- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تهديدات بترايوس... حرب نفسية أم حقيقية؟
هل باتت المواجهة العسكرية الأمريكية - الإيرانية قريبة بل أقرب مما يظن الناظر للمشهد؟، سيما بعد التصريحات التي أطلقها قائد القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان الجنرال ديفيد بترايوس في مقابلة بثتها شبكة CNN الإخبارية الأمريكية نهار الأحد الفائت بشأن وجود خطط عسكرية أمريكية لمواجهة إيران النووية..
ربما كان السؤال: هل غاب الخيار العسكري عن الفرضيات الأمريكية لمواجهة الأزمة يوماً؟..
يمكن القول إن الخيار العسكري لم يغب أبدا عن طاولة الاحتمالات الأمريكية في التعاطي مع هذا الملف، ففي حديث له عبر شبكة الأخبار الأمريكية الشهيرة CNN أيضاً، قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس :\"بينما لا أستبعد أي خيار من على الطاولة فإنني أعتقد بأنه لا يزال هناك مساحة للتحرك الدبلوماسي\"، ثم ذهب في حديثه إلى قول مشوب بضبابية شديدة للغاية . إذ أضاف :\"ان القوة العسكرية هي لكسب الوقت فقط ولكنها لن تقنع الإيرانيين بالتخلي عن سعيهم لامتلاك أسلحة نووية\" .
ولعل المثير للدهشة في المشهد الأمريكي الأخير هو قبول غالبية الأمريكيين من جديد لفكرة العمل العسكري ضد إيران، ففي استطلاع للرأي أجراه مركز \"بيو\" جيد السمعة لاستطلاعات الرأي في العاصمة الأمريكية واشنطن على عينة من 1500 أمريكي جاءت النتائج لتشير إلى أن 63% من الأمريكيين يساندون سياسة التفاوض المباشر بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني، غير أن 61% من الأمريكيين ذهبوا إلى أن منع إيران من إنتاج أسلحة نووية، حتى لو تطلب شن عمليات عسكرية ضدها، أهم من السعي لتفادي نزاع عسكري معها .
والثابت كذلك أن الجمهوريين يميلون أكثر من الديمقراطيين إلى مسعى الحرب، فقد أجمع 71% من المستطلعين الجمهوريين و51% من الديمقراطيين على أهمية منع إيران من إنتاج أسلحة نووية حتى لو تطلب ذلك شن عمليات عسكرية، فيما اقتصرت نسبة الديمقراطيين المؤيدين لضرورة تفادي نزاع مسلح حتى لو أنتجت إيران أسلحة نووية على مجرد 10% من الموالين للحزب الديمقراطي .
وفي ضوء ما تقدم من دعم شعبي يميل للمواجهة العسكرية هذه المرة هل بدأت واشنطن بالفعل في إعداد خططها العسكرية للمواجهة حال وصلت المفاوضات مع إيران إلى طريق مسدود؟..
تكشف مصادر \"إسرائيلية\" لموقع DEBKA وثيق ولصيق الصلة بالاستخبارات \"الإسرائيلية\" عن وجود خطة سرية أمريكية تهدف لشن هجوم عسكري على المنشآت النووية \"الإسرائيلية\" في النصف الثاني من العام القادم 2010 للقضاء نهائياً على طموحات إيران النووية وقد بدأت ملامح هذه الخطة تتبلور في الظهور على العلن مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون ضرورة الإسراع في برنامج إدخال القنابل الجديدة الخارقة للمخابئ الأرضية للخدمة العملية العسكرية بحلول منتصف العام القادم . وينقل الموقع الذي يديره ضباط استخبارات \"إسرائيليون\" سابقون عن مصادر أمريكية مطلعة قولها: إن هناك قنابلا أخرى مدمرة مازالت في طور التطوير وجميعها ستدخل الخدمة العسكرية العام القادم، ما قد يعكس تغيرا في رؤية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بشأن استخدام القوة مجدداً ضد إيران، بعد إقراره وإدراكه أن الحوار السلمي معها لن يجدي، ولن يثنيها عن محاولاتها لامتلاك أسلحة نووية .هذا الحديث يعززه تصريح خرج بنية واضحة من قائد أمريكي كبير سابق هو الجنرال في سلاح الجو \"تشارلز والدون\" والذي كان مساعد قائد القوات الأمريكية في أوربا وفيه اعتبر أن احتمال توجيه ضربات إلى المنشآت النووية العسكرية الإيرانية يحتمل الصدقية ,و هذا الاحتمال تقنياً قابل للتنفيذ من جانب الجيش الأمريكي، وأن على واشنطن أن تعد خطة بديلة تقوم على هجوم عسكري في حال فشلت الطرق الدبلوماسية، وإذا لم تفلح المفاوضات من جهة، ولم ينجح الحصار البحري الأمريكي للموانئ الإيرانية فإن الجيش الأمريكي قادر على شن هجوم مدمر على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية .
ويتبقى هنا تساؤل مهم للغاية :ماذا عن \"إسرائيل\" ؟وهل يمكن لها أن تمضي منفردة في مواجهتها لطهران حتى إذا تقاعست واشنطن عن ذلك؟..
رفض بترايوس الإجابة عن أسئلة وجهت إليه في هذا الشأن غير أنه وبرصد سريع يمكن أن ننتقي عدة قراءات تشير إلى القارعة القادمة، منها ما صرح به سفير \"إسرائيل\" في الولايات المتحدة الأمريكية مايكل أورين من أن بلاده تعتقد أن إيران تقترب من الوضع الذي تستطيع فيه أن تكون قادرة على إنتاج السلاح النووي، والسير قدماً بسرعة لإنتاج هذا السلاح، لافتاً إلى أن \"إسرائيل\" تؤيد موقف أوباما المتمثل في الإبقاء على الخيارات جميعا على الطاولة .
أما داني ايالون نائب وزير الخارجية \"الإسرائيلي\" فقد أعلن :أن \"إسرائيل\" لم تتخل عن خيار الرد العسكري على برنامج طهران النووي .أما أكثر تلك القراءات وضوحاً فقد جاءت على لسان افرايم سنيه النائب السابق لوزير الدفاع \"الإسرائيلي\" والذي اعتبر أن \"إسرائيل\" ستضطر لمهاجمة المواقع النووية لإيران إذا لم يكن بمقدور القوى الغربية الاتفاق على ما سماه بعقوبات تعجيزية ضد إيران بنهاية العام الحالي، ويذهب وليام كوهين وزير الدفاع الأمريكي في إدارة بيل كلينون إلى أن العد التنازلي بات قائماً وأن \"إسرائيل\" لن تقعد غير مكترثة على الخطوط لتشهد إيران تتقدم في برنامجها .
والمقطوع به أن معظم أجهزة الاستخبارات الغربية تشارك في التقدير الذي يقول : في 2010 ستحقق إيران ما يكفي من المادة المشعة كي تسمح لنفسها في المستقبل بإنتاج قنبلتين أو ثلاث نووية، وإذا ما نجحت إيران في أن تنشرها في عدد كبير من المواقع السرية فإنها ستقلص بذلك الفرصة لإحباط برنامجها، هل كانت تصريحات الجنرال بترايوس جزءاً من الحرب النفسية على إيران؟ أم اقتراب من الحرب الفعلية وإيذاناً بالقارعة لقطع هذا الطريق النووي على طهران؟.
المؤكد أن عام 2010 سيكون عام الحسم لإشكالية النووي الإيراني إن سلماً أو حرباً, سواء أكان الحسم أمريكيا مطلقا أم بالشراكة مع \"إسرائيل\" المستفيد الأول من إنهاء طموحات إيران النووية.
كاتب مصري *
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- حرب استنزاف مفتوحة
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة