لأول مرة منذ سنوات، تشهد أسواق الشورجة أحد أكبر الأسواق التجارية وسط العاصمة العراقية بغداد، عزوفاً من قبل المتبضعين، نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار بعد خفض سعر صرف الدينار بنسبة حادة أمام الدولار الأميركي.
وتطبق الحكومة العراقية منذ يوم الأحد الماضي، قرار خفض العملة الوطنية إلى 1450 ديناراً لكل دولار، من 1184 ديناراً سابقا، بتراجع تصل نسبته إلى 23%، الأمر الذي تسبب في إرباك كبير للأسواق مع صعود الأسعار بشكل مفاجئ.
وبدت المراكز التجارية (سوق الشورجة التجاري وأسواق أخرى)، الخميس، خالية من المتبضعين، بينما كانت تغص بالناس في مثل هذه الأيام من كل عام.
وقال عزيز الكناني صاحب متجر رئيسي لبيع المواد الغذائية: "لليوم الثالث على التوالي يخلو سوق الشورجة من المتبضعين الذين كانوا يتزاحمون في السابق لشراء كامل احتياجاتهم، فارتفاع الأسعار الذي صاحب خفض قيمة العملة وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، دفع الناس للمكوث في منازلهم، مكتفين بترقب حالة السوق وسط حالة من الخوف من تدهور أوضاعهم المعيشية أكثر مما عليها الآن".
واعتبر الكناني أن "الارتفاع الكبير في الأسعار خارج عن إرادة التجار بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضوا لها بعد خفض العملة الوطنية أمام الدولار".
بدوره قال علي البصري، مدير أحد مراكز بيع الأجهزة الكهربائية، إن "أصحاب المحلات قد يتعرضون لخسائر كبيرة بعد تكدس البضائع نتيجة لعزوف المواطنين عن الشراء، وكذلك عدم استقرار سعر صرف الدولار".
وأوضح البصري أن" الارتفاع في الأسعار كبير جداً في بعض المواد وخصوصاً الأجهزة الكهربائية والهواتف النقالة والأثاث المنزلي، حيث ارتفعت الأسعار من 30% إلى 40% عن قيمة الشراء الأصلية قبل ارتفاع سعر الدولار"، متوقعا أن يستمر الوضع الحالي لشهور في ظل تدهور الوضع الاقتصادي لمعظم العراقيين، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود.
لكن أستاذ الدراسات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية، عبد الرحمن المشهداني قال إن الارتفاع الكبير للأسعار لا يوازي الصعود الذي سجله سعر صرف الدولار، حيث تجاوزته بكثير.
وأضاف المشهداني، أن ركود السوق العراقية وخلوها من المتبضعين نتيجة فعلية لجملة القرارات التي اتخذتها وزارة المالية متمثلة بخفض سعر الدينار واستقطاع نسبة من رواتب الموظفين وزيادة الضرائب، مشيرا إلى أن هذه القرارات انعكست سلباً على الناس، بسبب اعتماد السوق العراقية بنسبة تصل إلى 90% على السلع المستوردة التي تباع بالدولار وليس بالدينار.
وبررت وزارة المالية قرار خفض قيمة الدينار بمواجهة الأزمة المالية التي تتعرض لها البلاد، إثر تراجع أسعار بيع النفط في الأسواق العالمية، بسبب تداعيات فيروس كورونا الجديد. والعراق، أحد البلدان ذات الاقتصاد الريعي، حيث يعتمد على إيرادات بيع النفط لتمويل ما يصل إلى 95% من نفقات الدولة.
لكن النائب في البرلمان، حامد المطلك قال إن "جميع الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة خاطئة وغير منطقية والمتضرر الأكبر منها هو المواطن، إذ ظهرت آثارها سريعاً على العراقيين بخلو الأسواق من المتبضعين لضعف القدرة الشرائية، إضافة إلى العامل النفسي المتمثل في الخشية من المستقبل مع ما يمر به البلد من ظروف اقتصادية وأمنية وسياسية".
وأضاف أن "استمرار الحكومة في العمل بسياستها المالية الخاطئة التي أرهقت المواطنين وكبلتهم بالديون قد يؤدي إلى انفجار شعبي وخروج الأوضاع عن السيطرة".
وأمس الأربعاء وجه مجلس القضاء الأعلى في بيان له بـ"اتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق كل من يتسبب بالضرر بالاقتصاد الوطني سواء من تجار العملة الأجنبية أم التجار المحتكرين للبضائع والسلع الغذائية والسلع الضرورية التي يحتاجها الناس يوميا. وطالب المجلس وزارة الداخلية بإجراء جولات تفتيشية لمحلات بيع الجملة وأماكن بيع العملة الأجنبية لضبط المخالفين للقانون.
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق