بقلم: هادي جلو مرعي
الأفعال الطيبة كلما كثرت كان صاحبها على خير في الدنيا لأنها تنتج خيرا أكبر، وكلما كثر المستفيدون منها كان صاحبها رابحا، وقيل: إن سيدة نصحت زوجها الفقير بالذهاب الى موسى ليكلم ربه فيهما لعله يستجيب، ويرزقهما مالا، وقد فعل الرسول، ودعا ربه، ورزقهما، لكنه قال لموسى: إنه سيرزقهما مالا وفيرا لعام واحد فقط، فوافقا بعد نقاش بينهما، وأقنع الزوج زوجته بالموافقة لعل الله أن يحدث أمرا.
قام الزوج الذكي ببناء دار واسعة، وجعل لها أبوابا عدة مطلة على الطريق، وكان الناس يمرون بها فيأكلون، ويشربون، وينامون دون أن يدفعوا مقابل ذلك شيئا، وكان المسافرون يحطون رحالهم عندها فيستريحون، وقد أحدث ذلك أثرا في نفوس العامة، ومضى العام ولم ينقطع رزقهما، بل زاد، ومر عام آخر، فسأل موسى ربه عن سر ذلك؟ فاجابه الرب: إنهما تصرفا برزقي في إكرام عبادي، وإستحقا كرمي، ولايكون العبد أكرم من ربه.
والأفعال السيئة كلما خفت كان ذلك أنفع للعبد، وقد دعا أستاذ طلابه الى وليمة، لكنه جعل قسما منهم يأتون في يوم، وقدم لهم أصناف الطعام، ومالذ منه وطاب، وفي اليوم التالي دعا قسما آخر، وقدم لهم الخبز والبصل، فأكلوا جميعا، لكنهم تساءلوا عن سر إختلاف الطعام؟ فجمعهم، ووضع إناءا، وجعل فيه ماءا ساخنا، وطلب منهم جميعا وضع أرجلهم فيه، وتعداد أصناف الطعام الذي تناولوه، فكان الذين أكلوا الخبز والبصل يذكرون طعامهم بسرعة، ويرفعون أرجلهم من الماء، فلايلحق بهم الضرر، بينما يضطر الذين أكلوا الطعام الوفير الى تعداد أصنافه، فكان الماء يسلخ جلودهم! فقال لهم: من كانت ذنوبه كثيرة، كان أذاه أكبر، ومن قلت ذنوبه قل أذاه. فخففوا أثقالكم.