بقلم: علي حسين
نعرف من متابعة الأخبار في أرض الله الواسعة أن الهدف من تأسيس الأحزاب في الأنظمة الديمقراطية، هو رفد الحياة السياسية بوجوه جديدة تسعى لخدمة المواطن. في الديمقراطية العراقية وحساباتها "البنكية"، فأن الأحزاب تتشكل من أجل الحصول على مزيد من الأموال والامتيازات والجكسارات.
بالأمس دار حوار بيني وبين أحد الأصدقاء عن الأحزاب الجديدة التي رفعت شعار الدولة المدنية واختارت لها أسماء براقة عن الإصلاح والنزاهة والليبرالية، قال لي الصديق إن الفرصة سنحت له خلال الأيام الماضية لزيارة مقرات بعض الأحزاب التي تشكلت مؤخراً، والتي يدعي أصحابها أنها أحزاب مستقلة انبثقت من احتجاجات تشرين. فماذا رأيت؟ يقول الصديق؛ أحد الأحزاب يتخذ من بيت فخم له في اليرموك مقرا له، حيث تقف أمام المقر السيارات الحديثة، وحين تسأل أصحاب الحزب الناشئ: من أين لكم هذا؟، يسود الصمت.
حزب آخر يدعي الليبرالية، ويطالب بإعادة الحكم الملكي يتخذ من منطقة الجادرية مقراً لليبرالية الجديدة، وأمام المقر تقف السيارات المضللة، وحزب آخر لا يبتعد عنه سوى عشرات الأمتار يدعي أصحابه أنهم يسعون إلى محاسبة الفاسدين.
كل هذه الاحزاب "الواثقة" من نفسها تثير السؤال المحير: من يموّلها ؟.
قلت للصديق العزيز: هؤلاء هم امتداد لأحزاب صعدت على أكتاف شباب تشرين، البعض منهم اصبح مستشارا في الحكومة والبعض الاخر تسلل الى مكتب رئيس الجمهورية، ولا ننسى الذين ذهبوا صوب مكتب رئيس مجلس النواب.
وكنا قد شاهدنا من قبل مشاهد مثيرة، مثل مشهد عربة "التكتك" التي أبحرت ببعض النواب إلى قبة البرلمان، فيما اختار البعض أن يؤدي القسم الشعبي تحت نصب جواد سليم، وحاول بعض النواب آنذاك وهم يعبرون بخطواتهم عتبة البرلمان أن يقدموا للشعب مشاهد تبهجه، وفاتهم ان شؤون البلاد والعباد لا تدار بالتكتك ولا بالشعارات ولا بالهمسات والاتفاقيات الغامضة.. لا بد من أشياء أخرى مقنعة للناس وهذا ما يجب أن يتوفر في الأحزاب التي ترفع شعار التغيير وتنادي بإرساء أسس دولة مدنية.
وحري بأهل هذه الأحزاب الجديدة أن يكون شغلهم الشاغل هو التكفير عن سيئات الأحزاب السابقة التي لا تزال تتخذ من تقاسم الكعكة العراقية منهجاً ثابتاً لها.
ولهذا يا أعزائي أيها السادة ساكني قصور اليرموك والجادرية والحارثية وما شابهها والذين يبدو أنهم "واثقون" من دخول قبة البرلمان، العراقيون اليوم وبعد أن قدموا آلاف الشهداء في المعركة ضد الإرهاب، وفي ساحات الاحتجاج يريدون أن يدخلوا مثل سائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الفشل والانتهازية .. يا أعزائي أصحاب الأحزاب الجديدة؛ الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا من قراءة الشعارات.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- الإجازات القرآنية ثقافة أم إلزام؟