- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الموقف من البعث والبعثيين (الجزء الثاني)
مناقشة واقتراحات
لابد أن تتعامل الحكومة العراقية والكتل البرلمانية وخاصة كتلة الائتلاف العراقي الموحد وهي الكتلة البرلمانية الكبرى بوعي كبير وبمسؤولية كبيرة وبحكمة عالية مع ملف (البعث والبعثيين والأجتثاث) للوصول الى موقف يكون محصلة توازن جوانب متنوعة من الملف أهمها:
1. معالجة آثار ومضاعفات السياسات الخاطئة خلال فترة حكم صدام والتي خلقت مشكلات حقيقية في نسيج الواقع السياسي والاجتماعي في العراق، بسبب أرغام الملايين من العراقيين على الأنتماء الى حزب السلطة (البعث الصدامي) وأرغام عشرات الآلاف على المشاركة في جرائم السلطة (وصلت الى حد أرغام حتى أساتذة الجامعة البعثيين على المشاركة في حفلات قتل المعارضين خاصة بعد أحداث الانتفاضة/ اذار 1991) وإيجاد أوساط مناطقية وعشائرية وطائفية غير قليلة مستفيدة من أمتيازات السلطة.
2. مراعاة الدستور وبرنامج الحكومة الذي يؤكد على إتاحة فرص عادلة لكل العراقيين للمشاركة في بناء العراق والمشاركة في خيراته.
3. عدم استفزاز شريحة عراقية مليونية تضررت بشكل كبير من سياسات وأجهزة وحزب عهد صدام (أي ضحايا نظام صدام)، والتي لا تزال لم تحصل على حقوقها وتعويضاتها وما يؤدي الى أنصافها.
4. وجود ضغوط دولية وعربية رسمية على الحكومة العراقية لدفعها لتقديم تنازلات كبيرة في ملف (البعث والبعثيين والاجتثاث)، وربما لا تكون بعض تلك التنازلات المطلوبة في صالح الشعب العراقي خاصة في الوسط والجنوب وحتى ليس في صالح الأخوة السنّة الذين دخلوا العملية السياسية ولا في صالح النظام الديمقراطي الجديد. والمنحى الجديد في الضغوط الأمريكية الأخيرة انها بدأت تهدد بإيقاف دعمها للحكومة في حالة عدم أعطاء البعثيين بعض الامتيازات خاصة في الاجهزة الامنية والعسكرية.
5. وجود دوائر سياسية أقليمية ودولية، تسعى لتحقيق أجندة خاصة بمصالحها من خلال توظيف ملف (البعث والبعثيين والأجتثاث)، وخلاصة تلك الأجندة هي تجميد أو ألغاء نتائج الانتخابات الاخيرة التي أوصلت التيار الاسلامي (بشقيه الشيعي والسنّي) الى السلطة، ومنع استكمال عناصر السيادة الوطنية وبناء أجهزة قمعية جديدة، تكون بمثابة الاداة والرصيد الاحتياطي لسياسات تلك الدوائر للتأثير والتحكم بمسارات النظام السياسي الجديد في العراق، واثبت البعثيون الصداميون خلال العقود الماضية جدارتهم في بناء تلك الأجهزة القمعية لتراكم خبراتهم وسعة البنية التحتية لتلك الاجهزة التي تم بناؤها خلال فترة حكمهم، وبأنهم اثبتوا الأكثر استعداداً لارتكاب مختلف الجرائم في سبيل مصالحهم الضيقة الخاصة، وهو ما كشفت عنه بوضوح فترة الـ35 سنة المنصرمة (1968 – 2003).
أذن فنحن أمام أتجاهات وقوى متعارضة أحياناً ومصالح متناقضة، نحتاج الى:
- وعي كبير ..
- ومسؤولية كبيرة ..
- وحكمة عالية، خاصة في مجال ترتيب الأولويات وجعل أيجابيات أي موقف اكثر من سلبياته.
نحتاج لهذه الشروط الثلاث لصياغة معادلة الموقف المتوازن المطلوب.
فما هي السياسات الصحيحة المطلوبة منا للوصول الى ذلك الموقف المتوازن؟
وبالطبع سوف نهمل بعض سياسات التهريج الاعلامية التي تعتمدها بعض المجموعات الداخلية وبعض الدوائر الخارجية التي تتحدث عن اقصاء ثلاثة ملايين بعثي عن الوظيفة وعن حقوق المواطنة، بينما الواقع لا يشير الا الى بضع آلاف من المجرمين الصداميين، وهكذا يتم الحديث عن اقصاء معلمين وأطباء وخبراء عن العمل بينما تقترح نفس تلك المجموعات اعادة أسوأ ما في النظام السابق أي رجال الأمن والمخابرات وكبار ضباط المؤسسة العسكرية.
ولكن قبل تحديد السياسات، أعتقد نحن بحاجة اكبر الى تفصيل خلفيات بعض النقاط الخمسة السابقة الذكر.
فضمن تفصيل النقطة الأولى نقول:
عندما أستولت مجموعة البكر- صدام على السلطة باستخدام بضع دبابات للجيش العراقي وبتسلل عدد من البعثيين المدنيين في منتصف ليلة 17 تموز 1968، من بوابات القصر الجمهوري وبتواطؤ للأسف الشديد من قائد الحرس الجمهوري ورئيس الاستخبارات العسكرية لنظام عبد الرحمن عارف ثم أحتلال مبنى الاذاعة والتلفزيون واذاعة بيان واحد حيث كانت تعلم بأن لا قاعدة شعبية حقيقية لها في العراق، بل أن الشعب العراقي لا زالت ذاكرته مليئة بصور الجرائم والانتهاكات التي مارستها هذه المجموعة وأقرانهم خلال فترة الانقلاب الاولى (شباط 1963).
لذا كانت إستراتيجية السلطة الجديدة تتمثل بــ :
1) ضرب القواعد الشعبية للقوى الوطنية العراقية وتصفية قيادات الحركة الوطنية.
2) تأجيج سياسة فرق تسد لمنع تطور وحدة كفاح شعبية ضدها، ومحاولة تخريب أرضية تطور عناصر تلك الوحدة.
3) محاولة بناء قاعدة شعبية لها بشتى الأساليب، سواءاً بوسائل الترهيب أو الترغيب.
من هنا عمل نظام صدام وطيلة فترة حكمه (الـ 35 عاماً) على:
تأجيج الصراعات الجانبية بين ابناء الشعب العراقي على أسس عنصرية ودينية ومذهبية وحزبية وحتى مناطقية وأجتماعية، وهو ما نشاهد نتائجها ومضاعفاتها هذه الأيام، حيث أن سعة قاعدة الأرهاب ووحشيته يشيران الى عمق جذور أرضيته الثقافية والاجتماعية وعمق جذور بنيته التحتية.
وفي نفس الوقت قام بعقد تحالفات مرحلية مع قوى سياسية معيّنة لضرب قوى أخرى ثم ينقلب على تلك القوى المتحالف معها ليواجهها بتحالفات جديدة، وفق تصور عن أولويات الخطر بالنسبة لنظامه الجديد، حتى وصل الأمر الى الاستعانة بمجموعات وشعارات دينية متطرفة خاصة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وذلك لتفتيت المجتمع العراقي ولمواجهة العزلة الدولية بعد غزو دولة الكويت.
وما يهمنا هنا هو توظيفه لمشروع حزب البعث في العراق لمصالحه الضيّقة.
فالمعروف تأريخياً أن صدام لم يكن في موقع هام في حزب البعث ليلة الانقلاب بالمقارنة مع قيادات تأريخية اخرى مثل عبد الخالق السامرائي وسعدون حمادي وصالح مهدي عماش إلا أنه عمل وبعد أنقلاب 17/7/1968 مباشرة على بناء مراكز قوى جديدة وتصفية مراكز قوى قديمة داخل حزب البعث في العراق بما يضمن له بعد سنوات تبوّأ الموقع الاول في الحزب والحكومة، وأعتمد سياسة الاغتيالات الغامضة والمكائد السياسية ومؤامرات خلف الكواليس لتحقيق ذلك.
المشكلة التي تعنينا في هذا السرد هي أن نظام صدام عمل ولسنوات طويلة على بناء حزب للسلطة يضم الملايين من العراقيين، حزب يقوم بالتجسس والدعاية لصالح النظام ويقدم الكوادر التي تحتاجها الدولة العراقية، وتحرك على كل العراقيين لضمّهم الى هذا الحزب، حتى وصل الأمر الى جعل حقوق المواطنة العراقية يمر الحصول عليها من خلال الانتماء الى حزب السلطة (حزب البعث) وصارت بعض المؤسسات والقطاعات الحكومية وشبه الحكومية مقفلة على البعثيين كالتربية والتعليم والامن والجيش والخارجية والمخابرات ومفاصل إدارات الدولة والمحافظات وحتى أجازات الاستيراد الكبرى والمتوسطة والمقاولات الكبرى وأجهزة الرئاسة والسفارات ... الخ.
أما مناطقياً فيعرف المطلّعون أن سياسة التمييز بين المحافظات والمدن والمناطق في الخدمات والأمتيازات التي توفرها الحكومة قد تم اعتمادها من قبل نظام صدام منذ أواسط السبعينات وأزدادت بعد تسلّم صدام للموقع الاول في الحزب والدولة ووصلت ذروتها بعد الانتفاضة الشعبية (آذار 1991) حيث أختصت محافظات ومناطق وعشائر في غرب العراق بأمتيازات كبيرة في قبال أفقار وأذلال وتدمير البُنى التحتية لغالبية محافظات ومدن كردستان العراق ووسط وجنوب العراق، ووصل الأمر الى حد تفكيك معامل ومنظومات صناعية كبرى في الجنوب ونقلها الى الغرب العراقي والى حد أقامة مستوطنات بشرية موالية حول العاصمة بغداد وحول بعض المدن المقدسة والتلاعب الكبير بحدود المحافظات بأتجاه إضعاف محافظات ومدن الاخوة الكرد ومحافظات ومدن الوسط والجنوب.
فضلاً عن تجفيف اكبر واقدم مسطّح مائي في الجنوب (الاهوار) في مقابل أقامة بحيرات صناعية في غرب العراق.
هذا الامر ادى الى خلق طبقة عراقية كبيرة وأوساط عراقية غير قليلة مستفيدة من أمتيازات نظام صدام وأصبح همّ بعض تلك الاوساط أبقاء تلك الأمتيازات مهما كانت جرائم النظام بحق الشعب.
وكما أشرنا في نص مشروعنا ورؤيتنا (التي قدمناها الى دولة السيد رئيس الوزراء في حزيران 2006)، قيام نظام صدام وطيلة عشرات السنين التي حكم فيها بنشر وترويج ثقافة سلطوية مزيفة هدفها تبرير سياسات السلطة التي أشرنا إليها بوصفها سياسات ذات مبررات عقائدية أو مبررات تقتضيها مصالح البلاد العليا أو تقتضيها متطلبات مواجهة تحرك خارجي معادي، بينما هي في واقعها سياسات تخدم فقط مصالح الطغمة الحاكمة في بغداد.
لا نحتاج الى التذكير بأن صدام وعصبته ليسوا ممثلين للسنّة او العرب او لمناطق غرب العراق أو عن تكريت والحويجة والدليم وراوه وعانه وحديثه وغيرها من مناطق الوسط والغرب ولا هم مدافعين عن مصالحها ...
فقد قتل من هذه الأوساط ما هو معروف لأبناءها ووصل القتل حتى لأبناء عشيرة وعائلة صدام وإنما سبب التمييز بين محافظات ومدن العراق هو لدق أسفين الصراعات الداخلية بين أبناء الشعب الواحد ومحاولة بناء قاعدة مناطقية تدافع عن السلطة الحاكمة، وللأسف وقع البعض في هذا الفخ..
مرة ثانية ما يهمنا الآن وجود أوساط عراقية بعثية ومناطقية كانت مستفيدة من أمتيازات النظام السابق، نحتاج الى سياسات متوازنة مسؤولة للتعامل معها بما يضمن حقوقها المشروعة ويبعدها عن الاستقطاب الأرهابي المعادي، من خلال عزل عتاة المجرمين والسرّاق من بين تلك الاوساط وتقديمهم للقضاء العادل المستقل ...، في مقابل طمأنة الباقين بأن مصالحهم وأمتيازاتهم الوطنية المشروعة محفوظة.
وفي تفصيل النقطة الثالثة (من النقاط الخمسة في بداية هذه المناقشة) نقول
ان من الأخطاء التي يمكن ان ترتكبها هذه الحكومة المنتخبة الدستورية أو ترتكبها القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية وفي الحكومة، هو عدم أخذ وجهات نظر ومواقف ومطاليب ومخاوف وآلام وآمال الملايين من العراقيين من ضحايا النظام السابق بنظر الأعتبار... فمجموع عوائل ضحايا نظام صدام في كل مناطق العراق من أقصى شمال كردستان الى أبعد نقطة من جنوبه ومن ديالى حتى الأنبار، تشكل قاعدة مليونية كانت بمجملها قاعدة أنتخاب أعضاء الحكومة ومجلس النواب.
تلك العوائل التي قام النظام السابق بأعتقال وتعذيب وقتل أبنائها أو قام بتشريدهم ومصادرة بيوتهم ومزارعهم وممتلكاتهم وأنتهاك حقوقهم الوطنية والأنسانية، ولازال الآلاف من تلك العوائل لا تعرف حتى قبور ومصير أبنائها ولم تستعيد حتى بيوتها التي لا تملك غيرها ولا التعويض عنها...
نقول ان ذلك ليس فقط من زاوية الحسابات السياسية لأنها القاعدة الانتخابية لقوى العملية السياسية والحكومة العراقية ورأسمالها المضمون في مواجهة اعدائها ...
ولا لأن ذلك يعني خيانة البرامج والوعود الأنتخابية التي تم تقديمها خلال الانتخابات، لأنه ربما سيطرح البعض حسابات سياسية اخرى قد توازن الحسابات الاولى، وأنما ومن زاوية مشروع المصالحة الوطنية نفسه الذي يعتبر من أولويات الحكومة العراقية وكل الاطراف الإقليمية والدولية التي تريد أستقرار وأزدهار وديمقراطية العراق.
من زاوية مشروع المصالحة، ستكون هناك قنابل والغام موقوتة كبيرة وخطيرة مزروعة في الواقع السياسي والاجتماعي قد تنفجر مستقبلاً وتسبب مشاكل كبيرة فيما لو تم أنصاف أنصار الشريحة الحاكمة السابقة قبل أنصاف الضحايا، وفيما لو تم أستفزاز مشاعر وعواطف الملايين من الضحايا عندما يرون جلاديهم يشغلون ثانية مواقع السلطة وأجهزة الأمن والمخابرات، وعندما يشعرون أن امتيازات جلاديهم أو أنصار الجلادين أو الذين كانوا متواطئين معهم هي الاكبر وآليات منحها أفضل وأسرع، بينما تسير الاجهزة التي صنعتها الحكومة والبرلمان لأنصاف ضحايا النظام السابق سير السلحفاة وتقف أمامها العشرات من العقبات البيروقراطية الكؤودة.
إن أستفزاز مثل هذه الشريحة الواسعة يؤدي الى شيوع حالة من التوتر والريبة وعدم الرضا بين صفوفها، وهذا يجعلها في أستعداد عالي للاستجابة لأي تحريض للأنتقام ممن ظلمها في السابق أو ممن يساعد الذين ظلموهم أو الذين لا ينصفونهم وبالتالي جعل البيئة الاجتماعية عرضه للاشتعال والانفجار عند ابسط أحتكاك وبسبب أصغر مشكلة، وكما شاهدنا في أحداث السنة الاخيرة.
وهذا يعني على المدى المتوسط والبعيد أجهازاً كاملاً على مشروع المصالحة الوطنية.
أن فن المصالحة يعني كسب شرائح وأوساط جديدة الى العملية السياسية ولكن مع الاحتفاظ بالقوى والشرائح الموجودة داخلها والداعمة لها، ويعني أيضاً أن التركيز على معالجة تداعيات مشكلات سابقة وقائمة يجب ان لا يؤدي الى زرع بذور مشكلات وانشقاقات مستقبلية خطيرة.
أما في تفصيل خلفيات النقطتين الرابعة والخامسة (من النقاط الخمسة المذكورة في بداية المناقشة) فنقول:
يعلم أغلب المسؤولين والمتصدين في الساحة العراقية وجود ضغوط دولية مباشرة وعلنية واخرى سرية وغير مباشرة (تصاعدت أخيراً) على الحكومة العراقية وعلى السيد رئيس الوزراء وزعامات الكتل البرلمانية الكبرى وعلى مواقع اخرى في الدولة، لأنجاز بعض المطاليب في عدد من الملفات الحساسة التي تشكّل محوراً للتجاذب السياسي داخل البلد، ومن تلك الملفات ملف (البعث والبعثيين والأجتثاث) وملخص مطاليبهم تتمثل:
1) أعادة بعثيين كبار الى مفاصل الحكومة العراقية.
2) أعادة بعثيين من المستويات الحزبية العالية والمتوسطة الى المؤسسة العسكرية.
3) أعادة ضباط الامن والمخابرات من البعثيين الى اجهزة الأمن والمخابرات (بل وتم أعادة ضباط مهمين في عهد/الحكومة المؤقتة/ قبل ثلاث سنوات خاصة المختصين في عهد صدام بملف القوى الاسلامية وملف ايران وسوريا، وذلك بالتنسيق بين رئيس الوزراء العراقي انذاك وبين بعض الاجهزة الامريكية المعروفة).
4) ويطالب البعض حتى بالسماح لحزب البعث السابق بالعمل السياسي.
ولولا المقاومة الصلبة لعديد من مسؤولي (الحكومة الانتقالية) و(الحكومة الدائمة الحالية) والكتل البرلمانية الكبرى، لكانت أغلب تلك المطاليب قد تم فرضها من خلال الضغوط،، بالرغم من الرفض الشعبي الواسع لها في مختلف مناطق العراق.
البعض يرى بأن مبررات تلك المطاليب الامريكية، قد تتمثّل:
1) بسعي الادارة الامريكية الى ارضاء من يقاتلها بالسلاح في العراق، للتوصل الى اتفاق معها يقلل من حجم خسائرها ومن مدة بقائها، خاصة بعد تصاعد صراع الديمقراطيين مع الجمهوريين.
2) وسعي الادارة الامريكية الى تحييد شرائح واسعة من قيادات وقواعد النظام السابق في صراعها المركزي مع من تسميهم (بالقاعدة) او الأرهاب الدولي وترى إن أستيعاب شريحة واسعة من البعثيين العراقيين في اجهزة الدولة وفي العملية السياسية يؤدي الى ابعادها عن البؤر الأرهابية وحرمان تلك البؤر من حاضنتها الاولى داخل العراق، ويضرب البعض مثلاً يعتبره ناجحاً لهذه السياسة وهو ما يجري هذه الأيام من تكتل للعديد من القوى التي تسمي نفسها مقاومة ضد المجموعات التكفيرية والقاعدة القادمة من وراء الحدود.
3)كما وترى بعض الدوائر الامريكية ان أعطاء أمتيازات واسعة للبعثيين قد يؤدي الى تقليل مشاعر بعض أوساط السنّة في العراق بكونهم مهمّشين او انهم ليسوا شركاء حقيقيين في القرار، لأن أغلب القيادات البعثية والعسكرية والأمنية في عهد صدام (خاصة بعد تسلّم صدام الموقع الاول في الحزب والدولة والجيش في تموز1979) هم من السنّة ومن بعض مناطق ومدن المنطقة الغربية في العراق .. وإن قام صدام بتصفية القيادات من (الموصليين) و(السامرائيين) وحتى الجبور وهم من السنّة ايضاً.
4)كما وينظر بعض المسؤولين او المخطّطين السياسيين الامريكيين الى حزب البعث (بوصفه حزباً علمانياً) قادراً على الحد من نفوذ الأسلاميين العراقيين الذين لا ترغب الادارة الامريكية بهيمنتهم على القرار السياسي العراقي، ويبدو ان اولئك المسؤولين الامريكان لا يهتمون ولا يكترثون بالثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب العراقي جرّاء قيام حزب البعث بذلك الدور.
وربما يتذكر بعض المتابعين، ان بعض هذه المخاوف الامريكية تعود لأكثر من عقد من الزمان قبل سقوط صدام، مثلاً في عام 1990 كتب (غراهام فولر) الباحث السابق في وكالة المخابرات المركزية، كتب دراسة لصالح مؤسسة (راند) للأبحاث والمرتبطة بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) حيث استعرض سيناريوهات التغيير في العراق، وحذر من أن سقوط حزب البعث في العراق، يفتح الباب على مصراعيه لأكتساح الساحة العراقية من قبل التيار الاسلامي (راجع كتاب: هل يبقى العراق موحداً..؟ غراهام فولر).
5) وينظر مسؤولون أمريكان آخرين الى اهمية وجود مؤسسات أمنية عراقية قادرة على مواجهة النفوذ الايراني والتدخل السوري في العراق، وهذا لا يتحقق بنظرهم الا بأعادة بناء اجهزة الامن العراقية بالعناصر البعثية السابقة المتمرسة ولعقود من الزمن... حيث أن القوى الوطنية العراقية التي تشكل عناصرها جسم وقيادة الحكومة العراقية الحالية غير مستعدة لترتيب أولوياتها الداخلية كما تريد بعض الدوائر الخارجية وغير مستعدة لتكرار نفس النهج الصدامي في مجال السياسة الخارجية الذي كلّف الشعب العراقي مئات الالاف من الضحايا والمليارات من الدولارات، وتعتقد بأنه يمكن مواجهة التدخلات الخارجية وخاصة من الجيران برص الصف الوطني وتحقيق مشاركة حقيقية بين القوى العراقية الفاعلة في صناعة القرار واعتماد القواعد الدولية المتعارف عليها في حل النزاعات.
هذا ما يراه البعض من مبررات لتلك الضغوط والمطاليب الأمريكية في ملف (أجتثاث البعث) أما البعض الآخر من السياسيين العراقيين، ممن لا ينظر بحسن الظن والثقة بالسياسات الامريكية بسبب التجارب السابقة المماثلة في العالم، وممن يعتقد وبقاطعية أن الذي يحدد السياسات الامريكية في المقام الاول والأساس هو المصالح الامريكية (المشروعة وغير المشروعة) وليست مصالح الشعوب والدول المحتلة..
هذا البعض يوجز أسباب تلك الضغوط الامريكية المتواصلة على الحكومة العراقية وعلى مجلس النواب العراقي، لأعطاء أمتيازات للبعثيين ولأعادتهم الى مفاصل الدولة وأجهزة الأمن العراقية، نوجزها بالنقاط التالية:
1) منذ البداية (أي في الاشهر القليلة التي سبقت يوم 9/4/2003 أو التي تلتها)
كان هناك موقفين تجاه البعث والبعثيين في أوساط القرار في الأدارة الامريكية، أحدهما يؤمن بضرورة التعامل مع (البعث) كما تعاملت أوروبا وحلفائها مع (الحزب النازي) بعد الحرب العالمية الثانية، لكونه حزباً فاشياً في افكاره وسياساته ورجالاته، فحذف (الحزب النازي) من الواقع الألماني هو الذي مكّن (المانيا) و(أوروبا) و(العالم) من عيش حقبة سلام امتدت لاكثر من خمسين سنة ولا تزال (منذ 1945 ولحد الآن) وبعض قرارات الحاكم المدني (بريمر) تعبّر عن هذا الموقف..
بينما يؤمن الموقف الآخر بضرورة استمرار دور حزب البعث (بشكل ما) في العراق لضرورات المصالح الامريكية المتوسطة والبعيدة المدى، كما خدم البعث المصالح الامريكية في السابق خاصة (بين 1975 – 1990).
ولذا فأن عودة المسؤولين الامريكيين الى الضغط ثانية لأعطاء أمتيازات للبعثيين، قد يشير الى غلبة الفريق الثاني بسبب أخفاقات السياسة الامريكية في السنوات الاربعة السابقة في تحقيق المصالح الامريكية العليا في العراق، والعودة الى محاولة توظيف حزب البعث في العراق، بعد عجز الاجهزة الامريكية عن توظيف وترويض القوى الوطنية العراقية التي تشكّل المعادلة السياسية القائمة والحاكمة في العراق وبعد تصاعد مظاهر سخط شعبي على السياسة الامريكية في العراق.
2) يعتقد أيضاً بعض السياسيين العراقيين، بأن الضغوط الامريكية بهدف إعطاء أمتيازات للبعث والبعثيين (وبعض النظر عن حملة التسويق الاعلامي والسياسي لها)، ليس لها أية علاقة بمشروع المصالحة الوطنية ولا بما يسمّوه بالصراعات الطائفية السنيّة الشيعية، ولا بتلبية مطاليب بعض المجموعات المقاومة للعملية السياسية وللوجود الامريكي في العراق؟! لكسبها الى العملية السياسية..
وانما ترتبط بجوهر السياسة الغربية الثابتة والمعروفة والمتكررة في أغلب مناطق النفوذ ، وخلاصة تلك السياسة، هي أن أغلب القوى الكبرى التي تحرص على أستمرار نفوذها في بلدان العالم، تعتمد عادة على ثلاث سياسات أساسية عامة هي:
أ. منع أستلام القوى الوطنية ذات القاعدة الشعبية الحقيقية والواسعة للقرار السياسي ولمفاصل السلطة في البلد، لأن تحكّم تلك القوى الوطنية المستقلة بالقرار وآليات العمل السياسي، يعني بداية النهاية لأي نفوذ خارجي ويعني بناء دولة وطنية حرة مستقلة قد تشكل عبئاً أضافياً على سياسات ومصالح القوى الكبرى في المنطقة.
ب. بناء مؤسسة عسكرية يُمكن توظيفها عند الحاجة لموازنة قوى الحركة الوطنية والشعبية، وهي الوسيلة المفضّلة لدى الولايات المتحدة وبريطانيا وغالبية القوى الكبرى (كما هو معروف في العالم الثالث منذ خمسينات القرن الماضي والى سنوات قريبة مضت) أي القيام بأنقلاب عسكري لأجهاض اي تغيير وتطور داخلي لا ينسجم والمصالح الدولية.
ج. بناء مؤسسة أمنية قمعية شرسة (تضم عناصر لا تتورع عن أرتكاب أبشع وأوسع الجرائم تجاه أبناء الشعب وكوادر الحركة الوطنية) لضرب نفوذ وفاعلية الحركة الوطنية، وتطويع الحركة الشعبية بالأتجاهات التي تتطلبها السياسات والمصالح الدولية غير المشروعة.
وفي تقدير بعض دوائر القرار، فأن البعثيين هم الأكثر أهلية وأستعداداً لِلَعِبَ هذا الدور في العراق وتجربتي (أنقلاب شباط 1963 وما أعقبها من مجازر) و(أنقلاب 17 تموز 1968 وما أعقبتها من تصفيات واسعة لقيادات وكوادر كل القوى الوطنية العراقية وكذلك أنتهاكات وحشية لحقوق الانسان العراقي وبشكل لم يشهد تاريخ العراق المعاصر مثيلاً لها) تؤكد ذلك.
لذا يعتقد البعض ممن لا يثقون كثيراً بالسياسات الدولية بان البعض يُريد بناء تلك المؤسسة العسكرية وتلك الأجهزة القمعية بعناصر البعث، تمهيداً لأنسحاب القوات المتعددة الجنسيات الجزئي أو الكامل من العراق في السنوات القادمة مع ضمان أستمرار النفوذ السياسي والامني والاقتصادي وحتى الثقافي لبعض القوى الكبرى في هذا البلد.
3) كما أن الضغوط الأمريكية المتصاعدة على الحكومة العراقية لأعطاء البعثيين أمتيازات من خلال الالحاح على تغيير قانون اجتثاث البعث، في نظر البعض قد يعبّر عن تنازلات أمريكية جديدة للنظام الرسمي العربي (خاصة للأسرة السعودية الحاكمة التي تتمتع بعلاقات قوية مع بعض مراكز القرار في واشنطن)، فالسعودية خاصة وأغلب الحكومات العربية عامة (وبالرغم من الجرائم التي ارتكبها صدام بحق شعوبهم ودولهم) لا تنظر بعين الارتياح للتغيرات السياسية والأجتماعية والثقافية التي تجري في العراق بعد سقوط نظام صدام، وتقف مجموعة متشابكة من الاسباب والعوامل التأريخية والطائفية والاقتصادية والسياسية والامنية خلف ذلك الموقف الغريب لأغلب الحكومات العربية (وهو ما يفسّر مواقف فضائياتهم الأعلامية الشامت والمحرّض، وكذلك ما يفسّر تواطؤهم مع خطط تعبئة ودعم وتهريب الأرهابيين العرب الى العراق).
أن سعي الولايات المتحدة الامريكية الى زيادة دور بعض الحكومات العربية في العراق، ينسجم تماماً مع مطاليبها بأعادة دور البعث والبعثيين في الحياة السياسية في العراق، لأنها تعلم بأن غالبية القوى الوطنية العراقية وخاصة الحاكمة منها في هذه المرحلة لا تثق بسلامة نوايا وتوجهات غالبية الحكومات العربية.
نحن هنا سوف نهمل وجهة النظر التي لا تثق بنوايا وسياسات الأدارة الامريكية، بالرغم من وجود الكثير من الشواهد والتجارب السابقة في العالم التي تدعم وجهة النظر هذه، ولكننا نناقش وبأختصار المبررات التي يطرحها المسؤولين الامريكيين لتبرير ضغوطهم لتعديل او ألغاء قانون هيئة اجتثاث البعث واقرار النص الجديد المعنون بقانون المصالحة والمساءلة، فنقول:
1)لم يقدم البعثيون العراقيون اي دليل عملي على تغيير العقلية السابقة التي كانوا يحكمون العراق بها خلال عهد صدام، ولم يقدموا أدانة واحدة لما تم ارتكابه من جرائم وحشية في العراق باسم البعث ولم يجروا أية تعديلات على نهجهم الفكري والسياسي والتنظيمي.
2)لم نتعرف لحد الآن على الثمن المناسب الذي سوف يحصل عليه الشعب العراقي في مقابل السماح لعودة البعثيين الى مفاصل الدولة وأجهزة الامن والمخابرات والجيش، ولابُد أن يضع الجميع اوراقه على المائدة لنعلم مدى توازن الصفقة المزعومة.
3)كل التأريخ المعاصر لمسيرة البعث في العراق يؤكد اعتماد البعثيين على الاغتيالات والانقلابات العسكرية وعلى المكائد السياسية المتناقضة مع الآليات الديمقراطية، ولذا فأن تمكينهم مرة اخرى من مفاصل الدولة والجيش والأمن يعني تعبيد الطريق لهم لأنقلابات ومغامرات سياسية قادمة.
4)إنصاف الاخوة السنّة في العراق لا يمر إطلاقاً من خلال إعطاء الامتيازات للبعثيين، وخير دليل على ذلك الدور الذي تلعبه بعض المجموعات الارهابية البعثية (بضمنها المجموعات المتستّرة بالعناوين الاسلامية) في ضرب أكبر فصيل سنّي مشترك في العملية السياسية وهو الحزب الاسلامي العراقي، ودور تلك المجموعات البعثية المسلحة في تدمير مقومات حياة المواطنين في أغلب مدن ومناطق غرب العراق ذات الاغلبية السنية، فضلاً عن دورها في باقي مدن ومناطق البلاد المختلفة، علماً بأن الجميع يقولون بأن حزب البعث لم يكن حزباً دينياً ومذهبياً خاصاً بشريحة عراقية معينة.
5) التجربة العملية لحكم البعث في العراق (طيلة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي) والتي أدت الى قيام حروب وصراعات وتوترات خطيرة في المنطقة‘ عرّضت ليس فقط مصالح العراق والمنطقة بل أستقرار ومصالح العالم الى الخطر الكارثي، فمن السذاجة السياسية التفكير ثانية بدور ما للبعث والبعثيين في العراق، فضلاً عن ان ثمن ذلك الدور سيكون عبارة عن أنهار من الدماء الجارية ..، ولا نعتقد بوجود مغامرين بهذا المستوى في الادارة الامريكية في واشنطن ولندن.
6) لا يُمكن بناء نظام سياسي ديمقراطي جديد في العراق (كما تزعم الادارة الامريكية بأنها تريد ذلك)، بنفس النُخَب العسكرية والأمنية التي كانت تقود وتدير النظام الدكتاتوري السابق.
الخطوط العامة للمقترحات
إذن على ضوء النقاط السابقة الذكر وخلفياتها وملابساتها ، يمكن إن تكون معادلة الموقف المتوازن المطلوب تجاه ملف (البعث والبعثيين والاجتثاث) متكونة من تكامل العناصر التالية ، والتي سنذكرها ادناه بمستوى الخطوط العامة ، مع التأكيد على إن الجانب المهم في الملف ، ليس هو أبقاء عنوان (هيئة اجتثاث البعث) او عدم بقائه او إقرار عنوان هيئة جديدة مثل (هيئة المصالحة والمساءلة) او (المسائلة والعدالة) وغير ذلك من العناوين ، وإنما الجانب المهم في هذا الملف هو المحافظة على عناصر اساسية في هذا الملف تحفظ التوازن بين ثوابت الدستور وبين المصالحة ، والعناصر هي :
أولاً- الانتماء الى حزب البعث في عهد صدام ليس جرما بحد ذاته ، لا دستوريا ولا وفق اعتبارات اخرى ، نعم الحزب محظور في ظل النظام الجديد ، وسنتكلم عن هوامش هذه المسالة لاحقاً .
ثانياً- يبقى من حق كل بعثي عراقي يشعر بالغبن من قرارات (هيئة اجتثاث البعث) التي تم اتخاذها تجاهه ، ان يتظلم قضائياً ويقدم الأدلة اللازمة لإثبات براءته من الاتهامات ، وإذا ما تم إنصافه قضائياً فمن حقه المطالبة بحقوقه الممنوعة عنه بسبب تلك القرارات . ولا يُحَّدد ذلك التظلم بزمن محدد ، كما يتم دراسة كل حالة على حدة ، ولا يحق لأية جهة إلغاء كل قرارات هيئة اجتثاث البعث السابقة لمجرد وجود بعض حالات الفساد الإداري فيها .
ثالثاً- كما يبقى من حق كل مواطن عراقي تقديم دعوى قضائية ضد البعثيين الذين ارتكبوا بحقه الجرائم ، والمطالبة بمعاقبة المجرمين الذين يتم ادانتهم قضائيا ووفق القانون والمطالبة بالتعويض عما لحق به او بعائلته من اضرار .
ولايُقيد ذلك الحق بزمن محدد (لان تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم) كما انه وبسبب تعقيدات ظروف ارتكاب الجرائم (في العهد البائد) مثل استخدام غالبية رجال الأمن والمخابرات الأسماء المستعارة وتبعثر الأدلة بين عدة جهات واستمرار خوف الضحايا في الوقت الحاضر والفساد الإداري وعدم النزاهة السائدة وبنطاق واسع في العديد من أجهزة الدولة التي تمر من خلالها شكاوى ودعاوى ضحايا البعث الصدامي .
رابعاً- إتاحة الفرصة العادلة لجميع العراقيين باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية والقومية والمذهبية والاجتماعية والمناطقية (بما فيهم البعثيين السابقين) للمشاركة في بناء العراق الجديد والمشاركة في خيراته والتمتع بحقوق المواطنة فيه وتشجيع البعثيين على الانخراط في الحياة الطبيعية ، وبالتالي تقديم نموذج ناجح آخر لقدرة العراقيين على قهر التحديات وإيجاد النظام السياسي العادل وبناء حضارة إنسانية أخرى ، كما تمكنوا من ذلك قبل آلاف السنين وعلى هدي رسالات السماء .
خامساً- حفاظاً على ثوابت الدستور والنظام السياسي الديمقراطي الجديد في العراق ، يمنع ولفترتين دستوريتين على الأقل (ثمان سنوات) منعا باتاً عودة أي بعثي ومهما كانت درجته الحزبية من العمل في أجهزة الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية والأمن الوطني وكذلك في مستوى القيادات العسكرية والحكومية المفصلية ...
وتفتح أما مهم مجالات العمل الأخرى في القطاعات المدنية وغير الأمنية ، ويتم انجاز معاملات تقاعد البعثيين الذين كانوا يعملون في الأجهزة الأمنية في العهد السابق ، خاصة وان غالبيتهم قد تجاوز (أو على وشك تجاوز) سن التقاعد الرسمي (63 سنة) .
سادساً- يتم تشجيع البعثيين الراغبين في العمل السياسي في العهد الجديد ، على إجراء مراجعة شاملة للفكر والممارسة والسياسات التي تميز بها نظام الحزب الأوحد في العهد الصدامي ولفترة 35 سنة (أي حزب السلطة حزب البعث) ، خاصة وان صدام افرغ شعارات الحزب الثلاث (وحدة – حرية – اشتراكية) من مضامينها وقام أيضاً بتصفية رفاقه الحزبيين وقادة الحزب التاريخيين بنفس شراسة قتل الوطنيين من قادة وكوادر الحركة الوطنية العراقية .
وبالتالي تسبب صدام في فقدان الحزب (خاصة بعد تصفيات 1973 و 1979) دوره كحزب سياسي تغييري ، وتحوله الى منظمة بوليسية للتجسس والإرهاب والى أداة قمع لصالح سلطة صدام وعائلته .
وتشجيع البعثيين على استيعاب متغيرات القرن الحادي والعشرين التي عزلهم صدام عنها لثلاثة عقود ونصف ، وتشجيعهم على إدانة الجرائم التي تم ارتكابها بحق العراقيين باسمهم والاعتذار للشعب والأمة عنها وفرز المجرمين الذين ارتكبوها عن صفوفهم ، وبدء تغييرات جذرية في الفكر والمنطلقات لتحويل (البعث) الى حزب عراقي وطني يحترم آليات العملية السياسية ثم تمكينهم من تقديم طلب (بعد إجراء تلك التغييرات) الى مجلس النواب للنظر في إعادة الموقف من المادة الدستورية التي تحظر العمل باسم حزب البعث وتحظر كل كيان او نهج يتبنى فكر ورموز البعث الصدامي .
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته