بقلم: حمزة مصطفى
ما أحلى السنوات الماضية, كان إختيار رئيس الوزراء الجديد بعد أي إنتخابات برلمانية "نزيهة كلش" آخر همومنا. كنا بدء من زعماء الخط الأول الى العاشر مرورا بالإحتياط والجالسين على المصاطب الى المواطن العادي الذي كانوا يصرون قبل التظاهرات على تسميته "المواطن الكريم" ننام رغدا ونحلم أحلام سعيدة خصوصا ليلة الترشيح. لماذا؟
لأن الموضوع والأمر والشغلة والقضية والقصة مطبوخة حسب المقادير والمقاييس والأوزان والمكاييل.
رئيس الوزراء كان إما يطبخ بالتوافق داخل الغرف المغلقة أو يصل "ديلفري" من دول الجوار كقطع غيار مختلفة ويجري تجميعه داخل القبب المختلفة, مرة قبة البرلمان, مرة قبة الرئاسات الثلاث, مرة قبة الزعامات السياسية ومن ثم يعلن إسمه ونعود للنوم مرة أخرى رغدا بإنتظار الطبخة الثانية وهي طبخة الكابينة الحكومية.
تلك الطبخة التي إما تتأخر لهذا السبب أو ذاك أو "تفتر" داخل القبب بإنتظار بعض الترتيبات.
وفي كثير من الأحيان تكون الترتيبات معقدة بدليل بقاء بعض الوزارات أسابيع وبعضها شهوروبعضها سنوات ومنها ما يستغرق كامل الدورة النيابية التي هي أربع سنوات تقويمية كما يقول دستورنا الجامد ولم نجد وزيرا لكذا أو وزيرا لكيت.
هذه المرة الأمر إختلف تماما والسبب هو الإنتفاضة الجماهيرية الكبرى التي غيرت معظم المعادلات ومن بينها معادلة إختيار رئيس الوزراء حتى لفترة إنتقالية ربما لبضعة شهور.
فلأول مرة منذ 16 عاما يستقيل رئيس الوزراء قبل أن ينهي دورته أو العهدة على الطريقة الجزائرية.
العهدة إنتقلت الى الشارع حيث حركة الإحتجاج لا السفارات. الكتل السياسية وإن كانت لاتزال غير مصدقة ماحصل وتتمنى أن تكون كل القصة مجرد كابوس بعد وجبة دسمة على مائدة أحد الزعماء التوافقيين, فإنها بدأت تدرك أن المعادلة قد تغيرت لكنها لاتريد أن تصدق. والدليل القريب جدا هي مسألة البحث عن رئيس وزراء بديل.
المهلة الدستورية إنتهت عمليا ولا أعرف إن كان سيعلن قبيل نشر أوأثناء نشر هذا المقال إسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء.
وإذا أعلن في الربع الساعة الأخير على الأكثر هل سيكون مرشح الكتل السياسية أم مرشح ساحات التظاهر, أم سيكون توافقيا بين الإثنين.
الخيارات المطروحة ضيقة جدا والأسماء المتداولة متباينة من حيث القدرات والكفاءات والإنتماءات والتوجهات والخلفيات.
ومع أن أحدا لا من الكتل ولا من الساحة أجاب حتى الآن على تساؤل محوري وهو هل أن مهمة رئيس الوزراء القادم سهلة بحيث نبحث عن شخصية تمشي الأمور مثلما نتمناها أم هي مهمة "إنتحارية" مثلما وصفتها في مقال سابق هنا وهو مايستدعي ليس إختيار بل إقناع شخص يقبل أن يكون إنتحاريا؟
حتى الآن لاتوجد إجابة على هذا السؤال. فالكتل السياسية ترشح شخصيات قريبة منها أو تلبي مصالحها في حال تم إختيارها وهو مايعني إنها لاتزال تفكر خارج الصندوق مثلما قلت في مقال سابق, بينما لا أحد يعرف حتى الآن التوجهات الحقيقية لساحات التظاهر بدليل أن تداول العديد من الأسماء والصور المرفوعة والتي لايوجد إجماع ولو بنسبة معقولة على بعضها.
أما ترشيحات الفيس بوك فقد جعلت العشرات ينامون حالمين بالمنصب الذي لم يكلف بعضهم سوى سيلفي في ساحة التحرير.
أقرأ ايضاً
- النفط.. مخالب في نوفمبر وعيون على الرئيس القادم لأمريكا
- حادثة "كروكوس سيتي" أليست رسالة دولية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين"
- أزمة منصب رئيس السلطة التشريعية في بوصلة المرجعية