تحت هامش التفجيرات الدامية التي حدثت في بغداد في الايام القليلة الماضية (والتي ذكرتنا بالأيام السود التي عشناها إبان الهسيتريا الطائفية التي اجتاحت البلاد خاصةعام 2006 ومابعده )، وما اثير من لغط حولها وما قدم من تبريرات صارت اكثر من كلاسيكية و\"بايخة\" ولكن استجد منها ما تفتقت به عبقريات القادة الأمنيين ولأول مرة بإلقاء اللوم في العمليات الارهابية واعمال التفخيخ على مختاري المناطق واصحاب العمارات والمحال التجارية (بعد أن استهلكت التبريرات القديمة حول ضلوع تنظيم القاعدة والبعثيين والصراع بين الاحزاب وانفجار اسطوانات الغاز خاصة في كربلاء أثناء الزيارات المليونية ) وان كان هذا التبرير جاء متأخرا جدا فانه يؤكد تماما كل ماذهبت اليه في مقالاتي السابقة حول الوضع المزري في مدينة كربلاء المقدسة ولم اتلقَّ من الحكومة المحلية فيها ومن مسؤولي العهد الجديد وحاشياتهم سوى الشتائم (وكل اناء ينضح بما فيه) ودون ان يكلف اي مسؤول نفسه ويحرك \"ضميره\" للتحري عن ما ذهبنا اليه ويرى بأم عينيه المهازل في كربلاء البائسة !!!
كربلاء المقدسة مدينة مفتوحة الابواب والنوافذ \"خان جغان\" لكل من هب ودب من المهجرين والمهاجرين وحتى المطرودين من مدنهم وعشائرهم واصحاب السوابق وتكاد تكون المدينة الوحيدة في العراق على هذه الشاكلة في حين ان الكربلائي الأصيل لا تتوفر لديه مثل هذه الفرص في اي مكان آخر وقد يلاقي صعوبة بالغة في ذلك وتبقى وصمة \"الغريب\" تلاحقه جيلا بعد جيل ولكل مدينة في العراق بصماتها الدالة عليها عدا كربلاء التي هي من اعرق المدن العراقية واقدمها حضارة واكثرها تحضرا فقد محيت هويتها واندثرت معالمها الديمغرافية وحتى بيوتها وازقتها ودرابينها تحولت الى فنادق ومنازل خانات او \"حسينيات\" وداخل البيوت وبين العوائل دون رقيب او حسيب او تسجيل تلك المنازل خانات في دوائر الامن او الامن السياحي او تسجيل البيوت التي حولها أصحابها الآتون من خارج المدينة الى \"حسينيات\" في دوائر الاوقاف للاشراف عليها وهؤلاء يشترون أو يؤجرون المنازل بأي ثمن ومن دون ان يعرف مختارو المناطق او ساكنوها اي شيء عن هذه المنازل خانات او الحسينيات او الفنادق أو يعرفوا أي شيء عن من يأتي اليها ويسكن فيها من مجاميع من كافة انحاء البلاد سيما من بغداد (بحجة الزيارة) دون أن يعرف احد ومن اية جهة امنية او عسكرية او استخبارية او ما شابه ذلك من هؤلاء ومن أين يأتون وكيف يمكثون وماذا يفعلون ؟؟؟ والشيء الوحيد المعروف إن الغرض هو زيارة المراقد المقدسة وهو غرض مشروع للجميع دون استثناء ولكن ليس بهذه الصورة المشوشة والمضطربة ، وانا شخصيا لدي تجربة مريرة في هذا الشأن وقد طرقت جميع الابواب من المعنيين بشان الامني دون جدوى وهي اننا نعيش في زقاق صغير وليس فيه اي منفذ، فيه ثمانية بيوت فقط منها اربعة بيوت اي نصفها بالضبط تحولت الى منزل خانة او حسينية دون ان نعرف هوية أصحابها او اغراض مجيئهم اليها او اعدادهم او مناطقهم او حتى اشكالهم لانهم يتبدلون في كل حين ولا يعرف مختار المنطقة عنهم شيئا قط وحتى الجهات الامنية بكافة اشكالها لا تعرف سوى انهم زوار في حين اننا رأينا العجائب والغرائب والكثير من الامور المريبة والمسائل اللاأخلاقية والممارسات المليشياتية والحزبوية وحين فاتحنا بعض اصحاب هذه البيوت عن هوياتهم وأغراضهم جوبهنا بالتكفير والزندقة ومحاربة الحسين ووصمونا ونحن من اعرق القبائل العربية على الاطلاق باننا عجم بل فرس مجوس نعبد النار دون الواحد القهار !!! والذي لا يعجبه هذا الامر عليه ان يبيع بيته ويخرج من المنطقة !!
متى تنتبه حكومة كربلاء المحلية ومعها الأجهزة الأمنية ومختاروا المناطق الى هذه الظاهرة لكي لا يحدث فيها ماحدث في بغداد من احداث دامية بسب عشوائية السكن وقد سبق ان نوهنا في الكثير من المقالات عن استفحال هذه الظاهرة ونبهنا الحكومة المحلية والجهات الامنية عن ذلك ولكي لا يتخذ الحسين عليه السلام وسيلة لأية جهة مهما كانت لأغراض مشبوهة ولكي لا تتحول زيارة المراقد المقدسة في المستقبل الى كوارث لا تحمد نتائجها فالذي رأيناه ولمسناه من بعض هذه الأماكن بعيد كل البعد عن كربلاء وعن الحسين وعن الزيارة الشريفة فهل من مدكر !!؟؟ .
اعلامي وكاتب عراقي
كربلاء المقدسة