البلدان الديمقراطية التي تعتمد على مجلس منتخب من اعيانها (بغض النظر عن التسميات) الية ًلتشريع القوانين لايمكن تجاوزه او ممارسة الضغوط عليه بأعتباره (المجلس ) هو من يقرر ويتحكم بالقوانين وفق الية معتمدة مسبقا ،
بالنتيجة تجد ان تلك الشعوب(البرلمانية) تمتلك صمام امان لالية صنع القرار وتشريعه اذ لايمكن لاي اجندة ان تُنفذ بقانون الى بعد مرورها وفلترتها من خلال ذلك المجلس الذي يمثل رأي الشعب . صحيح قد تعاني تلك البلدان خلافات مستمرة بين اعضاء سلطتها التشريعية خلافا للانظمة التي تعتمد على الية حكم الامراء والملوك كسلطة مطلقة في كل المفاصل ، لكن هذا الخلاف عادة ما يؤدي تدريجيا الى تقدم البلدان ديمقراطيا . العراق واحد من تلك البلدان التي من ّالله عليه ان تكون سلطته التشريعية (البرلمان) اداة فاعلة في تشريع القوانين ... وفعاليتها تكمن ليس في انجازها عددا كبيرا من القوانين ، بل في عدم امكانية املاء شروط عليها من قبل السلطة التنفيذية لسبب واحد وهو عدم انسجام كثير من الكتل البرلمانية مع الحكومة ، وبأعتبار ان البرلمان العراقي متعدد الاطياف والمذاهب والايدلوجيات السياسية فلاتستطيع اية قوى سياسية تمرير قانون (ما) بواسطة الاكراه والضغط انما من خلال التوافقات وتحالفات الكتل السياسية وربما تمثل ذلك واضحا بأتفاق رباعي او ثلاثي ، او ضمن اطروحة التنسيق البرلماني ، وهذه التحالفات وفّرت على الجمهور جملة من الصراعات الفردية التي كانت تحدث بين البرلمانيين في بداية العملية السياسية ، وان كان البعض يعد تلك التوافقات معولا هدّاما للديمقراطية الحقيقية كونها تكبل الدور الرقابي لعمل البرلمان وهذا واضح المعالم في تجربتنا البرلمانية اليوم ، لاسيما اذا كان المشهد الرقابي يتعلق بمن ينتمي الى الاغلبية البرلمانية وهذا هو حال اللعبة الديمقراطية ، من يملك اصواتا اكثر يضمن تمرير القوانين اكثر وادارة دفة الحكم بالاتجاه الذي يرغب . كركوك واحدة من حزمة الازمات التي (واجهت وتواجه وستواجه) البرلمان العراقي وبالتالي الشعب العراقي . صحيح ان الواقع الديمغرافي في كركوك يمثل اشكالية مستعصية الحل تأريخيا ، مضافا الى السياسة الرعناء التي اتبعها النظام السابق في ادارة هذه الازمة كونه تعامل مع القضية من منطلق انه يملك القوة الكافية لتحقيق طموح يمثل بالنتيجة هزيمة مناوئيه ممن كان يعتقد انهم (عصاة ) وشكلت سياسة التعريب تلك حالة اجتماعية لايمكن اليوم العبور فوقها واهمالها او اعادتها الى سابق عهدها كونها صارت واقعا حتميا . ما يحدث اليوم لكركوك (برلمانيا) هو حالة تصفية حسابات سياسية لأن القوى البرلمانية المبعثرة خارج التكتل الرباعي استطاعت ولأول مرة ان تجمع قواها من حيث الموقف والعدد في هذه القضية لتشكل قوى(22) تموز التي استطاعت ان تمرر قانون الانتخابات ب(127) عضو برلمان وتقول كلمتها في كركوك مقابل كلمة تحالفات اخرى ، بغض النظر عن ايجابية او سلبية الاداء البرلماني في هذه القضية ، لكن ثمة ظاهرة جديدة برزت وهي تجمع التنسيق البرلماني الذي شكل بمجموعه العددي رقما مهما في تمرير القوانين في البرلمان . ان ما حصل في قضية كركوك هو محاولة تغيير الخارطة السياسية البرلمانية وبالتالي لايمكن تفسيرها الا على اساس (رد الصاع صاعين ) . ربما ستشكل هذه الظاهرة حافزا امام قوى 22 تموز للمضي قدما في ايجاد تكتل يقابل التكتل الرباعي خصوصا بعد انضمام جزء من التوافق وربما مستقبلا تركمان الائتلاف الى هذا التجمع . كركوك مقدمة لجملة من القضايا التي جرت رياحها بما لاتشتهي سفن الاغلبية سابقا وهذا ما سيجعل المواقف تقرأ بأتزان اكثر، وتوافق برلماني اكبر، وتنسيق مواقف اوسع . اخيرا لايمكن ان تحل قضية كركوك الا بعد تجاوز فكرة 22 تموز والقادم كفيل بتغيير المواقف السياسية.
أقرأ ايضاً
- العراق والكرد والنفط وكركوك، أزمات أم أوراق تفاوض؟
- تعالوا إلى كلمة سواء.. نقاط عشرة للمرجعية العليا كفلية لإحلال السلام في كركوك!
- إكراما للبارازاني أمريكا تحتل كركوك!