ما زالت تداعيات سرقة القرن وهروب أبرز المتهمين فيها "نور زهير"، فضلا عن شبكة التجسس داخل مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تتصدر عناوين الأخبار، الأمر الذي بات يؤرق الحكومة ويضع مستقبلها السياسي على المحك.
الانتقادات السياسية، حول أداء برنامج حكومة السوداني تصاعدت مبكرا، رغم استبعاد سياسيين عراقيين تورط الأخير في هذه القضايا لاسيما شبكة التنصت والإبتزاز، إذ رأى النائب مصطفى سند، اليوم السبت، أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لم تحقق تقدما في حسم اربع ملفات مهمة في برنامجها الحكومي.
وفي 19 آب الماضي، صدرت أوامر اعتقال بحق مسؤولين كبار في مكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لتورطهم في إدارة شبكة تنصت تم الكشف عنها داخل القصر الحكومي في بغداد الأسبوع الماضي، بحسب مصادر سياسية.
ومن أبرز الذين صدرت أوامر اعتقال بحقهم السكرتير العسكري للسوداني الفريق أول عبد الكريم السوداني، ومدير مكتب السوداني إحسان العوادي، وأحمد إبراهيم السوداني، مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات الذي يترأسه السوداني، وفقاً لصحيفة العالم الجديد.
وقال سند في تصريح صحافي، إن “البرنامج الحكومي الذي تعهد السوداني بتنفيذه لازال متلكأً في اربعة ملفات مهمة ورئيسية اذ ان نسبة التقدم بها لازال ضعيفا ودون مستوى الطموح”، مبينا أن “حكومة السوداني حظيت باستقرار سياسي وبدعم كبير من قوى الاطار التنسيقي وهذا لم يتم توفره في الحكومات التي سبقتها، لذلك فأنها مطالبة بتنفيذ البرنامج الحكومي بنسبة عالية جدا”.
وأضاف أن “الملفات التي فشلت بها حكومة السوداني، هي الكهرباء حيث كان الموسم الصيفي هو الأسوأ، وكذلك ملف المياه حيث وصل الخزين إلى 5 مليار متر مكعب وهو أدنى خزين مائي على مدى تاريخ العراق وكذلك ملف التواجد التركي وتوغل قواته الى مسافات واعماق خارج الاتفاق مع الحكومة التركية، فضلا عن عدم إجراء تحسن في ملف السلة الغذائية”.
وأشار إلى أن “هناك جيوش الكترونية وإعلامية تقف وراء الترويج الحكومي لهذه الملفات”.
وكشف رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، من أربيل في 4 أيلول الجاري، في مؤتمر صحفي غلب عليه التوتر والصراخ، صدور مذكرة قبض بحقه على خلفية التحقيق في “سرقة القرن”، مؤكدا أن نور زهير، “قام بتزوير 114 صكاً مالياً، وعليه أن يعاقب بـ114 حكماً”، وكشف عن أنه “سرق 720 دونماً في شط العرب” جنوب العراق.
إذ أبدى رئيس النزاهة، غضبه العارم وهو يصرخ بسبب ما وصفه بـ”استضعاف الهيئة اختفاء ملفات من قضية المتهم نور زهير لدى القاضي ضياء جعفر”، مؤكدًا أن “هذه التطورات تشكل تحديًا كبيرًا لجهود مكافحة الفساد واستعادة أموال الدولة المنهوبة”.
من جهة أخرى، أكد القيادي في دولة القانون رحمن الجزائري، اليوم السبت، أن “الاجتماعات الأخيرة، أظهرت عدم رضى جزء من الإطار بضمنهم دولة القانون على حكومة السوداني، واعتراضهم هو على الورقة السياسية التي لم تنجز، وعدم جدية السوداني بإكمال المشروع الذي اتفق عليه الإطار”، مبينا أن “هناك استحواذ على السلطة في قضية تعيين جزء من المقربين من عشيرته، وعملية الاختراق الأخيرة لمحمد جوحي في داخل مكتب رئيس الوزراء، فهذه تؤثر على أسلوب الإطار بتغيير عملية رئاسة الوزراء”.
وأضاف ان “الاعتراضات جاءت ايضا على الاتفاقية مع الإقليم والحلول الترقيعية معهم التي انفرد بها رئيس الوزراء بإعطاء الإقليم مبالغ لتمشية الأمور وعدم محاسبة الإقليم للمبالغ المستحقة في ذمتهم وإرجاعها إلى وزارة المالية، فضلا عن الاتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية والقرارات التي انبثقت منها الخاصة بالوضع الاقتصادي وإخراج المحتل من البلاد، فكل هذه الأمور تؤثر على بقاء حكومة السوداني لأمد أطول أو تجديد الولاية له”.
وكان رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي حذر في 5 أيلول الجاري من، التجاوز على القضاء والحكومة والبرلمان عبر الإعلام، بداية خطيرة قد تكون تداعياتها “أخطر من الإرهاب”، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى “انهيار النظام السياسي”، وذلك تعقيبا على مؤتمر رئيس النزاهة “الفضائحي”.
وهزت قضية “سرقة القرن” الأوساط السياسية في البلاد، لاسيما بعد الإعلان عن متهمه الرئيسي نور زهير، ثم خروجه من البلاد بالرغم من قرار منعه من السفر للمثول أمام المحكمة، ثم ظهوره في لبنان وقبلها على فضائيات يهدد “بالتحدث عن أسماء والكشف عن كل شيء”، في حال تمت محاكمته علنياً.
الجدير بالذكر أن سرقة القرن، تم الكشف عنها في عهد وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، عام 2022، حيث كشف خلال إعلانه استقالته من منصب وزير المالية وكالة، عن سرقة 2.5 مليار دولار (3.7 ترليون دينار) من أموال الضريبة في مصرف الرافدين الحكومي.
وكانت القوات الأمنية اعتقلت المتهم الأبرز بسرقة القرن، نور زهير، في 24 تشرين الأول من 2022 -خلال عهد حكومة مصطفى الكاظمي-، قبيل فراره لخارج العراق بطائرة خاصة من مطار بغداد الدولي، حيث جرى منع الطائرة من الإقلاع بعد صعوده على متنها واعتقاله.
وأثارت القضية سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد، حيث باتت حديث الشارع العراقي والأوساط السياسية وغيرها حتى انتقل صداها إلى خارج العراق لتتناولها وسائل إعلام عربية وغربية.
وأكد قاضي محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة ضياء جعفر، في تصريح سابق، أن "عملية إطلاق سراح نور زهير أحد المتهمين بسرقة الأمانات الضريبية بكفالة مالية تمت استناداً لما ورد بقانون أصول المحاكمات الجزائية بعد أن أبدى استعداده لتسليم المبالغ المالية المترتبة بذمة شركاته وإجراء التسوية المالية البالغة أكثر من تريليون وستمئة مليار دينار خلال فترة زمنية محددة"، مؤكداً أنه "لا صحة لما يتداول بأن إطلاق سراح المتهم نور زهير كان لغرض السماح ببيع العقارات المحجوزة وأن جميع العقارات محجوزة ولن يرفع عنها لحين اكتمال التحقيقات".
وأضاف جعفر في حينها، أن "المتهم نور زهير سيحال على المحكمة المختصة لإجراء محاكمته أصولياً بعد تسديده كامل المبالغ التي بحوزته"، مضيفاً أن تسليم المبالغ المالية يعد من الظروف للأحكام القضائية".
وأوضح أن "السبب بقبول المحكمة بما عرضه المتهم بالتسوية المالية هو عدم وجود مانع قانوني يحول دون ذلك إضافة الى أن استحصال المبالغ المالية المسروقة بعد صدور أحكام مكتسبة درجة البتات يستوجب إجراءات مطولة من دوائر التنفيذ لبيع العقارات عن طريق إجراء المزايدات الأمر الذي قد يطول بمدد طويلة".
واكد جعفر في حينها، أن "المتهم نور زهير لديه عقارات واستثمارات تفوق المبلغ الاجمالي للأموال المسروقة من التأمينات الضريبية ومن المستبعد ما يشاع عن إمكانية هروبه خارج البلد بعد خروجه بكفالة مالية قياساً بحجم استثماراته وعقاراته المحجوزة من قبل المحكمة باعتبار أن ذلك سيتيح للدولة بمصادرتها".
يشار إلى أن حكومة العراقية أعلنت في تشرين الثاني من العام الماضي، عن تسوية ملف “سرق القرن” عبر مبدأ الإفراج المشروط مقابل استراداد الأموال المنهوبة وذلك خلال مؤتمر صحافي لرئيس الوزراء محمد السوداني.
أقرأ ايضاً
- العراق يوجه رسائل "متطابقة" الى جهات دولية وعربية بشأن تهديدات إسرائيل
- المرجع السيستاني يعزي بضحايا باكستان ويدين الهجوم الإرهابي على الابرياء
- الرئيس البيلاروسي: العالم على شفير حرب عالمية ثالثة