بيدنا الريمونت ونتصفح الفضائيات لنتابع الاحداث واحدى الميزات التي تلفت انتباه المتابع هو عرض الخبر الواحد بعدة اوجه طبقا لتوجهات الفضائية التي تعرض الخبر، فاذا كان الخبر يتفق وتوجهات مالك او ممول الفضائية فانها تقوم بتهويله وتكثيف الجهود وتسليط الضوء عليه ليظهر بشكل يتفق واهداف الفضائية والعكس بالعكس .
فضائياتنا والمقصود منها ذات التوجه الامامي فاننا من خلال متابعتنا لها نجدها بمستوى متواضع جدا وعليها عدة ماخذ ابتداء من الموجه والممول لها وانتهاء بما يحمل الكادر العامل فيها من خبرة مهنية متواضعة جدا ، لدرجة لو قمنا بمقارنة بينها وبين بقية الفضائيات ذات الاتجاه المخالف فاننا سنلمس الفرق الشاسع والواسع بينهما .
ومن هذه الماخذ نلاحظ اهم مسالة وهي مسالة التمويل والتي تؤثر بشكل مباشر على استخدام الخبرات اللازمة لتقديم برامج تتفق والاهداف المنشودة فالتمويل اما ياتي من تبرعات او من حقوق شرعية او جهات اخرى تقصد غير المقصود منها باطنا .
فالتي يكون تمويلها التبرعات فهذه لا تستطيع تكملة الطريق اضافة الى هبوط برامجها ، واما التي من الحقوق الشرعية فانها اذا ما فشلت تكون قد اوقعت المتصرف بالحقوق الشرعية في اشكال ، واما بقية الجهات الممولة ذات الابعاد السياسية الباطنية فانها تنكشف عاجلا او اجلا.
بعض الكوادر التي تعمل في هذه الفضائيات يلاحظ عليها قلة الخبرة والمهنية في عملها بل وحتى اختيار شكل المذيع يكون وفق مواصفات خاصة نراها معدومة في هذه القنوات .
والمهم خطة عمل الفضائية واهدافها ولمن توجه برمجها ؟ فاننا نلمس الفوضوية وعدم المركزية في عرض البرامج بل ان الكثير من الفضائيات في بداية بثها يتابعها اتباع اهل البيت وسرعان ما يعزفون عن مشاهدتها .
واقعة الطف العظيمة وما جرى بها من احداث تعتبر منجم للدروس الانسانية وبمختلف مجالاتها يثني كل من انصف الكتابة عنها على دور علي السجاد عليه السلام وعمته زينب عليها السلام في اظهار واقعة الطف بابعادها الحقيقية وكانت زينب عليها السلام فضائية بمعنى الكلمة ومن الدرجة الخاصة جدا .
كيف تستلهم الفضائيات ذات الاتجاه المشابه لوقفة زينب عليها السلام الدروس منها ؟ لو تابعنا الاحداث عقب واقعة الطف نقف عند ثلاث محطات زينبية الاولى خطابها في الكوفة والثانية خطابها في مجلس يزيد والثالثة حوارها مع الشامي الذي طلب من يزيد ان يشتري فاطمة بنت الحسين عليهما السلام جارية له .
اكثر من موقف تعرضت له زينب عليها السلام منذ استشهاد الحسين عليه السلام حتى عودتها الى المدينة ولكننا نلاحظ المحطات الثلاثة التي اشرنا لها اعلاه هي المائز الوحيد في هذه الرحلة .
الدرس الاول من خطابات زينب عليها السلام هو اختيار الوسط الذي توجه له الكلام حتى يكون له وقع واثر في نفوس المتلقي وكانت هي البادئة بالكلام .
استخدام لغة خطابية من صميم لغة المتلقي الخطابية وباروع منها حتى تلفت انتباه المتلقي .
ضمن الخطابات ولعلمها بما اشاع اتباع يزيد بانهم خوارج وليسوا من ملة الاسلام وتحديدا في مجلس يزيد نجد في خطابها الدقة في التوقيت واختيار المكان ولمن توجه كلامها وانتقاء الكلمات والمعلومات المؤثرة لتكشف امرا وترد شبهة وتصغر حاقدا عندما قالت له ( امن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله(ص) ، لاحظوا كشفت ماهية يزيد الطليق اولا وردت شبهته بذكر نسبها ثانيا ، وفقرة اخرى من تقريرها الاخباري ( الا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء )، وفقرة اخرى باراقتك دماء ذرية رسول الله (ص). ونفس الامر لما اشتد الكلام مع يزيد عندما ردت طلب الشامي بكلمات قاسية جدا انفذ من السهام وهذا النص ( لما طلب الشامي فاطمة بنت الحسين خادمة له قالت (ع) : كذبت ولؤمت وما ذلك لك ولا لاميرك ، اجابها يزيد كذبت بل لي قالت : كلا والله ما جعل لك ذلك الا ان تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا ، فازبد وعربد يزيد لما ردته بهذه الكلمات حيث افقدت صوابه وانجلت الغيمة ممن حضر مجلسه فما كان جوابه لها الا اتهامها بنفس اجابتها أي قوله ابوك واخوك هم من خرجوا من الدين ، فردت : بدين الله ودين جدي وابي اهتديت انت وابوك ان كنت مسلما وكالعادة كان جوابه التكذيب .
الدقة في كلمات زينب عليها السلام بحيث جعلت يزيد هو من يتهم ابيها واخيها غير المعنيين بالكلام بالخروج عن الدين وهذا لفت انتباه الحاضرين من قصد بذلك يزيد؟، وعندما اجابت زينب عليها السلام بان جدها رسول الله وابوها علي واخيها الحسين عليهم افضل الصلوات والسلام فقد استطاعت من خلال هذا التقرير الاخباري قلب المجلس على راس يزيد وحسب بعض المصادر الشامي انكر هذا على يزيد مما جعل الاخير يطرده من مجلسه .
فهل تعي فضائياتنا هذه الدروس الزينبية في كيفية اختيار برامجها وبثها بشكل يلفت انتباه المتلقي ؟ كما وانها هل تاخذ بنظر الاعتبار موعد تقديم البرنامج بحيث انه يتفق وساعات عرض البرامج المهمة في وقت الذروة ؟ أي ان البرنامج الذي يقدم ليلا لنا قد يكون في منتصف الليل في دولة اخرى هو موجه لها .
هل تبتعد عن الكلاسيكية في عرض البرامج الدينية التي لم تعد تؤثر بالمتلقي ابدا؟