نبه ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، السبت، من تنامي ظاهرة مقلقة وخطيرة تهدد شريحة الاطفال في العراق والعالم وهي ظاهرة ارتفاع نسب الاصابة بامراض التوحد بشكل مخيف، مطالبا الجميع بتحمل مسؤولياته للمحافظة على مئات الالاف من الشباب العراقي من الاصابة بهذا المرض.
وقال الشيخ الكربلائي خلال كلمة القاها في حفل اطلاق فعاليات شهر التوحد السنوي الذي اقامته هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية المقدسة بمناسبة يوم التوحد العالمي في الثاني من نيسان، وحضرته وكالة نون الخبرية، "اود ان انبه الى انه هناك ظاهرة خطيرة تهدد شريحة الاطفال في العالم ومنهم الطفل العراقي، ولو اطلعنا على الارقام التي تنشرها المعاهد والجامعات العالمية والاحصاءات الواردة من الجهات المختصة في العراق لوجدنا امامنا ظاهرة خطيرة ومقلقة جدا تهدد اعداد كبيرة من اطفال العراق ومعنى ذلك ان هناك فقدان ربما لمئات الالاف من شبابنا في المستقبل ان لم نولي هذه الظاهرة الخطيرة والعناية والاهتمام الكافي ربما هناك اعداد كبيرة على مستوى العالم عموما والعراق خصوصا سنفقدهم من الحياة ليس بمعنى الفقد الجسدي بل الفقد العلمي والروحي والنفسي والاجتماعي وغير ذلك من هذه الاخطار التي تهدد مستقبل الطفل في العراق ودول العالم، واطلعت امس على احصاءات وقد تم تحديثها الان وباعداد اكثر مما سوف اقرأه عليكم وحسب بعض الاحصاءات ان هناك نسبة من اصابات الاضطرابات النفسية والسلوكية التي تصيب الطفل ومن بينها مرض التوحد هناك 75 اصابة للاطفال من كل 10 الاف شخص، ولو احصينا عدد نفوس العراق الآن مع الزيادة السنوية المضطردة سنجد ان الارقام كبيرة، وحينما نشرت المعاهد العالمية في الاربعينات كانت الاصابات طفيفة ولكن في الوقت الحاضر تشير الى الاحصائيات الى ان هناك زيادة مضطردة تصيب الاطفال بهذا المرض في العراق والعالم".
واضاف، "ما يهمنا في بلدنا امام هذا التحدي الكبير انه ليس هناك اهتمام كافي بمقدمات توفير العلاج المناسب الدوائي والنفسي والسلوكي والاجتماعي من الجهات المختصة، ولا يوجد توجه كافي للاهتمام بتوفير معاهد العلاج بل مقدمات هذا العلاج، وانطلاقا من اهتمام ادارة العتبة الحسينية المقدسة برفع المعاناة عن كثير من الشرائح في بلدنا العراق والذي يأتي عضدا وعونا للجهود التي تبذلها المؤسسات الحكومية والاهلية في هذا المجال، اهتمت العتبة الحسينية المقدسة منذ عشر سنوات وبدأ معهد التوحد في العتبة بالتعاون مع دار القرآن الكريم ان يكون جزء من العلاج بالقرآن الكريم وبدأ بالتطور الى ان دخلنا في عالم الاختصاص عبر توفير المدربين المختصين في المعهد الذي كان وحيدا في كربلاء المقدسة والان اصبح لدينا 11 معهد للتوحد في العراق، وهناك جهود منذ سنوات عدة اثمرت عن بناء معاهد توحد حديثة جدا وواسعة تستوعب الاعداد المتزايدة كل عام مع ملاحظة عدد الاطفال الموجودين على قائمة التسجيل الاحتياطي من الذين لا تسعهم المعاهد في جميع محافظات العراق وهناك اعداد كبيرة منهم لا تتوفر لهم الفرصة للالتحاق بالمعاهد المختصة لعلاجهم وهم الان قابعون في بيوتهم يعانون وربما سيكبرون وتبقى هذه الحالة لديهم ويصبحون عالة على عائلاتهم والمجتمع.
وكشف عن قرب افتتاح معهد حديث ومتطور وواسع جدا في مدينة كربلاء المقدسة خلال ثلاثة اشهر ومعهد اخر يعد الاكبر في المنطقة يشيد في محافظة النجف الاشرف ومثله في البصرة وميسان والكوت ونحاول ان نبني معاهد مثيلة في اغلب محافظات العراق لتنظم مع مثيلاتها التي شرعت ببنائها الجهات الحكومية والاهلية وتساهم في معالجة هذه الحالات الانسانية، واود التنبيه الى نقطة مهمة تتعلق باهتمام دول العالم بهذه الحالة التي لها جذور عدة واسباب مهمة لكي يكتمل علاج هذه الحالات وتبدأ من العائلة ونحن يجب ان نثقف العائلة العراقية كيف تتعامل مع الحالات التي لديهم، وكذلك كيف تعامل المجتمع مع هذه الحالات، مبديا اسفه الشديد من طريقة التعامل مع المصابين بالتوحد في العراق بوصفه انه امر مؤلم لان المجتمع يتعامل بحالة من الازدراء والانتقاص والاحتقار للاطفال المصابين بهذه الحالة، مما يزيد من معاناته في حين نجد في بعض الدول التي تطورت لديها التوعية والتثقيف والاهتمام والعناية باطفال التوحد ومعاملتهم كاطفال أسوياء ويتعاملون معهم باحترام ومداراة مما يعجل ويسرع علاجهم".
وأوصى ممثل المرجعية الدينية العليا، "جميع ابناء الشعب العراقي ان يكون لديهم اهتمام ومراعاة وحالة التقدير الاجتماعي لهذه الشريحة من الاطفال لكي يعيشوا كبقية الاطفال، مشخصا الامر الاخر بعدم وجود كليات متخصصة لتخريج مدربين مختصين بهذا العلاج، ونجد الان في العراق ان المدربين يخضعون الى دورات تدريبية على يد ملاكات متخصصة من خارج العراق في حين ان بعض دول العالم ومحيطنا الاقليمي اسست فيه كليات واكاديميات لتخريج مدربين ومدربات وتخصصين في هذا المجال، وسنضع انشاء اكاديمية متخصصة بتخريج مدربي تعليم اطفال التوحد في خطط العتبة الحسينية المقدسة لعلاج هذا الحالات، ونود ان نبين للاخوة في وزارة التعليم العالي الى ان يكون هناك اهتمام وفتح المجال امام الجهات التي تريد تأسيس لمثل تلك الكليات والاقسام والاهتمام بهذا الامر واعطائه الاهمية مع ما يتناسب والازدياد المضطرد بالاصابة بهذ الحالات في العراق".
مشاريع ناجحة
من جانبه قال محافظ كربلاء نصيف الخطابي، في كلمة له خلال الحفل، "عودتنا العتبة الحسينية المقدسة على تنفيذ مشاريع استراتيجية ومهمة، ويعد عملها تكامليا مع مؤسسات الدولة وقد نحجت هذه النظرية بسد ثغرات واشباع زوايا قد لم تتمكن مؤسسات الدولة في الفترات السابقة لاسباب متعددة من ان تنجزها بشكل كامل ولكن في هذا البرنامج الطبي والانساني والاجتماعي نرى ان العتبة المقدسة تسلط الضوء وتكشف الغطاء عن زاوية لم يسلط عليها الضوء وعانت من اهمال من مؤسسات علمية كان الاجدر بها ان ترعى هذه الشريحة بشكل كامل من النواحي العلمية والاجتماعية والنفسية وكان من واجبها مواكبة التطور العالمي بهذا المجال بما وصل اليه بآلية معالجة لهذه الامراض"، مبينا ان "هذا العمل الكبير بما فيه من بعد انساني وصحي واجتماعي ولعل ما سمعناه من ارقام مقلقة وتثير الحزن ولكن بنفس الوقت لابد من جعله يشحذ الهمم والتعاون والتنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص ووضع تجارب العتبة الحسينية المقدسة بما تملكه من حس نفسي وابوي لاستنهاض كل الهمم، ونحن في الحكومة المحلية لكربلاء نضع كل امكانياتنا بين يدي هذا البرنامج الانساني المقدس ونؤيد دعوة المتولي الشرعي للجهات الاتحادية المسؤولة للاهتمام بايجاد كليات واقسام تخرج مدربين متخصصين بهذا المجال".
36 الف اصابة
اما رئيس هية الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية المقدسة الدكتور ستار الساعدي، فاشار الى، ان "المدربات اللواتي يعملن في مراكز التوحد لسن خريجات في المجالات الحسية والحركية والوظيفية ورغم ذلك حققن نتائج كبيرة تعد افضل من نتائج الخريجات عن طريق التحمل والتقبل ودمج هؤلاء الاطفال مع المجتمع، وقد اثمرت جهودهن عن ثمرة التحول نحو العلاج التخصصي"، مبينا ان "الاحصائيات العالمية تشير الى ان احصائية عام 1970 تؤكد وجود طفل مصاب من كل2500 طفل اما عام 2021 فيصاب طفل من بين 44 طفلا ، وفي العراق اصبحت عدد الاصابات (36) الف اصابة سنويا اي بمعدل 1 بالالف، ويحتاج علاج المريض بالتوحد الى مجموعة من الاطباء والمعالجين منهم طبيب نفسي وطبيب امراض عصبية ومعالجين من اختصاصات نفسي وحسي وحركي ووظيفي فيحتاج الى فريق متعد الاختصاصات وهو امر صعب والملفت للانتباه ان هذا المريض بالتوحد في مراحله الاولى يمكن دمجه بالمجتمع، ونحن في العتبة الحسينية المقدسة اصبح لدينا الان احد عشر مركز للتوحد موزعة ثلاثة منها في كربلاء المقدسة والنجف الاشرف والبصرة والسماوة والديوانية وواسط وبابل وذي قار وميسان، وفي مراكزنا 729 طفل مصاب تتم رعايتهم من قبل 257 مدرب ومدربة و81 ملاك مساند ومسجل لدينا الان الف طالب ينتظر الالتحاق بالمراكز المعالجة للتوحد، وحاليا لدينا مشاريع انشاء مراكز جديدة لان التوحد هو آفة تنهش الاطفال اذا لم يتم الالتفات لها ومعالجتها، لان المراكز الموجودة لا تغطي الا نسبة 10 % من احتياج العراق وعلينا تغطية 90 % من الحالات الموجودة".
وقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، يوم 2 نيسان من كل عام، يوماً عالمياً للتوعية بمرض التوحد، لتسليط الضوء على الحاجة للمساعدة على تحسين نوعية حياة الذين يعانون من التوحد حتى يتمكنوا من العيش حياة كاملة وذات مغزى كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
والتوحد هو حالة عصبية مدى الحياة تظهر في مرحلة الطفولة المبكرة، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
ويشير مصطلح التوحد إلى مجموعة من الخصائص. وإن من شأن تقديم الدعم المناسب لهذا الاختلاف العصبي والتكيف معه وقبوله أن يتيح للمصابين بهذا المرض التمتع بتكافؤ الفرص والمشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع.
ويتميز التوحد بشكل رئيسي بتفاعلاته الاجتماعية الفريدة، والطرق غير العادية للتعلم، والاهتمام البالغ بمواضيع محددة، والميل إلى الأعمال الروتينية، ومواجهة صعوبات في مجال الاتصالات التقليدية، واتباع طرق معينة لمعالجة المعلومات الحسية.
ويعتبر معدل التوحد في جميع مناطق العالم مرتفعا ويترتب على عدم فهمه تأثير هائل على الأفراد والأسر ومجتمعاتهم المحلية.
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير: عمار الخالدي - علي فتح الله
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق