بقلم: زيد الحسن
الشاي والملح خلدهم التاريخ لما لهم من أثر في ثورات غيرت انظمة وجعلتها ترضخ الى ارادة شعوبها، في مدينة بوسطن بامريكا تشكل حزب الشاي من اناس لايمتون الى عالم السياسة بصلة، لكنهم عرفوا كيفية الوصول الى نبض قلب الشارع، فحينما اصدر قانون الشاي الذي يجبر سكان الولايات المتحدة على استيراد الشاي من شركة بريطانية محدودة هي (شركة الهند الشرقية) ورفع الضرائب على منتج الشاي، تشكلت الثورة وجعلت الشارع يقاطع هذا المنتج، وهاجموا السفن الناقلة للشاي واغرقوها، واما حادثة الملح والمعروفة لدى الجميع فأنها عززت ثورة المهاتما غاندي، وجعلت الشارع يلتف من حوله.
انا هنا لست بصدد تأييد او رفض او تقييم لتظاهرات تشرين او بمعنى ادق ثورة تشرين التي اندلعت يوم واحد تشرين من عام ٢٠١٩، بل ارى ان من واجبي ان اوضح ماحصل لهذه الثورة بدقة وكيف اخمدت وانتهت.
فور اندلاع التظاهرات عمدت بعض الاحزاب السياسية الى تصريحات اعلامية علنية ادعت فيها دعمها الكامل لهذا الحراك وتطالب بتحقيق المطالب للمتظاهرين، هذا من جانب الصحافة والاعلام اما من الجانب الاخر وهو المظلم فقد ارسلت مجاميع من اسافل القوم عتات المجرمين ودستهم في عموم ساحات التظاهر، ليقوموا باعمال شغب والتحريض ضد القوى الامنية وبالفعل تمكنت من تشويه صورة التظاهرات الحقيقية، والبعض الاخر من هذه الاحزاب تعامل بسفالة اكثر ووقاحة لا مثيل لها، فلقد استأجروا بنات الليل وارسلوهن الى خيام المتظاهرين محملات بما لذ وطاب من فجور وحبوب مخدرة و مشروبات كحولية، وفتحوا لهن ابواب المال على مصراعيه، فتحول قسم كبير من تلك الخيام الى بؤرة للدعارة يصعب السيطرة عليه.
الشرفاء في ساحات التظاهر اسقط باياديهم فهدفهم الحقيقي هو خلاص العراق ومطالبهم اصبحت قاب قوسين او ادنى بعد الاطاحة بحكومة السيد عادل عبد المهدي، لكن الحيل الشيطانية لم تكف ولم تخشع من دماء الشهداء الذي صبغ سوح التظاهر، فكان العمل مستمر على جعل الصورة الاكثر بروزاً لدى الاعلام هي صورة التخريب وصورة الفساد الاخلاقي في جميع ساحات التظاهر.
فلنسلم جدلاً ان هذه الساحات فعلا كانت كما اراد لها بعض الاحزاب ان تكون، الان اين ذهب هذا الكم الهائل وهذا الزحف المليوني من الشباب؟ هل عاد الى المصانع والمعامل ليعمل وينتج ويبني العراق؟ هل عادوا الى مشاريعهم التي بنوها في احلامهم بعد تخرجهم؟ و ماذا عن دماء الالف شهيد؟ هل ستتركون عجلات المسؤولين رباعية الدفع تدعس هذه الدماء في نفق التحرير دون اخذ القصاص؟ و ماذا عن الاف الجرحى الذين شوهت وجوههم وصدورهم القنابل المسيلة للدموع و فتكت بصحتهم ؟.
لن تموت ثورة شعب يوما ما، ولم يستمر حكم فاسد ابد الدهر، واكيد سيأتي اليوم المنشود الذي تعاد فيه الحقوق الى اصحابها وهذا وعد من الله ان ينصر المظلوم ولو بعد حين، وقتها سيكون الندم حليفكم وستقعون بشر اعمالكم.
لايوجد قائد لثورة تشرين وهذه منة من الله وليست رزيه، لانها دليل على ان الشعب قد استفاق من سباته وانه كشف عن كذب وعودكم الانتخابية، وهو لم يستغرب من حيلكم الشيطانية في انهاء التظاهرات، فلنصبر ونرى كيف ستنقلب اعمالكم الشريرة ضدكم قريباً ايها المخادعون.
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- وقفه مع التعداد السكاني