- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من يدعو للإنصاف .. رجل الدين .. أم دين الرجل ؟..الجزء الأول
حسن كاظم الفتال
مما لا يخفى على أحد اختلاف وجهات النظر وتباين الآراء والرؤى في الطروحات وفي التقييم والتقويم وعليه فانه يحق للبعض أن يبدي رأيه بجرأة وبجدية وموضوعية تامة. ويتحتم على الطرف المعني قبول الأمر بكل انشراح ورحابة صدر. وحين يكون الأمر هكذا يجدر بنا أن نتأمل كثيرا ونتوقف عند آراء البعض حين يرون بأن المؤسسة الدينية قد برعت ونجحت نجاحا باهرا أو على الأقل أدت دورها الفاعل في قيادة الأمم قيادة سليمة. فيما ثمة اعتقاد سائد يرجحه الكثيرون ومن بينهم من ينتمي إنتماء أيديولوجيا وأكاديميا إلى المؤسسة الدينية مفاده أنه ينبغي على المؤسسة الدينية أن تنأى بنفسها عن ولوج الساحة السياسية وتناحراتها وصراعاتها وما عليها أي المؤسسة الدينية إلا أن تنأى بنفسها عن بعض المجالات الفنية والتقنية والأيديولوجيات التي برع فيها المتخصصون وأثبتوا جدارة فائقة في تعاملهم معها مثلما ينبغي على المؤسسة الدينية أن تصون التراث الديني وتتجنب الخلط بينه وبين بعض الممارسات التي لا يميل لها البعض وتتخذ من ذلك منطلقا لتأهيل جيل يواكب الحضارة والمدنية بعد أن ترسخ فيه الثقة بالنفس وتحثه على التمسك بعقيدته تمسكا حقيقيا.
ولعله لم يكن مخطئا كثيرا من يرى أن بعض الأفراد ممن يزعمون بأنهم ينتمون إلى المؤسسة الدينية كان عليهم أن يلتزموا بتوجيهات المؤسسة التي يدّعون بأنهم ينتمون إليها إلا أنهم خالفوا ذلك وأقحموا أنفسهم في مواقع كان عليهم أن يفكروا مليا قبل أن يتورطوا في حشر أنوفهم في منهجيات تلك المواقع ومجريات أعمالها وتصريفها دون أن يتزودوا بالتقوى أو بأية خبرة أو أي مؤهل يؤهلهم للجلوس على كرسي وضع داخل المؤسسة السياسية أو الإعلامية أو الثقافية ينتظر هذا الكرسي من يشغله من أهل الإختصاص بأحقية ليجعله نقطة شروع ينطلق منها حاكم عادل حازم منصف أو قائد مثقف إلى رحاب علمي ثقافي فسيح. ولكن بعض التوهمات أو الأخطاء والتي لعلها لا تغتفر جعلت بعض المتوهمين الذين ساقهم توهمهم وتهويماتهم وغفلتهم إلى أن يتسللوا إلى هذه المواقع إما بخلسة أو بمعاونة من يوالون على عمى وهم لا يتمتعون بأية أهلية ولا يحملون إلا مصطلحات الحرام والحلال والجائز وغير الجائز تلك المصطلحات التي لم يحسنوا حتى إتيانها أو استخدامها في الوقت والمكان المناسب أحيانا. وكم جعلوا أصابعهم في آذانهم كي لا يسمعوا أي نقد بناء أو اعتراض مقبول أو نصيحة مخلصة واستغشوا أزياءهم ومصطلحاتهم ليحاججوا بها الآخرين وأصروا واستكبروا استكبارا. مما أدى إلى أن يكونوا وبالا على الثقافة الدينية وبعد أن خذلتهم أحلام اليقظة الواسعة والتمنيات الخادعة والتصورات الخاطئة وطموحاتهم غير المشروعة راحوا يتخبطون بل يستغشون تبريراتهم غير المجدية وغير المقنعة لكي لا يروا الآخرين وارتدوا عباءات الأعذار التي هي أقبح من الأفعال. هذا التصرف من أولئك المحسوبين على المؤسسة الدينية جلب الويلات للكثيرين وفسح المجال للمتصيدين بالماء العكر أن يجعلوا من الحبة كبة ومن البقة جملا برصد نقاط الضعف واستغلالها للتشهير وبلغ بهم أن يتجاوزوا على هذه المؤسسة النزيهة التي كثيرا ما حاولت بشكل أو بآخر أن تزيل أية شائبة تخل بنزاهتها وأن تبرئ ذمتها من مثل هؤلاء.
وبقدر ما يتعلق الأمر بالرأي المناصر للمؤسسة الدينية بل المنصف بوصفها يرى المنصفون لها أنها قد أدت دورها الفاعل في قيادة الأمم إلى سبل الصلاح والفلاح وإلى بر الأمان وأنقذتها من الإنحدار إلى المنزلقات التي تودي إلى الإنهيار بل وبادرت المؤسسات الدينية الحقيقية بحماية الأمة وصيانة وتحصين كرامتها وحجبها عن الإنجراف إلى شفا جرف الهلكات بعد أن رسخت الثقة في النفوس ورسمت صورا ناصعة جميلة واضحة المعالم براقة تعكس إشعاعات الفكر والوعي والرؤى الواضحة ببيان الصالح من الطالح والهداية إلى أحسن النجدين والإرشاد إلى فرز الغث عن السمين وقوضت كل البُنى الفكرية المنحرفة التي تهدف بعض الجهات المغرضة من إطلاقها هنا وهناك تشويه صورة الدين والمتدينين وكثيرا ما تصدر من أعداء الدين والعقيدة من أجل حرف الإنسان المتدين الذي فطره الله على فطرته فحمل من الإيمان ما يمكنه أن يشق طريقه بصواب تام وباستقامة بالغة وبالسبل الممكنة. وقد أصرت تلك الجهات على تحقيق أغراضها بانحراف المجتمعات عن صراطها المستقيم وسبيلها القويم وكادت أن تحقق مرادها بإطلاقها شعارات براقة يوهم بريقها البعض فيتوهمون بتصديقها لولا وعي المجتمع ويقظة المؤسسة ونظرتها الحادة وقراءتها للأحداث قراءة صائبة وواعية خيبت آمال تلك الجهات التي لم ترعوِ حين تحذر دون أي خجل ووجل وتلمح بشعاراتها بأن على المجتمعات أن تَحْذَر بل وتتخلى عن تلك المؤسسات التي لا يمكنها أن تقود الشعوب قيادة حكيمة
هذه التداعيات حتمت على المؤسسة الدينية في أن تسعى ببذل جهد مضاعف في نشر الفكر والوعي وإعادة الإشراق والزهو للصورة التي يحاول الآخرون تشويهها وأدركت أنه لا يتاح لها أن تحقق مرادها إلا عن طريق رجال دين متميزين يؤدون دورها بموضوعية وجدية ودون أي انحياز إلا للحق والصلاح والإصلاح
وذلك ما حدا بها أي المؤسسة الدينية في أن تأخذ على عاتقها أو تدرج في جدول أولويات مهامها إعداد أفراد متميزين تتخذ منهم رجال دين يبلغون رسالة الإسلام الإنسانية ليساهموا في بناء جيل فاضل يستأصلون منه كل عضو فاسد وتكون مجتمعا سليما معافى من كل الأوبئة والأمراض الإجتماعية والنفسية وغيرها بعد أن تتبنى المؤسسة تهيئتهم تهيئة تامة وهذا ما دعا الناس إلى أن يتخذوا من كل رجل دين مرجعا يلجؤون إليه في حل كل عقدة ودفع كل معضلة إذ أن رجل الدين بما يحمل من علوم دينية وفقهية متشعبة يحسبه الناس أنه هو الأقدر على أن يدفع كل المخاطر عن الأمة
إلى اللقاء في الجزء الثاني
حسن كاظم الفتال
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً