تبحث قوى سياسية عراقية في بغداد، إعادة منصب نائب رئيس الجمهورية الذي كان معمولاً به بين عام 2004 ولغاية يونيو/حزيران من العام 2015، حين اتخذ رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، حزمة من القرارات الهادفة إلى تقليص النفقات المالية بالبلاد، وإغلاق أبواب الصرف غير المهمة بالدولة في ذروة الحرب على تنظيم "داعش"، والتي رافقت أزمة مالية حادة مع تراجع أسعار النفط.
ووصل عدد نواب رئيس الجمهورية إلى ثلاثة في العام 2015، حيث شغل كلّ من نوري المالكي، وأسامة النجيفي، وإياد علاوي، مناصب نواب رئيس الجمهورية، مع تخصيصات ونفقات مالية تصل إلى نحو مليون دولار شهرياً لكل مكتب من مكاتب النواب الثلاثة.
ولا يتمتع منصب رئيس الجمهورية في العراق بأي صلاحيات تنفيذية، بحسب الدستور الذي أُقرّ عام 2005، إذ حُصرت الصلاحيات التنفيذية بشكل كامل برئيس الحكومة، بينما مُنح رئيس الجمهورية مهامّ تشريفية، مثل توقيع المراسيم الجمهورية، وتقليد الأوسمة والأنواط، وتقديم مقترحات للقوانين والتشريعات، وتمثيل العراق في المحافل الدولية، وهو ما يعيد الجدل بشأن جدوى وجود منصب نائب الرئيس أو نواب الرئيس، في ظل تصاعد الدعوات لتعديل الدستور.
واليوم الثلاثاء، قال نائبان في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، في أحاديث منفصلة أجريت عبر الهاتف، إن هناك توجهاً لإعادة منصب نائبي رئيس الجمهورية، ويكونان من القوى السياسية العربية السنية والشيعية، وتجري اتصالات لبحث ذلك مع رئيس الجمهورية الجديد عبد اللطيف رشيد.
وقال أحدهما لـ"العربي الجديد"، إن إعادة المنصبين حسم بشكل شبه كامل، وتبقى بعض التفاهمات حول الأسماء المطروحة، معتبراً أن "التحرك الحالي هو لمعالجة خلل دستوري بعدم وجود نواب للرئيس"، وفقاً لقوله، فيما أشار آخر إلى أن "عودة تسمية رئيس الحكومة الجديد لنواب له من داخل كابينته الوزارية، كانت من ضمن اتفاق على إعادة منصب نواب رئيس الجمهورية أيضاً".
وكشف عن طرح أسماء محدودة لشغل منصب نائبي رئيس الجمهورية، من دون الكشف عن أي منها، لكنه أكد لـ"العربي الجديد"، أن الاختيار سيكون من القوى العربية السنية والشيعية حصرا، في تكرار لنهج المحاصصة الذي أعادته العملية السياسية بقوة إلى الواجهة أخيراً، رغم رفض الشارع العراقي له.
وفي هذا السياق، قال النائب عدنان الجابري، إن "الكتل السياسية، بعدما أنجزت ملف الحكومة، ستبدأ بمناقشة تسمية نواب رئيس الجمهورية، وهذا يُعدّ جزءاً من عملية الاستحقاقات الدستورية التي تأخرت أكثر من عام، منذ إجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي"، بحسب ما نقلته صحيفة "المدى" العراقية.
وتابع الجابري، أن "هذه المناصب لن تتراجع عنها الكتل السياسية"، معتبراً أن القوى السياسية تعتبر تلك المناصب من "ضمن الاتفاقات التي تمخضت عنها عملية تشكيل الحكومة".
وفي تأييد لإعادة العمل بمنصب نائبي الرئيس، لفت الجابري، إلى أن "التجربة السابقة أظهرت لنا أن رئيس الجمهورية يحاول في بعض الأحيان أن ينفرد بالقرار، مستغلاً عدم وجود نواب له، كما حصل مع برهم صالح عندما رفض بعض المرشحين لمنصب رئيس الوزراء".
ولفت إلى أن "هناك عدداً من المرشحين لهذه المناصب، وهي ستدخل ضمن الاستحقاقات الانتخابية للكتل، بالنظر لما حصلت عليه من مقاعد وحصصها الوزارية".
وشهدت الدورات الانتخابية الثلاث التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق، وجود أكثر من نائب لرئيس الجمهورية، ووصلوا إلى ثلاثة نواب في العام 2015، قبل أن يقود رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي حملة واسعة لإلغاء المناصب الفخرية والوظائف التي تكلف الدولة مبالغ كبيرة، مع ذروة الإنفاق العسكري للعراق لطرد مسلحي "داعش" من المدن التي احتلها صيف عام 2014، شمالي وغربي البلاد.
ولم تتفق القوى السياسية على إعادة المناصب لاحقاً، بسبب عدم الاتفاق عليها، رغم إقرار المحكمة الاتحادية عدم دستورية قرارات رئيس الوزراء بإلغائها.
وأشار الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي، إلى أن "إعادة مناصب نائب رئيس الجمهورية، لا تتجاوز كونها تأكيداً لعودة العملية السياسية إلى مربع المحاصصة الأول الذي تكوّن بعد الغزو الأميركي عام 2003، أو ما يمكن الاصطلاح عليه بأنه إعادة ضبط المصنع للعملية السياسية".
وأضاف النعيمي لـ"العربي الجديد"، أن "منصب نائب رئيس الجمهورية من ضمن الأمور التي أوردها الدستور دون أن يحدد طبيعة عمله أو مهامه"، متسائلاً: "إذا كان رئيس الجمهورية نفسه بلا صلاحيات تنفيذية، فماذا ستكون فائدة نائب الرئيس، وما الداعي لأن يكون له نائبان، إلا محاولة ترضية وتوزيع كراسٍ بين الكتل السياسية؟"، واصفاً الخطوة بأنها "هدر مالي بغطاء دستوري وبعلم سياسي".
أقرأ ايضاً
- السوداني يلتقي الرئيس التركي في إسطنبول
- بارزاني يبحث مع الحكيم "التغييرات السياسية" في المنطقة
- تعزز مصالح سياسية معينة.. انتقادات برلمانية لمبدأ "السلة الواحدة" في تشريع القوانين