الاكثر فشلا في العالم) لا يتناسب مع شخصيته الدولتية وموقعه الجيبولتيكي الدولي او الاقليمي وقوته الاقتصادية وثرواته الهائلة (بغض النظر عن طريقة توظيفها وتوزيعها) ومستوى شعبه الحضاري والاجتماعي والمعرفي مقارنة ً مع تلك الدول التي /تشارَك َ/ العراق معها في مستوى الفشل وتشاركت معه في التقييم وبذات المعايير والمقاييس ، ويزداد الأمر غرابة اكثر انه حتى في حالة افتراض كون العراق ضمن الدول الاكثر فشلا في العالم انه لم توجد أية جهة حكومية او مؤسسة رسمية او شبه حكومية او منظمة مجتمع مدني وقفت موقف المتصدي او المفند والمحاجج بالأدلة والارقام والبيانات كمعرض للرد او في موقع الدفاع ، ولكي لا يفهم السكوت على انه قبول بالأمر الواقع، وبذات الآلية التي قاست بها دورية السياسة الخارجية الامريكية وللسنة السادسة على التوالي اوضاع العراق وخرجت بذات التقييم الذي جعل من العراق دولة من الطراز الفاشل وفي المجموعة الاولى من هذا التقييم ومع دول هي اكثر ثانوية من كثير من الدول التي يفوق عليها العراق جيوستراتيجيا وجيوبولتيكيا واقتصاديا وحضاريا ومعرفيا ، بالمقابل إن الشعب العراقي هو من اكثر شعوب العالم كان وما يزال عرضة للمخاطر والتهديدات ومن اكثرها من دفع باهظا ثمن التدخلات السلبية في شؤونه الداخلية سيما بعد التغيير النيساني فضلا عن ان جميع المؤشرات في حالة ثبوت مصداقيتها ومهنيتها فهي مؤشرات مؤقتة ومرحلية وليست دائمية او مزمنة وليس من الإنصاف الانساني والمهني ان يتشارك العراق ذو الدور المحوري الفاعل والمتفاعل والموقع الستراتيجي والإمكانات المادية والبشرية غير العادية مع دول اخرى لا تتمتع بجزء يسير مما تقدم وهي ذات تاثير أقل على الساحتين الدولية والاقليمية فضلا عن مواصفاتها الدولتية والمجتمعية الهشة ومشاكلها وازماتها المزمنة لأسباب داخلية بحتة تتشابك معها عوامل خارجية بسبب الضعف الدولتي المزمن والنقص الواضح في السيادة والأداء الوظيفي وضعف تأثيرها في المحيطين الاقليمي والدولي وقوة المؤثرات والتأثيرات التي تتناوب عليها.
وفي حال اثبات /الفشل/ العراقي كدولة ضمن معايير المقياس السادس فإن هذا الفشل ليس فشلا عراقيا دولتيا خاصا كون العراق مايزال تحت الوصاية الاممية (البند السابع) فإن المجتمع الدولي بأسره يتحمل الوزر الاكبر لهذا الفشل وعليه ان يراجع نفسه كي لاتتحول مستقبلا دولة من الممكن ان تكون من اكثر الدول نجاحا على صعيد العالم الثالث في الاقل (الهند/ الصين / الامارات العربية/ النمور الآسيوية) او دولة ناجحة على الصعيد العالمي، الى دولة فاشلة لأسباب وظروف تاريخية معروفة للجميع لم تكن الاطماع الدولية وهيمنات القوى العظمى والتجاذبات الاقليمية بمعزل عنها.
إعلامي وكاتب عراقي [email protected]
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي