- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المافيا السياسية... وإعاقة الانتخابات التشريعية القادمة
المعارضة بمفهومها الايجابي، أمر لابد أن يتوافر في التجاذبات السياسية بين الكتل والاحزاب وعامة السياسيين، لأن حضور المعارضة يعني سلامة المسار لصانع القرار، وغيابها ينم عن نهج متسلط سيقود الى نتائج وخيمة ليس في الجانب السياسي بل سيلقي بظلاله على جوانب الحياة كافة.
هذا الرأي أمر متفق عليه ويكاد ان يكون من بديهيات العمل السياسي، لكن -هنا في العراق- ينطوي المشهد السياسي على مفارقات من الغرابة بمكان حتى تكاد تستعصي على جميع الرؤى والنظريات والمناهج التي تعمل على استبطان الاسرار والحقائق السياسية لتضعها أمام الملأ او تحت مجهر التصويب وما شابه.
لقد لاحظ المراقب المستقل الذي أخذ يراقب ما يدور في الساحة السياسية في العراق عن كثب، أن ثمة من يعمل على (إبقاء العراق دولة ضعيفة) وقد تفنن هؤلاء في الاساليب التي تحقق لهم هذا الهدف، ولعل آخرها ما يحدث من عمليات تعويق متتابعة لعدم اجراء الانتخابات النيابية القادمة من لدن بعض الجهات التي يَصعب تحديدها بسبب تداخل الخنادق والاهداف والاجراءات العملية التي تشكل صورة من الفوضى الهائلة حتى يكاد أن يكون تأشير الطالح من الصالح أمرا أقرب الى المستحيل، ومع ذلك يتساءل المراقب، من الذي يعمل على تعويق الانتخابات؟ وما هي أهدافه في هذا الاتجاه؟.
هل المعارضة هي التي تقف وراء وضع العصي في عجلة الانتخابات النيابية لكي لا تسير قُدُما؟.
وهنا نقصد المعارضة الوطنية التي تتخذ من منهج (التعارض السلمي) طريقا لها، أم ثمة جهات أخرى تخطط وتنفذ عمليات الاعاقة المذكورة ؟ واذا كانت الاجابة عن هذا السؤال، وكما تفترضه الحسابات المنهجية العلمية، تبرئ المعارضة السلمية من هذا العمل، فمن غيرها يتخذ الموقع البديل ويحث الخطى لابقاء (العراق دولة بلا مؤسسات فاعلة وراسخة) ومن الذي يسعى لتكريس حالة الفوضى في عموم الحياة العراقية ومن ثم (زراعة) الضعف في مفاصل الدولة كي تبقى (قمة في الضعف) وبالتالي عرضة للانتهاك من لدن اولئك المتمترسين خلف أقنعة تبدو وطنية في ظاهرها ولكن الوطنية الحقيقية منها براء؟.
إن ثمة مافيات سياسية او محركة للسياسيين (حيث البعض منهم ليسوا أكثر من دمى تحركها اصابع وخيوط مافيوية داخلية وخارجية) لا تريد أن يقف العراق على قدمية كدولة دستورية قوية تستمد قوتها من قوة ورصانة مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرها، لأن بناء دولة دستورية مؤساساتية قوية ومعاصرة، تعني القضاء التام على المافيات التي تنخر بجسد العراق وتعيث فسادا بأرضه وفقرائه.
من هنا أصبح لزاما على من يريد أن يصطف الى جانب الشعب وبناء الدولة العراقية المعاصرة، أن يفرز نفسه عن (التخندق المافيوي) سواء تداخل مع هذه المافيات عن قصد او من دونه، لأننا مع محاولات التخريب الدائبة لمفاصل الدولة العراقية لا نستطيع أن نصف كل من يحاول تعويق الانتخابات والعملية السياسية ونشر الفوضى والضعف في قطاعات الدولة كافة، سوى انه منتمٍ الى هذه المافيات سواء عرف بذلك أم لم يعرف، بكلمة اخرى ثمة من السياسيين افرادا او جماعات ربما لا يعي انه حين يعمل على اعاقة الانتخابات (تحت أي مبرر كان) إنما يضع يده بيد من يحاول اضعاف دولة المؤسسات المعاصرة، وبالتالي بقاء الشعب تحت رحمة القتلة والأفاقين أولئك الذين لا يتورعون ان القيام بأقذر العمليات وأبشعها من اجل تحقيق مصالحهم الفردية او الجمعية ممثلة بالحصول على المال والنفوذ وتحقيق الرغائب الدنيئة على حساب ملايين الفقراء.
ولعل آخرون يقولون بعدم جواز ما يجري في العراق تحت ظل الاحتلال وما شابه، وأن العملية السياسية برمتها (غير شرعية)، واذا كان هذا الامر ينطوي على جانب من الصحة كونه رأيا ونهجا معارضا له الحق أن يعلن نفسه مصححا لأنشطة صانع القرار المتنوعة، لكن هذا لا يجيز أبدا إصطفاف (المعارض الوطني) الى جانب من يعمل على تخريب البلد وخلق نوع من الفوضى (اللاّبناءة) التي تطيح برقاب الفقراء قبل غيرهم بسبب إضعاف دولة القانون او عدم السماح برسوخ المؤسسات وقدرتها على تحجيم دور المافيات بأنواعها، سواء كانت سياسية او اقتصادية او غيرها.
وبذلك نقول بأن العنصر او العناصر (مفردة او مجتمعة) التي تعمل على اعاقة اجراء الانتخابات القادمة، انما تقوم بذلك خدمة لمن يهدف الى ابقاء العراق دولة ضعيفة متشظية غير قادرة على ترميم ذاتها شكلا وجوهرا، وبالتالي فهي تقدم خدمة لاعداء العراق شعبا وارضا وتأريخا سواء عرفت بذلك او لم تعرف!..
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- ماهو مصير الغذاء بالحرب القادمة !؟